(كلام عابر)
نظام تعيين وزير دولة يعود للإرث السياسي التاريخي الفرنسي والبريطاني منذ عام 1815 بصلاحيات للمنصب تزيد في فرنسا وتختلف عنها في بريطانيا،وكانت الفكرة تقوم على الحصول على ثقة البرلمان أو لإرضاء عدد من الأحزاب أو القوى السياسية. وزير الدولة وزير بلا وزارة، بصلاحيات محدودة وليست له سلطة تسلسلية أو سلطة رقابية،ويقع في مرتبة أدنى من مرتبة وزير في مجلس الوزراء، وقد يكون له دور اجتماعي وإداري وسياســي له، ومهام استشارية محددة ، ويتم تكليفه أحيانا بجانب من مهمات الوزراء، ويبقى خاضعا لسلطة الوزير الأصيل. أحياناً يكون الهدف من تعيين هو تدعيم الحكــــومة ببعض الكفاءات والمؤهلات الخاصة أو العلمية لإنجاح برامج الحكـــــــــــــــــومة،ولكن الحال ليس كذلك في السودان، فقد بلغ عدد وزراء الدولة في الخرطوم رقما قياسيا لا نظير له في بلدان العالم 43 وزير دولة قبل تخفيض العدد في التشكيل الوزاري الأخير، ولا يملك واحد منهم قدرات أو مؤهلات استثنائية أو حتى عادية تبرر تعيينه.
ترسخ لدي انطباع منذ عام 1972،ومن خلال واقعة شخصية، أن وزير الدولة لا حول له ولا قوة رغم أن عدد وزراء الدولة كان قليلا جدا تلك الأيام. في تلك السنة التقيت المرحوم صمويل لوباي وهو كان أول رئيس لي في الخدمة المدنية 1968 حينما كنت مساعد ضابط وكان هو الضابط التنفيذي في بلدية القضارف. طلب إلي أن أحضر لمكتبه في وزارة الحكومة المحلية حيث كان يشغل منصب وزير دولة.مدير مكتبه أيضا الأخ محمود عباس بابا كان نائبا له في بلدية القضارف. قال لي السيد صمويل لوباي، عطر الله ذكراه، إنه يحب أن يؤكد لي أن المنصب لم يشغله عن مشكلتي وأنه قد دعاني لمكتبه ليشرح لي الوضع. مشكلتي كانت فصلي من عملي بولسطة وزير الحكومة المحلية جعفر محمد علي بخيت. قال لي إنه هو نفسه كوزير دولة متضايق من جعفر ومن طريقة تعامله الفجة معه، وأنه مجرد صورة أو ديكور لاستكمال اتفاقية السلام (التي عقدتها الحكومة السودانية في اديس أبابا مع حركة الأنانيا بقيادة جوزيف لاقو)، وأنه لا يود أن يعكر صفو الاتفاقية بالمعارك الصغيرة مع جعفر بخيت. من جهة أخرى هو يود استكمال دراسة سنته النهائية في كلية القانون في جامعة الخرطوم بلا متاعب ثم التفرغ لممارسة مهنة القانون، ولكنه رغم ذلك سيقوم بمحاولة يائسة مع الرجل لكي يعيدني للخدمة.وبالطبع لم تنجح محاولته،واستقر صمويل لوباي فيما بعد في جوبا متفرغا لمكتبه القانوني.
رحمة الله على صمويل لوباي الرجل النبيل الجميل الذي أحبه أهل القضارف وأهل مروي وأهل كل المدن التي عمل فيها بفضل لباقته وطيب تعامله مع الآخرين، والتحية لكل أسرته في جوبا ولإبنه مايكل المقيم في واشنطون.
قبل الختام:
ليت السيد رئيس الوزراء يتكرم بزيارة جبل مرة بعد زيارته لكسلا.
(عبدالله علقم)
khamma46@yahoo.com