يا جامعة العرب .. أوقفي تصريحات هذا المراقب الضرير … بقلم: سارة عيسى
13 April, 2010
كان الإتحاد الأوربي محقاً عندما سحب مراقبيه من دارفور ، فالوضع في هذا الإقليم غير آمن لأنه يخضع لحكم الطوارئ ، فهو شبيه بحالة إيرلندا الشمالية في فترة السبعينات ، فلا يمكن إجراء إنتخابات في إقليم تمزقه الحرب الأهلية ، أما مركز كارتر فهو يلعب بصورة مكشوفة ، منذ اليوم الأول للإنتخابات أكد السيد/جيمي كرتر أن 60% من المقترعين قد أدلوا بأصواتهم ، وهذه شهادة في غير محلها ، فحتى المفوضية المشكوك في نزاهتها لم تفصح عن هذا الرقم ، وعملية التمديد التي قامت بها هي خير دليل على عزوف الناس عن الإقتراع ، يومين أعطتها لنا ليست بالزمن الهين ، ومع عطلة نهاية عطلة الأسبوع التي تمتد لثلاثة أيام أخرى ربما نكتشف الكثير من المفاجات ، هذا يذكرني بسيناريو تزوير إنتخابات جامعة الخرطوم في عام 93 ، في العراق ، ذلك البلد الذي ينهشه العنف الطائفي لم تمتد الإنتخابات لأسبوع ، حتى في أفغانستان لم تصل لهذا المدى ، فالمفوضية رفضت تأجيل الإنتخابات وزعمت أنها قد أقامت كل الترتيبات ، وساندها في هذا الإدعاء مركز كارتر ، لكن الواقع كشف غير ذلك ، فهي تعاملت مع مقترح تأجيل الإنتخابات مثلما يتعامل المرشح البشير مع قرار المحكمة الدولية ، إذاً هي مسألة عناد وتثبيت مواقف ، فعندما يتم إستبدال رمز المرشح المنافس فهذا ليس بخطأ لوجستي ، وعندما يسقط إسم مرشح لرئاسة الجمهورية فهذا ليس بخطأ لوجستي ، وعندما صادر المواطنون حاوية أصوات معبأة كانت في طريقها لإسعاف إثنين من القياديين في حزب المؤتمر الوطني فهذا ليس بخطأ لوجستي ، فمصطلح " الخطأ اللوجستي " يذكرني بأيام الإنقاذ الأولى عندما كانت تصف المجاعة " بالفجوة الغذائية " ، هذا المصطلح برز للساحة الإعلامية الآن ولكنه ليس من بنات أفكار المفوضية ، هذا المصطلح فيه رائحة دعاية حزب المؤتمر الوطني ، والقصد منه التقليل من الخروقات التي حدثت ، نعود لمركز كارتر ودوره في هذه العملية ، كارتر أتى للسودان وهو يحمل رؤية سياسية وهي أن فشل إتفاق نيفاشا يعني نشوب حرب دينية بين أفريقيا المسلمة وأفريقيا المسيحية ، وهو أكذ هذه الرؤية أكثر من مرة ، أما أمريكا فهي ترى أن البشير هو خير من ينفذ إتفاقية نيفاشا ، والسبب في ذلك لأنه ضعيف بسبب المحكمة الدولية ، وهو خاضع للضغط والمساومة من أجل البقاء في السلطة ، فمثلاً ، أن الولايات المتحدة رفضت التعامل من الرئيس اليوغسلافي السابق سلوبودان ملوذفتش وهي تعلم أنه رئيس منتخب من قبل الشعب ، وهذا الرفض ذريعته أن الصوت الإنتخابي لا يعني حصانة من المساءلة فيما يخص جرائم الحرب ، الرئيس الصربي قتل ثمانية آلاف فقط بينما أكد الرئيس البشير أمام وسائل الإعلام أن قواته قتلت أكثر من عشرة آلاف ، إذاً ما سر هذه الحظوة التي وجدها الرئيس البشير ولم يجدها مرتكبو جرائم الحرب في يوغسلافيا ؟؟ فهم غربيون ومسيحيون متزمتون وكانوا يحاربون مسلمين ؟؟؟ ، السبب هو المصالح ، فالولايات المتحدة دعمت الرئيس الأفغاني حامد كرزاي ، ثم شهدت بصحة الإنتخابات وبنزاهة النتائج ، وبعد عام من الحدث حتى الرئيس حامد كرزاي نفسه أعترف بتزوير الإنتخابات ، لذلك وضعت الولايات المتحدة كل بيضها في سلتي غريشن وكارتر .
أما الجامعة العربية ، فهذه قصتها طويلة ويختلط فيها الهزل بالجد ، فهي منظمة فاشلة بكل المقاييس ، و هي جهاز بيروقراطي مثل وزارة التعليم في أيام الملك فاروق ، لها مراقب للإنتخابات في أمدرمان ، رجل طاعن في السن ويضع على عينيه نظارات سميكة ، وهو يقف بين قوات الشرطة التي تعج بها مراكز الإقتراع ، يصرح لإحدى الفضائيات أن هناك إزدحام وتدافع كبير أمام مراكز الإقتراع ،و في اليوم الثاني رأيته في توتي ، ومن نفس المشهد يُؤكد لإحدى الفضائيات قائلاً " الإنتخابات أمس حسنة ..واليوم أحسن ...وبعد بكرة أحسن بكثير " ، وما يدهشني هل أتى هذا المراقب من أجل الشهادة فقط؟؟، وللأخوة المصريين أسلوب مميز في الدعاية والتملق ، فهم الذين قالوا أن الأجنة في الإرحام صوتت لمبارك ، هذا الأسلوب حاول المؤتمر الوطني أن ينقله لحياتنا السياسية ، وتصوير المرشح البشير بأنه سيد البلد وصانع العزة والكرامة فيه نوع من الغلو والقفز على الحقائق .
سارة عيسي
sara issa [sara_issa_1@yahoo.com]