ومضات (22) : في ذكرى 6 إبريل عن شهداء الثورة أحكي لكم .

 


 

عمر الحويج
6 April, 2024

 

بقلم / عمر الحويج

ومضة : رقم (1)
رأيتها ليس ببصري
لم تكن عيوني معي ، لقد فقدتها ، لكني
أحسست مستقرها ،
بدبيب نحلها في ذبذبات بصيرتي .
حينها صاحت عارية بصيرتي :
وجدتها .. وجدتها . جمجمتي .
رأيتها هناك تتقافز أمامي نافرة .
رأيتهم رفاقي يلملمون بقاياها ..
شظاياها وهم يتزاحمون حولها
وهي التايهة المستنفرة .
وكأنها فرت من قسورة .
حَملُوها في ماذا يا ترى ذاكرتي البضة .. ؟؟!!
جَمَّعُوها في ماذا ياترى سنواتي الضجة .. ؟؟!!
أنهض .. إليهما !!
أسرع .. لأيهما !!
أركض..لكليهما !!
رأيتها جمجمتي دامعة العينين
بلا أعين في محاجرها تودعني وهي تهتف .
رايتني بقلبي النازف دماً بلا أوعية لدمي
أودعها وأنا معها أهتف
رأيتهم معي .. أنا وجمجمتي ..
ومن خلفنا رفاقي نهتف .
وأنا وجمجمتي ..
بلا أعين بلا ألسن وبلا حناجر .
ولكن بأكف رفاقنا وألسن رفاقنا وحناجر رفاقنا
مع الأصبعين عالياً ونصراً .. نهتف
حرية .. سلام .. وعدالة
والثور خيار .. الشعب
***
ومضة : رقم (2)
جيتارك يبكي …… وداعاً
شعرك يتبعثر …… وداعاً
بسماتك .. تلمع …. وداعاً
هتافك يصدح .. يصدع
حرية سلام عدالة ..
والثورة خيار الشعب
***
ومضة : (3)
جاءتها الطلقة الغادرة ست الكل ..
واجهتها بإعلانها عن نفسها ..
في لوحة مضيئة .. إحتضنتها .. في صدرها أمانة :
( أنا جميلة)
(أنا حرة )
( أنا كاملة)
( أنا ملهمة)
تحولت الطلقة .. حين إستقرت في موضع الرحيل
من جسدها النضير ..
حلقت عصفورة .. أصبحت .. أسطورة .
هبطت منجذبة ، تلك العصفورة .. أصبحت أسطورة .
إلى مَن هي إبتسامتها وضاءة ملائكية .
العصفورة .. أصبحت أسطورة .
طارت بها إلى الحياة
التي ذابت فيها عشقاً
حين ضاءت إبتسامتها الملائكية .
حينها شاهدت رفاقها الشهداء معها مصطفين
لإستقبال قادمتهم .. الملائكية
عروستهم المخضبة بدماء الثورة والردة المستحيلة
مِلْؤها .. النصر .. ثم النصر .. ثم الإبهار يزدانه الإنبهار .
مصطفين مصفقين يهتفون ..
حرية سلام وعدالة ..
والثورة .. خيار الشعب

***
ومضة : رقم (4)
همست في أذنه (ود عكر) .. كنداكة
باسمة زاهية مبهورة
أحب فيك ..
جدائل شعرك المسدول طويلاً ..
أحب فيك ..
السيرة
والمسيرة
والسيرورة
الميسورة ..
التقط همسها الآخر بأذنه الممسوسة..
فدس همسها في دروبه المدسوسة..
بعد نحره .. وإخفائه ..
دسوا في جيبه جدائل شعره المنثورة ..
كان يهتف .. ما كان يصمت ..
كان يهتف ..
حرية سلام وعدالة ..
والثورة خيار .. الشعب
***
كبسولة : رقم (5)
(أنا ود عكر) ..إخترقت رصاصة الخيانة - قلبي الأبيض
مِت .. لكني لم .. أتألم
خبأوني عن الأعين ثم دثروني ذاك الأبيض
مِت .. لكني لم .. أتألم
داروا بي حتى إحتواني ذاك البراد الأبيض
مِت .. ولكني لم .. أتألم
حال فاحت منا رايحة عطري الأبيض
شهيداُ كنت : لكني وجدتني .. أتأمل لا أتألم
***
ومضة : رقم ( 6)
منذ الرصاصة القاصدة قصداً صدر الأول
منذ الدعسة العامدة عمداً .. جسد الثاني
سكت النبضان
لكن الروح ..
سرعان ما طارت .. حلقت
لحقت .. بالأشجار التي لا تموت إلا واقفة
صلابة وبسالة
وحلقت .. حلقت
ولازال .. والروحان في الفضاء الرحب
وفي الأفق النعيم .. عناقاً ورونقاً وشجواً
وبينهما .. تتوادد قبضات اليد
وتصميم الحناجر
ورد الخناجر
وسيل الوعي في حبر المحابر
تردد ..
حرية سلام وعدالة .. والثورة خيار الشعب
***
ومضة : رقم (7)
أصابتني رصاصته
من الوهلة الأولى
في مقتل
وعلى الأسفلت ارتميت
ركلني .. بقدمه اليمنى
ليتأكد من انجاز رصاصته .. موتي وفنائي .
لكني .. لم تستشهد
روحي ..
لم يستشهد جسدي بسبب
رصاصته تلك الغادرة
إنما إستشهدت معها إنسانيتي بسبب
المعنى المبني .. على معنى الركلة ..
والروح تهمس .. لازالت .
حرية سلام وعدالة ..
والثورة خيار .. الشعب
***
ومضة : رقم (8)
أتوا به أمام المحقق عارياً من جسده الذي مزقه النازيون الجدد .
المحقق : أنت القاتل
توباك : نعم أنا القاتل
المحقق: كيف قتلته ؟؟
توباك :قتلته هكذا .. بالسلمية .
المحقق:كيف قتلته بالسلمية ..؟؟
توباك : المقتول أمروه بقتلي إذا سمعني أهتف(حرية سلام وعدالة)
المحقق : وهل سمعك تهتف بكلمات الهرج الثلاثية هذه الممنوعة .
توباك : نعم سمعني .
المحقق : وهل قام بقتلك ..؟؟
توباك : لا بل إبتسم في وجهي .
المحقق: ثم .. ماذا حدث له بعد ذلك .. قمت بقتله ..؟؟
توباك : لا .. هم تواروا خلفي .. ثم قتلوه...!!!!
المحقق : هل لديك أقوال أخرى..
توباك: نعم لدي أقوال أخرى
المحقق : قلها .. مختصرة .
أصبحت أنا ..
المقتول .. القاتل !!
وأصبح .. هو مغدوراً .
القاتل .. المقتول !!
***
ومضة رقم (9)
وجدت نفسي مع جموع الثوار
في قلب المليونية الكبرى .
سرنا..ركضنا..رقصنا.
هتفنا ملء حناجرنا.
توسطنا كبرينا الأزرق .
حاصرونا بين دفتيه
قفزت متسلقاً قضبان الكبري الحديدية مع الآخرين .
انكسرت ساقي .. اليمنى .
بعد .. سويعات .. بتروها .
بتروا ساقي .. اليمنى
إستيقظت .. وجدتني دون ساق .
-تذكرت حادثة"كبريهم عباس" وفي مصرهم يومها ثورة .
في إحدى التظاهرات الكبرى ضد الحكم الملكي .
أمر (النقراشي باشا) بفتح كبري الجيزة
ليبتلع النيل المتظاهرين في جوفه
وكانت المجزرة الحزينة في التاريخ مسجلة .
-تذكرتها ونحن نتوسط كبرينا
في حين كان نقراشينا الجديد .. يبحث في مخبئيه البعيد عن وسيلة الشر التي يجيدها .
-أمر جنده أن يبعثوا لنا برسائلهم اليومية المعتادة .
فكانت من نصيبنا مسيلات الدموع والرصاص الصوتي والحي والقذائف المسمارية والبروكلين .
-ونقراشينا الجديد ..
نام يومها نادماً مغبوناً ..
فقد صدف أن كبرينا
لا تفتح بواباته
الآئلة للسقوط سنينا .. فخاب مسعاه .. الشرير .
-نقراشينا الجديد كان غيظه وندمه عظيماً ..
حين لم تلتهمنا الكائنات النيلية أجساداً آدمية .. ولم نمت بالماء غرقاً وأحتساباً كما نوى .
***
ومضة : رقم (10)
المُغتَصَبة:
إستيقظت مستبشرة .. من حلمها .. كان يوم موكبهم أنهاراً .. نهاراً
رأت جموعاً يقتحمون قصرهم أرتالاً ..
فزلزلت الأرض من تحتهم زلزالاً
رأتهم يقتلعونهم إقتلاعاً
كما فعلوا جرماً فينا .. وإغتصاباً
يقتصون منهم حقنا
عنوة واقتداراً
وليس مثلهم إستباحاً وإقتحاماً .
رأتهم جمعهم يستعيد لها بكارة الأرض البكر
عزتها نضارة العذارى سماحة وجمالاً .

***
ومضة : (11)
عدتُ إليهم رفاقي .. من قبري راجلاً وحافياً وثائراً .. لنكمل المشوار معاً .
رجعتُ إلى قبري راجلاً : أحمل معي .. حزمة رمل من شاطئ نيلنا ذاك السليل السلسبيلا.
رجعتُ إلى قبري راجلاً :أحمل معي .. دفء أمي .. وحضن أمي .. والحنينا .
رجعتُ إلى قبري راجلاً : أحمل معي قهوة أمي .. ودفق دمع أمي .. راكزاً رزينا .
رجعتُ إلى قبري راجلاً :أحمل معي فستان زفاف حبيبتي ..أحمر قان ..نازفة ألوانه من قلبها النبيلا .
رجعتُ إلى قبري راجلاً : منتعلاً حذائي الجديد مزخرفاً بدم .. النشيدا .
أهدانيه .. عائداً راجلاً معي .. ليس حافياً ، إلى قبرنا .. شهيدنا الجديدا .
ذاك حين .. رآني عائداً راجلاً .. إلى قبرنا ، بلا حذاء .. لا قديماً لا جديدا
بل .. عائدٌ شهيدٌ من جديد مستجد مجيدا .
***
ومضة : رقم (12)
أمه الأخرى :
- على الجدارية صورة .. تَكَّأت رأسها
بكت ثم بكت ثم بكت
على صدره الحنون
ضمها إليه بل قبل رأسها
فعادت ثم عادت ثم عادت
ما عرفوها .. ولكن الى قبره أرشدوها
فأتت ثم أتت ثم أتت
إبتنت قرب قبره عريشة
فرقدت ثم رقدت ثم رقدت
فطال رقادها ..
فيما بعد عرفوا ..حكاية أمه الأخرى
***
ومضه :- (13)

(الأيقونة)
قالت .. وهي صغيرة :
هاك يا أمي الجمرة دي أطفيها..
عشان ما تحرق الواطيها .
قالت .. وهي كبيرة :
هاك يالعسكري البمبانة الراجعه ليك دي ..
في خشمك .. أحشيها .
عساك تصحى .. وراسك .. تطاطيها
***
ومضة :- (14)

(الحسناء ..)
ربطوه بحجر والقوا به في النيل ..
غاص عميقاً .. في الأحلام
أيقظته حسناء ، حين اقتربت منه مبتسمة ..
همست في أذنه : أنا عروس النيل
همس في أذنها : وأنا عريس المجد
تماسكا ثم غاصا معاً - داخل البراح الهادئ .
***
ومضة :- (15)

(فستان الزفاف)
كانا حبيبين ..
إلتقيا في ساحة الإعتصام
خرجت صباحاً .. جميلاً
لتقتني فستان .. الفرح
حين عادت .. لم تجده
قالوا لها .. لقد استشهد
واصلت عملها في الساحة ..
بفستان زفافها .. !!!
***
ومضة :-(16)

(الأصابع ..!!!)
رفعوا اصبعاً .... إحتيالاً
رفعنا أصبعين .... انتصاراًِ
***
ومضة:- (17)

(نُصب تذكاري)
خبروها عن نُصب تذكاري شادوه .. لحبيبها.
دمعت عيناها حزناً عليه .. ثم لتذكاره .. فرحت.
خرجت صباحاُ.. كي تؤانسه.
لم تجده منصوباُِ .. مكانه .
قالوا لها : لقد منعوه من.. الحضور..!!!
عرفت أنهم مرتين.. إغتالوا شهيدين
دمعت عيناها .. على شهيدها
الأول ..
ثم حزنت ..
على شهيدها
الثاني ..
وعادت بخفي ..قلبين .. حنينين ..

ومضة :- (18)

(الموت .. واقفاُ)
إخترقت صدره
رصاصة معنية به قصداُ ..
إنبثق الدم الأحمر
توقف القلب اليانع الأخضر .
لكن الجسد تآبى على الأرض .. أن يتهاوى .
بل مشى .. ومشى .. ثم مشى .
ممتطئاُُ صهوة قدميه ..
فقد قرر أن يموت
كما الأشجار .. واقفاُ .

ومضة :- (19)

(العالم الشَوًاف..!!!)
رصعت أذنيها بي فدايات الكنداكة حبوبتها .. الحافظاها لي فرحة زفاف.
إتلفحت توب الكنداكة أمها .. الناصع الأبيض الشفاف .
زينت خدها الوضاء ..بي علم بلادها .. المزهر الهفهاف
وبي صوتها الرنان ..
ردد خلفها الثوار
أنضر نشيد .. ثوووورة
صفقة وزغرودة ..
وأعلى الهتاف .. فرحة
نَصَّبت تمثال (حريتنا) بي صورة الكنداكة ..
الأدهشت كل العالم الشَوًاف .
***
ومضة :- (20)

(إستشهاد مؤذن ..)
نهض لصلاتها حاضراُ .. في أول خيوط فجرها .
بتشوفاته الإيمانية المستريحة ..آمنة مضمئنة في ثنايا قلبه..كانت البادئة.
إنطلقت من حنجرته (البِلالية ) .. ( لا إلاه ......)
وقبل أن تلامس القلب العامر بالإيمان كي يكملها بالإثبات
سبقتها الرصاصة المارقة من دينها الى ذات القلب .
فأكتفت الرصاصة المارقة من دينها .. بالنفي (لا إلاه...)
وأنطلقت الحنجرة البِلالية إلى .. بارئها .
دون أن تتركها - المارقة من دينها .. أن تكمل الإثبات ( إلا الله) ..
***
ومضة :- (21)

(الوردة والنهر)
حبيبان عند النهر .. إلتقيا .
أهداها وردة .. أهدتها بدورها إلى .. النهر.
أهداها أخرى .. أهدتها أيضاُ إلى .. النهر .
أهداها ثالثة .. أهدتها كذلك إلى .. النهر .
صاحت .. تأمل .,!!!
مكان الوردة الأولى .. سطعت شمس.
مكان الوردة الثانية .. بزق قمر
مكان الوردة الثالثة .. برقت نجمة
صاح .. تأملي..!!!
من الشمس إلتمعت .. حرية .
من القمرة أشرقت .. سلمية.
من النجمة تلألأت .. عدلية .
سعيداُ - نظر إليها .. سعيدة - نظرت إليه .
تشابكا بالأيدي .. سارا معاُ .. يكملان المشوار.

ومضة:- ( 22)

(يا وطني ..!!)
أنا أحبك يا ..
قالت له :
وهو يقف أمامها شامخاُ قوياُ ..على مدى أفقها الممتد . شاسعاُ ، واسعاُ ، وزاهراُ
أنا أحبك .. أحبك كثيراُ .
قال لها :
وهي تقف أمامه في جمال وردة
- كثيرات هن اللائي قلنها .. فقد ترددت على مسمعي كثيراُ .
- قالت له :
وقد غشتها حمرة خجل .. وإرتعاشة عشق .. ولسعة غيرة .
- من هن ..؟؟؟
- قال لها :
- كثر هن .. حتى أنني لا أستطيع حصرهن .
- قالت له :
- قل لي بعض أسمائهن .. فانا لا أخافهن . بل قد أفخر بهن .. لأنهن أحببنك مثلي .
- قال لها : خذي بعض من أسمائهن ( أماني - وأماني - ومهيرة - ورابحة -وبنونة - وفاطنة السمحة (يكفيك أم أزيدك منهن )
-قالت له :
هن سابقات وإن كن حاضرات .. أما أنا فمن القادمات .
ودون أن تشعر وكأنها تغار منهن .. أسدلت ضفائرها ، سبائكاُ .. سبائكاُِ ، ( فسال من شعرها الذهب ولم ينسكب )
- قال لها مبتسماُ :
أنا أحبهن .. ولكنني أحب القادمات .. أكثر .. وأنت أولهن ..!!!
- قالت له :
وأنا أحبك .. يا من تحتويني بين أضلعك الرباعية .
كثيراُ أحبك يا ..وطني !!!
قالتها : وأنطلقت منها زغرودة طووويلة
***

omeralhiwaig441@gmail.com
///////////////////

 

آراء