يا زمن وقف شوية .. تموت الرجال وتبقى المآثر (4-10)

 


 

عادل الباز
15 October, 2012

 


لكم تأسرنى مآثر الرجال ، كان الاتحاديون المحتشدون فى ميدان المولد بالدويم فى ستينيات القرن الماضى ممتلئين بالحماس وهم يهتفون ساخرين (عاش المحجوب بياع الدفرة).الدفرة هى نوع من الحشائش التى تقتات عليها البهائم تنبت عشوائيا فى البرارى .كان المحجوب وقتها فقيرا يعانى ازمة مالية خانقة يبيع ويشترى فى علف البهائم. حاول الاتحاديون بهتافهم ذاك تعييره بانه كان بائعا للدفرة!!.فى اليوم التالى صعد المحجوب فى ذات المنبر بالميدان شامخا وقال ( نعم كنت ابيع الدفرة علفا للحيوانات اما فى عهدكم هذا فالناس لايجدون الدفرة ليأكلوها). الشاهد فى الحكاية كما قال لى الراوى انه بعد الندوة ذهب الى منزل احد الاتحاديين وتعشى واستمع لغناء جميل فلم يكن اختلاف الرأى والملاسنات تفسد للود قضية اما زعماء هذا الزمان اذا اختلفت معهم عيروك بفقرك ثم قالوا لك (هذا فراق بينى وبينك) ... غريبة!!.كلما جاءت سيرة المحجوب تذكرت قصيدته الشامخة ( الغنى الفقير) ذات المائة بيت فى رثاء السيد عبد الرحمن المهدى الزعيم الذى لاتحصى مآثره . يقول المحجوب.
كنت الفقير، غنيا في مـــــــروءته.... لا يمنع الناس رفدا ، وهــو يحتطـــــب
وتفلح الأرض في عزم وفي صلف حتى تدفق فــي أرجائــــــها الــــذهــب
ترعى براعم أعيت كف زارعـــها فجادها الغـــــيث من يمناك ينســـــكب
وأشرق البشر يكسوها ويســــعدها فيض من الخير، لا ضيق ولا نصـــب
فاقبل الشعب يجني خير ما غرست كفك، لقد جلَّ ما تُســـــدي وما تهــــــب
(أحد كتاب الغفلة ممن يعيشون أزمة مالية خانقة تبرر اندفاعه غير المحدود وهو يخوض معركته ضدنا ظل يروج لمقولة ان الحريات الاربع تتخذ منصة لذبح الاتفاق جملة وتفصيلا ونسى اكثر الصارخين واعلاهم صوتا وتأييدا بلاتحفظ لكل شولة وفاصلة فى الاتفاقيات وكأنها قران منزل.. هذا المسكين انه لايحتاج لكل هذه (الاندعارة) مهما ارتفع ثمنها لان الاتفاقيات اودعت البرلمان فهى فى ايد امينة لن تعدل فيها شولة.)الطيب مصطفى.
أوضحت فى الحلقة السابقة ان مواقفنا فى الدفاع عن عملية السلام فى السودان انما هو موقف استراتيجيى لم يبدأ ولن ينتهى باتفاق الحريات الاربع. استاذنا الطيب مصطفى يرى بان موقفنا من الحريات الاربع انما كان بسبب ازمتنا المالية الخانقة و على خلفية هذه الازمة نقف هذا الموقف لنقبض الثمن.اى ان (الاندعارة).. الله يحسن الملافظ....من اجل قبض الثمن!!.من اين سنقبض الثمن؟جهتان اما الحكومة او النيفاشيين الذين وقعوا الاتفاق.دعك من النيفاشيين فهم انفسهم لايملكون من حطام الدنيا شيئا مذكورا...بسبب كونهم نذروا انفسهم لخدمة الحركة الاسلامية ودينهم ووطنهم منذ كانوا طلابا بجامعة الخرطوم لم يتلوثوا بمال حرام دخلوا الحركة فقراء ولا زالوا.... للاسف الآن صاروا هدفا سهلا للذين وفدوا آخر الليل على الحركة الاسلامية.تصبح الحكومة هى المقصودة بهذه الاندعارة لنقبض منها الثمن.حسنا.
زهاء الربع قرن عادل الباز لم يقرب الانقاذ ولم يعمل مديرا ولاخفيرا فى اي من مؤسساتها فى كل عهودها وتقلباتها رغم انه فى كل تلك السنوات كان يعانى من ازمة مالية خانقة!!. لم يتفضل علينا احد بدعوة للعمل فى أي من الصحف التى اصدرتها الانقاذ وحزبها ولا فى اى مؤسسة اعلامية .ياترى هل كان ذلك لنقص فى الكفاءة وقد تم استيعاب فيما عرف (بالتمكين) المتردية والنطيحة وما اكل السبع(بعضهم لو اكله السبع لتسمم من جهالاته).ياترى ماذا يدفعنى الآن للبحث عن ثمن موقف ما؟.الحمد لله اننا لم نمد يدنا لرجل ولا لحزب ولم نستجدِ مالا ولا منصباً ، هذا الموقف جعلنا قادرين طيلة سنوات الانقاذ ان نصدع بما نراه حقا غير مداهنين ولاطامعين.دافعنا عنها حين رأينا انها على حق وفضحنا فساد منسوبيها حين كان يجب علينا فعل ذلك والطيب مصطفى على ذلك من الشاهدين....لا بل كان يحضنا ويعيننا على قول الحق وكشف الفساد وحارب معنا فى ذات الضفة... وذلك ما نحفظه للرجل مهما اختلفنا معه.
ياخى سيبك من ده.الفكرة الخطرة التى يستبطنها حديث استاذ الطيب ان الصحفيين والكتاب الفقراء اذا المت بهم ضائقة ماليه فاول ما يفعلونه انهم ( يندرعون) فيبيعون كرامتهم ومواقفهم ويطلبون ثمنا لما يكتبون!!. الكاتب حين يقف موقفا معارضا لسياسة المنبر انما هو كاتب مدفوع الثمن وليس لان هذا رأيه اومايؤمن به حقا! ياترى ما الفرق هنا بين الصحافة والدعارة؟ ان تبيع قلمك وضميرك لمن يدفع فتلك دعارة صحفية.يا استاذ لك فى نفوسنا احترام وتقدير فلاتهدرهما بالخوض فى مثل هذه الصغائر التى لاتليق بك.
adil elbaz [elbaaz40@gmail.com]

 

آراء