سألني كثير من الأصدقاء عن رأيي في حادثة الفاشر التي وقعت يوم أمس وأود أن أقول: هناك أخطاء وقعت وتجاوزات حصلت ويجب أن تقوَّم لتسير الثورة في درب واضح ونسترد عافية الوطن في كل بقعة فيه.
سألني كثير من الأصدقاء عن رأيي في حادثة الفاشر التي وقعت يوم أمس وأود أن أقول: هناك أخطاء وقعت وتجاوزات حصلت ويجب أن تقوَّم لتسير الثورة في درب واضح ونسترد عافية الوطن في كل بقعة فيه. لا تحتاج بلادنا في هذه اللحظات لخندقين، بل يجب أن تتوحد الصفوف وتتساوى الكتوف، ففي مثل حالتنا فإن وجود كتوفٍ أعلى تجبُّر ووجود كتوفٍ أدنى ظلم.
لإطلاق عمليات السلام والتعافي والتصالح، نحتاج لكتيبة من الأخيار ليكونوا وسطاء مقبولين من جميع الأطراف، وليس من الحكمة أن ينحاز من يأنس في نفسه الكفاءة إلى طرف دون الآخر، فهي ليست مباراة هلال مريخ، بل هي حوارات ونقاشات ومقترحات وحلول ترضي الجميع ومن هو قمين بهذا الدور يجب أن يكون كفؤاً بسداد رأيه ونفاذ بصيرته لا باستعداء هذا واستلطاف ذاك؛ نحتاج للإعلام البديل وإعلام الثورة ليكون ساحة للحوارات الجادة والنقاشات المثمرة، لا ساحة لمعارك تدمي القلوب وتوغر الصدور.
إن السلام يحتاج لثورة جديدة بل هي ثورات متجددة يجب أن نخوض غمارها معاً بأكفٍ متشابكة وقلوب غير شتيتة، فعملية المشاركة في صنع القرار ثورة، وإعادة التوطين ثورة، وعملية التعويضات ثورة، وإعادة البناء ثورة، وإزالة أسباب الغبن والتهميش ثورة وإقامة المستشفيات والمدارس والحدائق للأطفال ثورة.. كل هذا والسلمية هي السلاح واشتداد السواعد هو الآلية ونقاء السريرة وصفاء النوايا هو الهادي المنير.
صحيح أن الشعب السوداني عاني من نظام الإنقاذ لثلاثة عقود، ولكن مناطق الحرب والنزاعات عانت عشرات السنين، ويظهر أثر الامتيازات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ليس في سيادة اللغة أو هيمنة الثقافة أو شكل الحياة المستقرة بنسبة أفضل فحسب، فلو نظرنا فقط وعرضاً وكمثال لقوائم الترشيحات الوزارية سنجدها محتشدة بمكونات بعينها دون الأخرى، وسنرى الشهادات الاكاديمية وأسباب التأهيل تفيض عن الحاجة وتزيد عن ما هو مطلوب، هذا في مقابل مكونات تحتاج منك التفكير الطويل لتحسب من بينهم المؤهلين للترشيح.. هذا الأمر يحتاج للتخطيط في كيفية إعمال التمييز الإيجابي حتى لا يستمر النزيف وحتى تعيش الأجيال الجديدة في كل مناطق السودان في مساواة ويتوفر معنى العدالة في الفرص.. ببساطة مثل هذا الأمر وغيره ولتقويمه يحتاج للسلام أولاً حتى تكون المواطنة شعور لا شعار . ومع وجود البعض القليل الذين لعبت الصدفة أو الظروف المواتية دوراً في أن ينالوا نصيباً معتبراً من هذه الامتيازات، لكن أغلب بنات وأبناء مناطق الحرب والنزاع أصابوا خبرة ومعرفة وتعليماً عندما أجبرتهم ظروف الحياة للجوء والارتماء في أحضان دولٍ هي من رعتهم وأسهمت في تعليمهم وتدريبهم، لا بلادهم وطنهم ومحط عهد صباهم.
هذه حقائق يجب النظر إليها بإمعان، فالحلول لا تأتي من فراغ، ولكن من استيعاب القضية بشمولها ووضع الحلول بكمولها.
أخيراً، فلنتواضع قليلاً إن كنا نروم مجداً ونبتغي عهداً جديداً، وعلى النُخب كل النُخب، أياً كانوا من عيال الشمال أو الوسط أو عيال الصعيد والجبال أو الشرق أو الغرب، أن يعملوا توازياً للتحول من نُخبٍ تخلق الأزمات إلى نُخبٍ تفك الاختناقات.