يا برهان الجنجا من صنع يديك.. والحاقدون قادمون!!

 


 

 

++ أين الخطأ ؟ من المسؤول عن حريق (السودان) الجاري الآن ؟!
++ ما هي جذور الازمة السودانية التي قادت الى الحرب الاهلية الشاملة الان والي موت وفناء الدولة السودانية ؟
++ مآلات الدولة السودانية عند نهاية حرب الكيزان/ البرهان ضد الدعم السريع ؟
++ الحاقدون قادمون!!

(١) جذور الازمة السودانية التي قادت لحرب الكيزان/البرهان ضد الدعم السريع وحريق الخرطوم وموت الدولة السودانية ؟

جذور المشكلة السودانية وتداعياتها التي تمثلت في الحرب الاهلية الجارية منذ ١٥ ابريل ٢٠٢٣ في ولاية الخرطوم وبقية أقاليم السودان لاسيما في إقليم دارفور ، تكمن جذور المشكلة السودانية في الآتي:

١- وجود (أقلية عنصرية قبلية في شمال السودان تحكم الدولة السودانية منذ عام ١٩٥٤ ونشير اليها (بالنخبة النيلية/الجلابة) تستحوذ هذه النخبة على وظائف الخدمة المدنية ، لاسيما الوظائف الدولارية مثل وزارة الخارجية وبنك السودان والجمارك.. وتسيطر كذلك على ٧٥٪؜ من الضباط من خريجي الكلية الحربية ، وعلي الأجهزة الامنية. ولمعرفة المزيد عن اختلال قسمة السلطة راجع الكتاب الأسود الذي كتبه الاسلاميون انفسهم قبيل المفاصلة الجهوية العنصرية داخل الحركة الاسلامية السودانية.
٢- ولكونها (اي النخبة النيلية) اقلية .. فان الحكم الديموقراطي لا يناسبها .. لذلك فانها تستخدم ما يسمى بالجيش السوداني.. وهذا الجيش عبارة عن مليشيا شمالية تحمي فقط حكم الأقلية الشمالية العنصرية.. ويكمن الخلل في بنية (الجيش .. من حيث التكوين البشري.. ٧٥٪؜ من فئة ضباط الجيش من ابناء النخبة النيلية (المنطقة من الجيلي الى حلفا ) . فالضابط يدخل الكلية الحربية ليس للدفاع عن الوطن ، وانما ليعمل (إنقلابا لصالح حزبه السياسي) الذي يستحيل ان يصل الى السلطة عن طريق صناديق الانتخابات !
شاهدنا ان الجيش والأجهزة الامنية التي تسيطر على قيادتها ابناء النخبة النيلية مهمته (قمع مقاومة ابناء الهامش من ابناء جنوب السودان الذين بدأوا المقاومة بالاحتجاج على القسمة الغير عادلة لوظائف السودنة حيث نال الجنوبيون عدد 4 وظائف فقط من جملة 800 وظيفة! ومن رحم المقاومة الجنوبية خرجت جميع حركات المقاومة المسلحة في جبال النوبة والانقسنا ودارفور.. هذا (الجيش السوداني/ الذي هو مليشيا النخبة النيلية) هو العدو الاستراتيجي لشعوب الهامش السوداني التي تطلع الى المشاركة العادلة في السلطة وحكم البلاد عبر الاحتكام الى صناديق الانتخابات. هذا (الجيش العنصري الجهوي الذي يفترض ان يكون مؤسسة علمانية ، فانه حين يمارس السلطة عن طريق الانقلاب فانه يسخدم (الاسلام والعروبة) كايديولوجيا لقهر شعوب الهامش السوداني ، فنظام الفريق ابراهيم عبود هو الذي بدآ بإستخدام الإسلام والعروبة ضد الجنوبيين ، ثم تبعه نظام مايو/النميري بتطبيق قوانين سبتمبر ١٩٨٣ المنسوبة للشريعة لقمع المعارضة الشمالية (إضراب القضاة المدنيين) .
كاتب هذا المقال (الذي ينتمي تنظيميًا لحركة العدل والمساواة السودانية ، ولكنه يعبر في هذا المقال عن رأيه الشخصي) هذا الكاتب ليس له غرام مع الدعم السريع ، (الدعم السريع عدو تكتيكي وحليف استراتيجي مستقبلًا ، ) .. لكون ان الدعم السريع من صناعة النخبة النيلية الاستعمارية (البشير/البرهان/صلاح قوش) الهدف منه ممارسة سياسة فرق تسد ، واستخدام (الهامش ضد الهامش) .. وتاريخ الدعم السريع الدموي ضد الهامش السوداني كله معلوم للكافة .. ورغم هذا كله فان الدعم السريع قد تحول منذ ثورة ديسمبر ٢٠١٨ الي مقاومة وطنية ضد (دولة الجلابة الاسلاموية) .. وقد طالب الدعم السريع بتنظيف الجيش السوداني من اكثر من الفين من الضباط الذين ينتمون لحزب المؤتمر الوطني الكيزاني ووضع اسس عادلة لدخول الكلية الحربية بحيث يكون الجيش مؤسسة وطنية قومية ( تضم بطريقة عادلة ابناء كل اقاليم السودان حسب نسبة السكان) .. ليصبح جيشًا وطنيًا يحمي الحدود ولا يقتل شعبه ابدا .. ابدا .. خلافا للتاريخ الأسود لممارسات جيش الجلابة المليشوي الشمالي العنصري القاتل لشعوب الهامش التي تطالب بحقوقها في العدل والمساواة في قسمة السلطة والثروة.

٣ - استمرأت النخبة النيلية (استعمار بقية أطراف الدولة السودانية في الجنوب وجبال النوبة والنيل الازرق ودارفور ، شرق السودان عن طريق الجيش) منذ عام ١٩٥٨ .. لمدة ٦سنوات في عهد إبراهيم عبود ، ولمدة ١٦ سنة في عهد مايو ،ولمدة ٣٠ في عهد الإنقاذ بمدة اجمالية ٥٢ بالحديد والنار . وقد كان عهد مايو/النميري هو الاكثر ضررًا على حركة التغيير ، والوعي والفكر في الدولة السودانية ، لسببين:

أ - اعدام النميري لقادة الحزب الشيوعى السوداني (عبدالخالق محجوب/ الشفيع احمد الشيخ/جوزيف غرانق )عليهم الرحمة. فالحزب الشيوعى السوداني هو الحزب الوحيد الذي اتي بالجديد ، والتفكير خارج صندوق (الدولة الدينية الاسلاموية) ، وهو الوحيد القادر على منازلة الاخوان المسلمين وهزيمتهم في انتخابات الاتحادات الطلابية ، لاسيما في اتحاد طلاب جامعة الخرطوم ، وفي العمل النقابي لاسيما نقابة عمال السكة حديد عطبرة ، واتحاد المزارعين ونقابة المحامين .. الخ. . وتجلي ذلك بصورة واضحة في عهد الديمقراطية الثانية بعد ثورة اكتوبر ١٩٦٤ حيث سيطر الحزب الشيوعى علي ١٠ مقاعد في دوائر الخرجين.. ويظهر الضرر الذي اصاب الحزب الشيوعى بعد إعدام قياداته في نتائج انتخابات دوائر الخريجين في الديموقراطية الثالثة ١٩٨٦ حيث استحوذت الجبهة الاسلامية على جميع دوائر الخريجين ولم يحصد الحزب الشيوعى شيئًا.. ولا دائرة واحدة .
ب- اعدام الشهيد محمود محمد طه في ١٨ يناير ١٩٨٥ ، فمنذ تكفير الحزب الشيوعى وطرد نوابه من البرلمان في ١٩٦٥ ظل الاخوان الجمهوريون الواحيدين الذين ينتقدون (الإسلام السياسي- الاخوان المسلمين وانصار السنة) . فقد نجح الجمهوريون في تاسيس منابر للحوار والنقاش في جميع الجامعات السودانية لاسيما في قهوة النشاط بجامعة الخرطوم بقيادة (دالي والقراي) .
باختصار.. باعدام قادة الحزب الشيوعى المذكورين اعلاه واعدام الشهيد محمود (مات الوعي السوداني) وتحقق طرف كبير من قوله تعالى (واذا النجوم طمست ) .. قادة الفكر هم النجوم المضيئة والمنتجة للفكر الحر المستنير .. وباعدام قادة الفكر المذكورين خلت الساحة للإسلام السياسي الشعبوي الفاقد للرؤية التنويرية القادرة علي إدارة التنوع السوداني.. ومن ثم تمكنت الجبهة الاسلامية من تنفيذ انقلابها المشؤوم في ٣٠ يونيو ١٩٨٩ ودخلت الدولة السودانية في العهد الغيهب علي حد تعبير دكتور منصور خالد . بإعدام قادة الفكر المذكورين تحولت الدولة السودانية الي جسد ميت يتكئ واقفًا على عصاة ولكن الشياطين لا يعلمون!

٤- ما هي مآلات الدولة السودانية عند نهاية حرب الكيزان/البرهان ضد الدعم السريع ؟

** سوف يسقط كرت الدين الإسلامي من ايدي النخبة النيلية كلها لاسيما تنظيم الاخوان المسلمين ، (ملحوظة: العلمانيون اول من استخدم كرت ألدين.. تحديدًا نظام الفريق ابراهيم عبود ، ونظام جعفر نميري هو الذي اتي بقوانين سبتمبر البطالة كما وصفها النميري نفسه) - سقط كرت الدين لكون ان الاخوان الكيزان قد فقدوا مشروعهم الأخلاقي تماما حين وصلوا للسلطة منفردين بموجب إنقلابهم المشؤوم في ٣٠ يونيو ١٩٨٩ وتيقن الشعب السوداني والعالم كله ان (الكيزان حرامية ) فضلا عن ان مشروعهم الاسلاموي الاقصائي قد تسبب في فصل جنوب السودان ويهدد بفصل منطقة جبال النوبة . وهذا الوضع سيفتح الباب واسعا للتوافق على دستور علماني يستوعب التنوع السوداني الديني والعرقي واللغوي والثقافي الذي فشل الاسلام السياسي في تحقيقه.

** سوف يسقط والي الابد التحالف بين جيش النخبة النيلية والقبايل العربية ، هذا التحالف الذي من خلاله كانت النخبة النيلية (تمارس سياسة فرق تسد الاستعمارية ، وذلك بإستخدام القبائل العربية في إبادة حركات المقاومة من أبناءً الزرقة في جنوب السودان ، وجبال النوبة والانقسنا ودارفور.

** سوف تؤدي هذه الحرب الدموية الي تجزئة الدولة السودانية الى كيانات مستقلة حسب المديريات القديمة عند الاستقلال ، دارفور الكبرى ، كردفان الكبرى بدون جبال النوبة التي سوف تصير دولة مستقلة في اطار الدولة الكونفيدرالية ، الإقليم الاوسط ، والاقليم الشرقي ، والإقليم الشمالي .. ، (تربط هذه الكيانات علاقة (كونفيدرالية) ذات صلاحيات واسعة.. وبدستور يمنح اي كيان حق الانفصال والخروج من هذه الكونفيدرالية سلمًا متي ما شاء وفقا لأحكام الدستور.) .. هذا هو التصور الأولي للمصير البائس الذي ينتظر الدولة الدينية الاسلاموية الاقصائية عند نهاية الحرب بين الجيش والدعم السريع!

٥ - الحاقدون ..آكلوا الأكباد البشرية- قادمون!!

ظلت النخبة النيلية منذ الاستقلال ، عن طريق جيشها/المليشيا (تزرع الاحقاد) .. وذلك عن طريق (طائرات الانتينوف) المليئة ببراميل الملتوف التي تطير من قاعدة وادي سيدنا .. وتفرغ حمولتها علي رؤوس المهمشين في الجنوب الذي راح واستراح ، وفي جبال النوبة والانقسنا ودارفور.. من يزرع الموت قطعًا سيحصد الكراهية والحقد الاعمي ! الحاقدون هم ابناء الهامش السوداني الذين تربوا في معسكرات النزوح واللجوء.
الشيء الجديد بعد حرب ١٥ ابريل ٢٠٢٣ ان جماهير ولاية الخرطوم قد انضمت الى زمرة (الحاقدين على الجيش/الكيزان/الجنجويد) بالجملة والقطاعي .. وسوف تطالب باخراج القيادة العامة للجيش من وسط الخرطوم ، واخراج كل وحدات الجيش المتمركزة داخل العاصمة المثلثة والتي تستخدم المواطنين كدروع بشرية باستمرار.. أصبحت جماهير ولاية الخرطوم تنظر الى الجيش باعتباره مصدر تهديد مباشر لحياة المدنيين في ولاية الخرطوم.
وثقافة الحقد الاسود الذي لا يرويه او يشبعه شيءٍ سوي اكل كبدة العدو هي ثقافة عربية قرشية شاهدناها عند هند زوجة ابوسفيان في معركة احد حين شقت صدر حمزة بن عبدالمطلب واكلت كبدته إنتقاما لقتلي غزوة بدر .
يا برهان: القتل المميت للجنجويد الذين هم صناعة يديك انت وجيشك سينقل الحقد الأسود للاجيال القادمة .. ومن يكرهك سيقتلك انت واحفادك متي ما أ ستطاع الي ذلك سبيلًا.. القتل المميت للجنجويد سيولد الف (دفتردار بالتعاقب وعلي التوالي) .. اتمنى ان تكون معركة حريق ولاية الخرطوم هي اخر ونهاية الحروب الاستعمارية لدولة الجلابة الاستعمارية.. لقد وعت شعوب الهامش الدرس.. الجنجويد آخر من يحارب نيابة عن النخبة النيلية وجيشها الفاشل.
ابوبكر القاضي
ويلز /UK
١٩/يونيو ٢٠٢٣

aboubakrelgadi@hotmail.com

 

آراء