وُلد الانقلاب ميتا وفاشلا

 


 

 

1
ما ذكره حميدتي لقناة ال "بي.بي.سي" حول فشل الانقلاب، تحصيل حاصل ، فقد اشار الي فشل الانقلاب وتدهور الاوضاع الاقتصادية والمعيشة والأمنية بعد الانقلاب وأنها اصبحت اسوأ مما كانت عليه، وأن الانقلاب لم يحقق أهدافه ، والحديث الفارغ بأنه " لا طموح سياسي له" ، علما بأنه حديث يستبطن التخطيط لانقلاب عسكري جديد ، عندما يقول أنه سيتدخل لينقذ السودان ، يتفذة ممن ؟ ، فالانقلاب كما اشرنا سابقا وُلد ميتا وفاشلا منذ لحظاته الأولي وباضلاعه المعادية للثورة والشعب والتي تنهب ثروات البلاد كما في: الجنجويد وحركات سلام جوبا والمؤتمر الوطني واللجنة الأمنية لنظام البشير.
فضلا عن فشل مخطط اجهاض الثورة التي طلت مستمرة لثلاث سنوات، رغم القمع الوحشي للمواكب السلمية كما في مجزرة فض الاعتصام ، مجازر ما بعد انقلاب 25 أكتوبر ، وجرائم الابادة الجماعية في دارفور وجنوب النيل الأزرق والشرق وجنوب كردفان بعد الفتنة القبلية البغيضة ، والمحاولات والمبادرات الفاشلة للتسوية التي تعيد هيمنة العسكر للسلطة، اضافة للمحاولات الدعائية الفاشلة التي يقوم بها حميدتي ليصور نفسه داعية للسلام في دارفور والصلح بين مكونات غرب دارفور، ورفض جماهيرها لذلك كما في الهتافات ضده في مباراة اهلال والمريخ في استاد الجنينة ، وانسحاب 27 عمدة وفرشة من لجنة السلم والمصالحات بغرب دارفور ، باعتبار أن ما يصنع السلام هو العدالة وانهاء الافلات من العقاب.
اضافة للفساد ونهب ثروات البلاد من ذهب ومعادرن أخري ومحاصيل نقدية وثروة حيوانية ، كما في التحقيق الذي نشرته قناة (سي.ان. ان) الأخير حول تهريب 13,4 مليار دولار من قيمة الذهب الي روسيا، وهو يعكس ما يظهر من جبل الجليد من الفساد الذي تقوم به السلطات الحاكمة ، والذي اشار لها حميدتي في احدي تصريحاته أن الذهب يهرب من مطار الخرطوم بعلم السطات، مما يتطلب رفع قضايا لحماية ثروات البلاد والأجيال القادمة من النهب ، كما أعلن محامو الطوارئ في بيانهم الأخير.
كما تم الرفض الواسع لتحركات البرهان لاختيار رئيس وزراء وتشكيل حكومة وتحالفات مع بعض مكونات الطرق الصوفية ، وتحرك فلول النظام البائد لاعلان توحيد مبادرة الميرغني والطيب الجد التي خلاصتها تكوين المجلس السيادي لتشكيل حكومة كفاءات مستقلة لتسيير ما تبقي من الفترة الانتقالية ، والحوار مع المؤتمر الوطني ، وتحديد منتصف أغسطس موعدا للحسم. الخ.
اضافة لما ورد في الأخبار عن تشكيل المجلس الأعلي للقوات المسلحة الأحد المقبل ، وإعلان حكومة تصريف أعمال منتصف أغسطس ، علما بأن حكومة تصريف الأعمال موجودة منذ بداية الانقلاب ولم تفعل شيئا غير المزيد من المعاناة للجماهير والقمع اوحشي والفوضي الأمنية والاقتصادية والتدهور المعيشي.
2
تواصل ( قحت) تحركاتها للتسوية كما في الحديث عن اعلان دستوري لتحديد هياكل السلطة، والمتزامن مع بيان " الترويكا 2 / 8 الذي أشار الي أن الحكومة المطلوبة لن تتمتع بأي مصداقة دون الاستناد لانفاق سياسي شامل ، ورحب بانسحاب الجيش من المشهد السياسي حال تشكيل حكومة مدنية ، لكن البيان يراوغ ، ويعيد العسكر في الشراكة بقوله " الدورالعسكري المستقبلي يجب أن يتم الانفاق عليه بالتشاور مع الجماعات المدنية من أجل ضمان انتقال مستدام الي حين الوصول للانتخابات".
أما البرهان فيراوغ بعد الضغوط الداخلية والخارجية عليه كما في مقابلته الأخيرةمع المندوبة الفرنسية بقوله " لا نية للمكون العسكري لاختيار رئيس وزراء" .
3
يستمر تدهور الاوضاع المعيشية والاقتصادية بعد الانقلاب حتى اصبحت الحياة لا تطاق، كما في الارتفاع المستمر لاسعار الوقود والكهرباء التي اثرت علي الإنتاج الزراعي والصناعي ، وأدت للارتفاع المستمر في أسعار السلع والخدمات والضرائب والجايات والتضخم والركود في الاسواق .
يهدد شبح المجاعة 18 مليون شخص بعد فشل الموسم الزراعي نتيجة للارتفاع المستمر لاسعار الوقود والكهرباء ومدخلات الإنتاج ، وفشل الحكومة في مواجهة كوارث الفيضانات والأمطار والسيول التي أدت لوفيات وخسائر مادية كما في تحذير الدفاع المدني الذي أشار للكوارث التي حدثت في كسلا ودارفور وكادوقلي ، والابيض . الخ وضرورة الاستعداد لمواجهة كوارث الفيضانات والسيول.
زاد الطين لة أخيرا رفع الدولار الجمركي من 445 جنيها الي 564 جنيها ، الذي أدي للمزيد من الزيادات في الأسعار والانهيار التام ، والذي تضجر منه الأمين العام لاتحاد غرف الصناعة ، باعتبار يؤدي لتوقف المصانع لعدم مقدرتها علي مواجهة زيادة الكهرباء والجبايات المتعددة.
كما تضجرت ايضا الغرفة القومية للمستوردين باعتبار أن الزيادة في الدولار الجمركي بنسبة 30,8% يزيد أعباء المعيشة ، كما دعت منسوبيها" بوقف الاستيراد وعدم سداد الرسوم الجمركية والضريبية وأي رسوم حكومية أخري لمدة ثلاثة أيام ابنداءا من يوم الأحد 7 أغسطس حتى يتم التواصل مع الجهات التي اصدرت هذه القرارات الآحادية والمهددة لقطاع المستوردين والقطاع الخاص والاقتصاد الوطني ".
وهي سياسات تعكس قمة الفشل والتخبط واتخاذ قرارات فوق طاقة الناس ، مما يؤدي للمزيد من الانفجار بتدهور المعيشة والأجور والمزيد من حراك العاملين ، كما في احتجاجات العاملين في التعليم العالي ، واضرابات العاملين في شمال دارفور والمهن الصحية . الخ، الذي يقود الي ضرورة التوحد لاسقاط الانقلاب الذي هو مصدر كل هذه الشرور وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي ، وضرورة تحسين الاوضاع المعيشية والاقتصادية وتخفيض منصرفات جهاز الدولة ، كما في الصرف الضخم علي جيوش حركات جوبا والجنجويد وجهاز امن ومليشيات ووظائف التمكين في جهاز الدولة ، والصرف علي الأمن والدفاع والذي يصل الي حوالي 90% من المنصرفات العامة ، علي حساب التعليم والصحة والدواء والتنمية ، وحماية ثروات البلاد من ذهب ومعادن ومحاصيل نقدية وماشية واراضي من النهب والتهريب للخارج .
4
من الجانب الآخر تستمر المقاومة الجماهيرية لسياسات النظام التي أدت لتدهور الاوضاع المعيشية والاقتصادية والأمنية كما في جداول لجان المقاومة، واضرابات العاملين ووقفاتهم الاحتجاجية ، وانتزاع بعض الفئات لنقاباتها كما في الصحفيين اساتذة جامهة الأزهري . الخ ، فقد اصبحت الحياة لا تطاق ، وتوفرت الظروف الموضوعية لاسقاط الانقلاب ، ويبقي ضرورة توفير العامل الذاتي وهو وجود القيادة التي تقود الثورة حتى تحقيق أهدافها وانجاز مهام الفترة الانتقالية ، وعدم تكرار اتنكاسات الفترات الانتقالية السابقة بتحقيق التغيير الجذي الشامل الذي يقضي يخاطب جذور الأزمة.
وهذا يتطلب المزيد من تنظيم الجماهير وتقوية التحالفات القاعدية في الأحياء ومجالات العمل والدراسة ، وانتزاع نقابات واتحادات العمال والمزارعين والموظفين والمهنيين والفنيين والطلاب ، وتنظيم النساء والشباب ،ومواصلة التراكم الجاري وتوحيد المواثيق حتى الانتفاضة الشعبية الشاملة والاضراب السياسي العام والعصيان المدني لاسقاط الانقلاب وقيام الحكم المدني الديمقراطي.

alsirbabo@yahoo.co.uk

 

آراء