وقتلت الحكومة العريضة وسلمت الجرة !!
د. على حمد إبراهيم
8 October, 2011
8 October, 2011
بعد اكثر من عشرين عاما من الحل والتشطير والتمزيق والتشقيق ، والمطاردة ، والمصادرة ، والزج فى السجون ، وفى بيوت الاشباح ، وبعد وصفها بالاحزاب فاقدة للبصر والبصيرة ، التى عليها أن تلحس كوعها ان هى ارادت أن يكون لها موقع فى دهاليز السلطة ، وبعد تحديه لها بأن تحمل السلاح ان كانت تريد استعادة السلطة ، لأنه اخذ هذه السلطة بالسلاح ، ولن يسلمها الا لمن يستطيع نزعها منه بالسلاح . وبعد منعها من المشاركة فى مفاوضات السلام بين الحكومة وبين الحركة الشعبية حتى بدرجة المراقب الذى لا يفقده احد اذا غاب ، ولا يحس بوجوده احد اذا حضر . و بعد تزوير الانتخابات بصورة بشعة جعلت حتى المرشح المنافس من هذه الاحزاب المليونية لا يجد حتى صوته الشخصى الذى وضعه بنفسه فى صندوق الاقتراع . بعد كل هذه المرمطة التى تعرضت لها هذه الاحزاب الجماهيرية الكبرى التى كم جرعت حزب السيد البشير فى الماضى القريب كؤوس الهزائم المرة مرات ومرات ، عندما كانت الانتخابت نظيفة ، وغير مخجوجة . بعد كل هذه المحن ، نظر المشير من حوله فجأة وهو يغالب حالة من الضيق من محنته المتجذرة المتفرعة من عزلته الدولية والاقليمية والمحلية المجيدة ، و تذكر السيد المشير ( مشير ، نعم فى الضحا الاعلى والماعجبو يشرب كل مياه قناة السويس ، تذكر السيد المشير احزاب الجن المليونية هذه ، التى ظلت ماكثة فى مكانها القديم مثل شوكة الحوت التى لا تنبلع ولا بتفوت . بل تزيد كل صيف وخريف ولا تنقص . و فكر المشير وقدر . ثم فكر وقدر . ثم نظر . ثم طار فرحا مثل طيب الذكر ارخميدس الاغريقى وهو يصيح مغتبطا وجدتها وجدتها ! لقد خطر بذهنه الخلاق ان يقلب صفحة الإساءات والاهانات القديمة ضد هذه الاحزاب ، ويفتح معها صفحة جديدة ، يكيل لها الثناء العطر المخدر علها تنسى ، خصوصا انها احزاب كانت حتى وقت قريب مرصودة فى خانة فاقدى البصر والبصيرة حسب توصيف رئيس هيئة اركان المهاترين نافع النافع جدا فى طرح الكلام النتن الذى يزكم حتى انف ابى العفين ، ذلك الحيوان الذى لا يجالسه حتى نافخ الكير . لقد جاءت المشير الفكرة الجهنمية بأن يجرجر هذه الاحزاب الفاقدة للبصر والبصيرة لكى تقتسم مع حزبه محن ما بعد تضييع الوطن ظنا منه أنها احزاب بها خصاصة للسلطة ومستعدة لأن تدعك خدودها اليمنى واليسرى على التراب ، لتأخذ علفها السلطوى من ديارها التى خربها الهواة المبتدئون منذ ان قدموا على ظهر دبابة وهم يشرعون مداميك الخراب بأمر البلاغ رقم واحد الذى بدأوا به يوم النطحة الكبرى . قدر المشير انه اذا كشكش لهذه الاحزاب بكيس السلطة ، فسوف تهرع اليه متناسية الجراحات والاهانات القديمة ، مثلما هرعت احزاب الزينة الى حظيرة التوالى التى جمعت كل نطيحة . وكل متردية و كل موقوذة من احزاب الفكة بحسب توصيف شيخ العرب دكتور عمر نور الدائم طيب الله ثراه . قدر المشير انه يستطيع بتلك الكشكشة ان يركم هذه الاحزاب كلها جميعا فى ترلة الانقاذ السائرة على غير هدى ، فان مادت بها الارض ، واصبح كل من عليها فان ، فسوف تكون تلك ميتة جماعية . وقديما قال المثل موت الجماعة عيد . وان سلمت الترلة وسلمت معها الجرة ، وسلم بالتالى كل من كان مطمورا فى داخلها، يكون ذلك هو المرام الذى ما بعده مرام . وهكذا ضرب المشير اخماسه فى اسداسه وضرب اكباد ابله وراء سراب الاحزاب التى استصغرها واستهجنها بالأمس بحسبان أن سرابها البادى هو الماء القراح يجده الظامئ فى البيد الجرداء . ولكنه ، ويللحسرة ، لم يجده شيئا عندما جاءه . بل وجد عنده قادة تلك الاحزاب و فى جعبتهم مطالب يند من قسوتها الجبين . وقيل له امامك هذا فخذه كاملا او دعه كاملا ولا تثريب فى الحالتين . ولكن لابد من الاستجابة اذا اراد المشير الاستجابة من جانبهم . والا فالطريق السريع امامه بلغة اليانكى التى لا تعرف اللف والدوران . نظر المشير فى الامر ، فرأى ما لا يحب ولا يرضى . رأى تحديدا التعامل مع المحكمة الدولية أولا . كان كلاما واضحا لا يقبل التحويل ولا التبديل . ولكنه كان كلاما حارا على سعادة المشير . ورأى دستور جديدا وانتخابات جديدة غير قابلة للخج . ومطلبا بوقف الحروب العبثية فى كردفان والنيل الازرق ودارفور. وكان مطلب توطيد علاقة عسل مع الجنوب الحبيب . لقد رأى المشير كل هذه المطالب العاقلة يرفعها اناس عاقلون حقا وحقيقة . وليسوا فاقدى بصر وبصيرة . و ليس بهم خصاصة للسلطة تجبرهم على لحس الكوع طمعا مستحيلا فيها يعدل طمع ابليس المستحيل فى الجنة بحسب لغة نافع غير النافعة . عدل المشير من جلسته . وتساءل لما ذا كتاب هؤلاء القوم لا يترك كبيرة او صغيرة الا احصاها. و حسم المشير امره بوقف الجرى وراء سراب الحكومة العريضة . فاراح واستراح ولله الحمد والمنة من قبل و من بعد. .
وفرحت طائفة من بطانة المشير من الذين كانت الدائرة ستضيق عليهم ويجدون انفسهم خارج السياج السلطوى الذى تسوروا خلفه عشرين عاما حسوما العام يدفع العام . و لا احد درى أو رأى ماذا تفعل كتائب الغنيمة تلك من عمل بان مردوده على الجباه والجيوب وعلا فى جوف السماء بناطحات السحاب . ولكن كان هناك فرحون من كتائب اخرى منهم هذا العبد الفقير الى رحمة ربه ، ابن عمكم حمد ابراهيم اسماعيل ، الشيخ البدوى الصنديد الذى لا يملأ عينه حتى التراب . لقد فرح العبد الفقير ، ابن العبد الفقير الى رحمة مولاه لفشل مسعى المهرولين لجرجرة حزب الفارس الصنديد الصديق المهدى ، حفيد كسار قلم مكميك ، جرجرته الى الركوب فى الترلة القاصدة الى مظان الضعة والهوان . ولكن الله سلم . فلم تنكسر الجرة . ولم يرق ماء وجه انصار المهدى الامام . وكفاهم الله بفضل مداومتهم على قبض الجمر الحارق ـ كفاهم القتال والعراك مع اناس وفدوا على دارهم خلسة ،و دخلوها من النافذة الضيقة مثلما يدخل ثلج الشتاء من النافذة .
قلت ان كتائبا من صنف آخر فرحت هى الاخرى لانهيار حوارات الطرشان التى استهلكتها، واستهلكت صبرها وقواها بلا طائل يلوح فى الافق منذ جيبوتى التى ذهبوا اليها ليصطادوا ارنبا ، فاصطادوا فيلا وما دروا ان الفيل سيدوس عليهم بخفه الثقيل ويمزق حزبهم اربا اربا . ومنذ التراضى الذى اريد له ان يشحن فيه العالم مثلما شحن النبي الكريم عالم الانسان والحيوان فى ذلك الزمان البعيد فى سفينته ذات الالواح والدسر . ونداء السودان الذى ضاع فى البرية القفر كما يضيع الصدى الضهبان فى الفلاة ولا سميع ولا مجيب . نعم ، قيل ان الأمر قد قضى لأن الحزب الجهبوذ قد رفض العرض القزم الذى يدعوه الى الدخول فى وزارة ستدير ثلاث حروب ماجنة . خطوة متقدمة بلا شك .ولكن باطن الرفض ليس كظاهره تماما . فالأمر ما زال فيه شئ من حتى . رفض للحكومة العريضة . و اتفاق على الاجندة الوطنية . من اتفق مع من . لقد قال "المشيريون" انهم مع اجندة ترقيع الملبس القديم البالى هذا الذى ظل يتدرع به المتنفذون المهووسون بالبقاء فوق ظهر السلطة آناء الليل والنهار على مدى قرنين من الزمن لاعطائه ملمسا ومظهرا جديدين فقط لا غير . لماذا نقول المشيريين ( نسبة للمشير ) شيئا لم يقولوه بافواهم . لقد قالوا انهم جاءوا لترقيع القديم البالى . ولم يقولوا ابدا انهم جاءوا مفاوضين لتنفيذ الاجندة الوطنية ، هذا التعبير المخملى العائم مثل نسيم الدعاش تحس به ولكنك لا تستطيع لمسه بيديك . انه يهفهف الخدود ولكن لا يبللها . لماذا نعدل لهم تعابيرهم التى جبلوا عليها منذ صرخة ميلادهم السياسى . الذى يريد ان ينخدع لهم حبا وكرامة ، يمكنه ان يفعل ذلك حصرا على نفسه . الذى يريد ان يقفز فى السفينة التائهة وسط اعاصير الحروب البلهاء ، وقد ضاع من ملاحها المجداف ، يمكنه ان يفعل ذلك بمفرده ، دون ان يزج معه حزب احفاد ود تور شين و ابوقرجة وابوعنجة والنجومى والزاكى طمل ودقنة ومحمود ود احمد واحمد فضيل ، ذلك الرعيل الراعف بالرجولة الصماء . لقد أسف بعض اركان النظام لانهيار مفاوضات الحكومة العريضة. تذكرون ان بعضهم كان قد فرح لانهيار وحدة البلد الحدادى المدادى ونحر الذبائح . دعونا نفرح مرة واحدة . وأن نستبد بفرحنا هذا مرة واحدة ، وقديما قال الشاعر ان العاجز من لا يستبد . دعونا نفرح بانهيار مفاوضات الطرشان التى نظرت لعدة شهور فى كيفية تشكيل حكومة قاعدة عريضة وهو اسم الدلع لحكومة احمد وحاج احمد تتكون من حزبى الامة والاتحادى. ويبعد منها الحزب الشيوعى وحزب الترابى. لأن الحزبين يضمان مجموعات مهرولة تهفو افئدتها للسلطة بأى شكل جاءت . و تستنشق عطرها الفواح من ذرى المريخ . وتسوق وتسوّق تعبير الاجندة الوطنية للوصول به الى مراميها البعيدة فى الاستوزار . هذا التعبير الذى برع فيه حزب الامة على وجه التحديد وكرره الى درجة الملل هو تعبير هلامى لمجسد هلامى سيتحقق الوصول اليه فقط بعد ضياع ما تبقى من الوطن وبالتالى ضياع اجندة الجميع ، وطنية كانت او غير وطنية .
وياحضرات أهلى الانصار: تحزموا وتلزموا وسدوا الطريق امام اية عودة لحوار الطرشان بين حزبكم وحزب نافع على نافع على خلفية ما ذكر عن لقاء قادم بين كبيركم وكبيرهم . سدوا الطريق دت كى . واتركوا الابواب مشرعة لكل المهرولين من الكيانات الهشة التى تعرف كيف تمسك العصا من منتصفها . وتعرف كيف تلعب بالجرة والحجر فلا تكسرها . فاؤلئك قوم مصابون والمصاب معذور. .
Ali Hamad [alihamad45@hotmail.com]