تحكى نكتة- او ربما هى حكاية حدثت فى الواقع - ان مدير جهاز الامن والمخابرات السودانى السابق صلاح عبد الله المشهور بصلاح قوش ذهب مرة فى زيارة الى منطقة فى شمال السودان - من المعروف ان صلاح قوش فقد عينه اليمنى فى احدى المعارك فى الجنوب ولذا يرتدى نظارة باستمرار- وخرج الاهالى لاستقباله فقال لهم بعد واجب الضيافة انه كان يود زيارتهم منذ زمن طويل لولا انه يخاف العين - وقد اشتهر أهل تلك الناحية بان عيونهم حارة . فما كان من احد شيوخ مستقبليه الا ان اجابه برد مفحم وذكى : صحى والله ...انت تحتاج واحدة ! تذكرت النكتة وانا اطالع رد الصحفي بالانتباهة اسحق احمد فضل الله على حديث ادلى به مدير الامن والمخابرات السابق والنائب البرلمانى الحالى لجريدة السودانى مستخفا بكتابات الأخير باعتبارها مجرد خزعبلات . ولست هنا بصدد تقييم تحليلات اسحق احمد فضل الله وكتاباته - ولكن رد الأخير وأقوال الاول تستدعى الوقوف عندها لانها تلقى الضوء على ملامح جوانب مظلمة من تاريخ بلادنا وكيف يدار الشأن العام فى الامن والمخابرات والسياسة.وانقل هنا بعضا من رد إسحاق فضل الله كما نشره فى الانتباهة بتاريخ الإثنين ١٠ أغسطس ٢٠١٥م :(واللواء قوش يحدث السوداني ان «اسحق فضل الله يؤلف ما يكتب من خياله».. يعني كذاب > ويحدث عن ايام خليل ابراهيم > ويحدث عن.. وعن > والشيخ اسحق فضل الله يشعر منذ سنوات انه يقترب من القبر ويعجبه حديث ابي بكر الصديق > وابوبكر يقول له رجل : والله لاشتمنك شتماً يدخل معك في قبرك > وابوبكر يقول بهدوء : معك والله يدخل.. لا معي!! > وحديث قوش يدخل معه!! > وقوش يحدث السوداني بانه كان.. وهو مدير لجهاز الامن.. يعلم ويتتبع حركة خليل ابراهيم منذ ام جرس حتى ام درمان > واللواء قوش ان كان صادقاً فهو اذن السبب في قتل عدد «كم هم يا قوش» من المواطنين!! > وقوش ان تكن الأخرى، دخل معه حديثه في قبره > وعن الدبابات التي ضربت خليل ابراهيم ينسب الفضل الى رجاله والى آخرين، وهم رجال قاتلوا بالفعل > بينما ما نعرفه.. ونسكت عليه.. لان رجال ساحات الفداء يقاتلون في سبيل الله .. هو > يوم الهجوم > غرب الجسر الذي يمر بسلاح المهندسين كان يربض رجال الاحتياطي.. ويشتبكون وقوة خليل تبعثرهم بعد اصابات كثيرة.. وكانوا رجالا حقاً > وعربات خليل تصعد الجسر > وشرق الجسر كانت مجموعة الامن والشرطة.. وقليل من الجيش تربض.. > والمجموعة هذه تنظر الى العربات عربات خليل.. عدد ضخم.. وهي تعبر الجسر > والمقاتلون من الجيش والامن يظنون انها قوات الاحتياطي «ملابس جنود خليل كانت هي ملابس جنود الاحتياطي» > وشيء مدهش يحدث.. > احد المصورين من ساحات الفداء يغرسون الرشاش تحت عنقه.. فقد كان يقف في منتصف الجسر > والرجل بهدوء يقول لجنود خليل : انا مراسل محطة كذا الاجنبية.. جئت لاسجل هجومكم هذا > وعربات خليل تتوقف وقائدهم ينطلق في خطبة طويلة > والمشهد ما يزل موجوداً في مكتبة ساحات الفداء > والمصور يحمل الكاميرا بعد التسجيل وينطلق : قال لهم يجب ان اسرع لارسال التسجيل هذا لمحطة تلفزيوني في بلد عربي > ومصور ساحات الفداء ينطلق بعربته يخبر الجنود على الجانب الشرقي ان عربات التمرد هي التي تعبر الجسر > وعريف ممتاز يصوب مدفعه ويحرق عدداً من عربات التمرد.. والهزيمة تبدأ > ورحم الله شهيد المهندسين الذي جاء يجري من بيته بالفنيلة ليقود القتال ). انتهى ومن المؤسف ان يتحدث مدير الامن المخابرات السابق عن احداث ووقائع جرت خلال توليه منصبه الخطير ومن المعروف ان رجال الامن والمخابرات عندما يتقاعدون او يبتعدون يلتزمون الصمت ويصومون عن الكلام فى الأسرار والمعلومات التى انتهت اليهم خلال عملهم وهو تقليد راسخ فى كل اجهزة الامن والمخابرات فى العالم حتى ولو كانت من وزن مغامرات ارسين لوبين و تختخ ولوزة والشياطين ال١٣ التى كان صلاح عبد الله مولعا بقراءتها فى ما يبدو. والرجل قفز الى رتبة الفريق فى زمن التمكين فلا عجب اذا! وملف جهاز الامن والمخابرات خلال فترة رئاسته حافل بالتنكبل بالخصوم السياسيين وبما هو أفظع والانحراف بوظيفة جهاز الامن والمخابرات على المستوى الاحترافي البحت بما بجعل منه غير موءهل فنيا ولا اخلاقيا للتصدى لذلك الموقع ...او كما قال صاحب العبارة الشهيرة هذا اولا . وثانيا فان الفريق والذى انزله اسحق فى رده عليه الى رتبة اللواء استخفافا - الا ترى كيف توزع الرتب العسكرية بين رموز الإنقاذ؟- جانبه الصواب هو واسحاق وهما يتحدثان عن عملية حركة العدل والمساواة فى دخول مدينة أمدرمان فى مايو ٢٠٠٨م. اذ ان وحدات الجيش السودانى وتحديدا سلاح المدرعات كانت من حسم المعركة الاخيرة كما ان تقديرات الحركة فى عدم الدخول فى مواجهة واسعة كانت ستؤدى الى خسائر فادحة وسط السكان من المدنيين ربما أدت بدرجة ما الى تلك النتيجة { انظر شهادة محمد بحر محمدين نائب خليل إبراهيم وأمين قطاع كردفان فى حركة العدل والمساواة فى لقاء اجرته معه ( افريقيا اليوم ) ونشر فى اليوم التالى بتاريخ ١٤ سبتمبر ٢٠١٣م].
والحقيقة ان العملية التى حملت اسم الذراع الطويل كانت أشبه بعملية المعارضة التى قادتها ضد نظام النميرى فى يوليو من عام ١٩٧٦م وسميت بعملية المرتزقة من قبل النظام آنذاك . وفى جميع الأحوال فالاكاذيب لا تصنع التاريخ . وربما كانت عملية الذراع الطويل هى السبب فى افول نجم صلاح عبد الله اذ ثارت شكوك حول مقدرة القسم العسكري فى جهاز الامن والمخابرات على إدارة المعارك الحربية وعما اذا كان متورطا فى عملية داخلية مرتبطة بحزب الموءتمر الشعبى لاسقاط الحكومة وتلك قصة لم تتضح فصولها بعد . والمحزن هنا وهناك ان الدم المسفوح كان سودانيا وذهب سدى فى حرب عبثية المنتصر فيها مهزوم لا محالة .