ونَحْنُ على بُعدِ عامين من الخيانة التي قامَ بها البعض

 


 

 

نحنُ شعب السودان " عملنا العلينا ". خرجنا في مواجهة نظام زادت جرائمهُ من شراستِهِ من أجلِ أن يبقى. حدّثوني عن شعبٍ واحدٍ عندما ثارَ وجد في مواجهتِهِ مدافع الدوشكا ومدافع مضادّه للطيران وكشكول من الأزياء العسكريه من جيش ودعم سريع وشرطه بمختلف اقسامها من شعبيه الى ابو طيره وجهاز أمن (باتع) ومليشيا طلابيه ودفاع شعبي الى متطوعين تداخلوا إشفاقاً على مصالحهم وقمنا ، نحنُ هذا الشعب الأعزل إلّا من إيمانه ، بهزيمة كلّ هذا الجمع بتضحياتٍ معلومه.
الآن نحنُ على بُعد عامين بعدَ تأريخِ تشكيل حكومةٍ إنتقاليه. ونحنُ ايضاً على بُعدِ نفس الفتره من الخيانه التي قام بها البعض والتي ادخلتنا فيما نحنُ فيه الآن.
ونحنُ الآن أيضاً في أتونِ خياناتٍ مستمرّه تتناسلُ لحظيّاً من بعضها البعض بأيدٍ معلومةٍ لنا جميعاً وبعد إبداءِ تَبَرُّمُنا وبدء الكراسي في التأرجُح ، ذلك التأرجُح الذي تسببَ في خروج الأخ رئيس الوزراء عن صَمتِهِ لأولِ مَرّه ، إذ بنفس تلك الأيدي التي ظلت جالسةً أمام النَول وهي تنسج وتحيك إذ بها تتنادى مرّةً أخرى لِتَسُدَّ الفَرَقَه وتُعيد اللُّحمه خوفاً من أن ينقضَّ الغزل وتضيع المصالح التي ليس من بينها مصلحة الوطن ولم يَكُن.
إهترأت مقولة ( أننا قد ورثنا تركةً ثقيله من النظام المُباد ) بعدَ سنتين من غيابِهِ واصبحت العباره تدعو الى الغَثَيان وإلى الكآبه والأحباط. فبفعل هذه الحكومه وبأيديها وعمداً فقدنا الشرعيه الثوريه في حينِها فَصَحا من الخوف والهلع كلّ أزلامها وبدأوا هجومهم المُضاد في صفاقتِهِ التي نعلم. وبفعلها وبأيديها مازال منسوبو ذلك الكيان يتسيّدون كل مفاصل الدوله وإقتصادِها وأمنِها وجيشِها وشرطتها وخدمتها المدنيه والآن يُنافسون على شوارِعِها .
إنّ من يتحدّث عن وراثتهِ لتركه ثقيله لا يمكن ان (يأكُل بعقولِ أبناءِ شعبِهِ ، محكوميهِ ،حلاوه ). فالوراثةُ تعني موت المُوَرّث والموت هُنا يعني الإزاله ثمّ المحاسبه. فالموت لم يتم وأما المُحاسبه فنحنُ نراها في مُعاونة المتهمين على الهرب.
نراها فيمن رمى بهم سوءِ طالعهم الى المحاكم المهزله التي تقتُلُنا مشاهدتها يومياً. نراها في موارِدِنا المنهوبةُ أمام أعيُننا عن طريقِ مطار الخرطوم ونقاطنا الحدوديه وفي انهيار طريق شريان الشمال وتَفَتُّتِهِ أمامَ الهلع ( النهبوي ) الذي لم يُصدّق عينيه. نراهُ في حِجْوَة ( أُم ضبيبينه) في التحقيق في مأساة فض الإعتصام وأوراقِها واعداد الشهود المُتَحَدّث عنهُم ، وفي الأثناء ، في منع خبراء دوليين من الإقتراب من مشرحة التميُّز. نراهُ في إعلام الإنتقال الذي كفى خَيرَهُ شرّهُ وابتعدَ نهائياً عن خطّ الثوره واتّخَذَ لهُ مُتّكأً على حِيادٍ يُطَفِّفُ بِكَيلِهِ إرضاءً وحمايةً للطّرَفِ الآخر.
ونراهُ في الإختيارات المعيبه لملئ المناصب ثمّ لملئ ما شغَرَ منها او تركِها في حالِها (والله لا جاب عَوَجه) ونراه في الجريمه التي أقضّت مضاجِعَنا وفي العبث الذي اودى بأمننا.
دائماً ما أُذكّر بأنّ إعادة ضباط الشرطه أعاق الاخ رئيس الوزراء دربَها أو قبِلَ بها عن رضى. هذه الإعاده تتقدمها المصلحه العليا للوطن وليس لمصالحِ طالبيها الشخصيه فهذه تأتي في مرتبةٍ ثانيه. جحد هذه الحقوق مقترنًا بما أتى بعاليه من سردٍ يبعَثُ على الحُزن و يُبيّنُ شيئاً واحداً لا يقبلُ اي أحتمالٍ إخر وهو أنّ الأخ رئيس الوزراء هو المسؤول.
التذرُّع بخوفِهِ على فترة الإنتقال يوجبُ عليه مصارحة أربعين مليون سوداني عن كُنه هذا الخَوف في كَلِمةٍ واحده على الهواء وليرى بعد ذلك ما يمكن ان يفعلهُ هذا الشعب المُمَيّز. وإن كان ضالعاً في شيء آخر فلا أحدٌ يُجبرهُ على البقاء وحواؤنا والده.
نحنُ كشعبٍ نفتقد في حاكمينا الصدق والمصداقيه ونفتقد الشفافيه ونُعامَلُ ، ما زلنا ، كالأنعام تُوَجّهُ تحتَ إمرةِ راعيها.
نَبرَة " المؤسّس وشكراً حمدوك " لهي دليلٌ حي على أنّ صفوفنا بها عَوَج يستوجِب التقويم حتى نمضي لغاياتنا ولا نخذل أبناءنا وبناتنا في ثورتِهم وتضحياتِهِم. صدقوني لقد أطلنا النوم او التناوم وأخافُ علينا من ثلاثينيه أخرى او رُبّما خمسينيه فبيننا الكثير من الخيانات والتداخُل المخابراتي الاجنبي بفعل تلك الخيانات.

melsayigh@gmail.com

 

آراء