يا عسكريين … إرجعوا إلى ثكناتكم..!!

 


 

 

هنالك بعضٌ من الناس انطلت عليهم فرية أن الحكومات العسكرية هي الضابطة والحاسمة للانفلاتات الأمنية، وأنها الفارضة لهيبة الدولة، كما يزعم الجنرالات ومعتنقي مذهبهم الباطش بالشعوب، أنظر لسيل الدماء الجارفة يوم أمس بالنيل الأزرق، وقبلها بأشهر معدودة فاضت شوارع مدينة الجنينة بالجثث، كل هذا حدث تحت إدارة الحكم العسكري الذي أطاح بحكومة الشراكة العرجاء ذات الرأسين، أحصوا أعداد القتلى بمدن البلاد منذ أن أصبح الجنرال البرهان رأساً للدولة في حين غفلة؟، بل فليخبرنا أحد دعاة الحكم العسكري عن الجرائم المرتكبة بواسطة العسكر في الحروب العبثية الدائرة في المثلث الملتهب – دارفور وكردفان والنيل الأزرق، تحت إدارة من أحرق القرى وأجبر المواطنين على النزوح؟ من كان يصرف التعليمات والتوجيهات لقصف هؤلاء الأبرياء؟. طلاب الخدمة الوطنية بمعسكر العيلفون تم اصطيادهم فرداً فرداً كأنهم طير الحبارى برصاص العسكر، قرية في دارفور إسمها تابت اغتصب نساءها أفراد وجنود من القوات المسلحة السودانية. اندلعت حروب كثيرة بين القبائل راح ضحيتها آلاف المواطنين والمواطنات، ولم يتدخل العسكر ورئيسهم الضابط العظيم لإخماد نارها، إذاً ما هي الضرورة من وجود جنرالات عسكريين على رأس الحكم؟، أيها الجيش الباسل، الله يرضى عليك، اذهب وحرر حلايب وشلاتين، فإن لم تستطع انتشر على طول حدود البلاد وعرضها ثم احمها.
المثل يقول: الحساب ولد، الفريق إبراهيم عبود حكم البلاد ست سنين، والعقيد جعفر محمد علي نميري رأس السودان ستة عشر عاماً، والعميد عمر حسن أحمد البشير نكّل بالشعب السوداني ثلاثة عقود، والفريق عبد الفتاح البرهان أدخل الوطن في فوضى عارمة وانفلات أمني لم يسبق له مثيل خلال ثلاث سنين، فجملة سنين حكم العسكر (الما بتشكر) خمس وخمسين سنة، وقد كان استقلال بلادنا في العام ألف وتسعمائة وستة وخمسين، ونحن اليوم في العام ألفين وإثنين وعشرين، أي أن هنالك ست وستون عاماً قد مضت منذ أن دانت البلاد لحكم بنيها و(بناتها)، وأن ناتج طرح خمس وخمسين سنة من ست وستين عاماً، هو إحدى عشر سنة تمثل نصيب استفراد الحكم المدني بمؤسسات الدولة، لذا، ما عليكم يا أيها العسكريين إلّا أن تنفّذوا تعليمات الغالب الأعم من الشعب السوداني الذي خرج في الثلاثين من يوينو الما ضي، وتعملوا (إلى الخلف دور) حتى إشعار آخر من منظومة أجهزة الحكم المدني القادمة على أكتاف الثوار بُناءًا على أشواق وتطلعات الجماهير. شكر الله سعيك يا جيش الهناء الحارس مالنا ودمنا، وكما يعلم الجميع، فإنّ مهمة الحراسة دائماً تكون على مشارف بوابات الحدود الشمالية والشرقية والغربية والجنوبية، وما أضر بسودان العزّة إلّا استحواذ البخلاء على المال واستمساك الجبناء بالسلاح، واستعراض الجهلاء في سوح العلوم ودور البحوث (الأستراتيجية).
لقد عانى السودان من ويلات الحرب وخطل جهالات العسكريين، طيلة المدة التي تجاوزت نصف القرن من الزمن، ذات الفترة الزمنية التي طفرت وقفزت فيها بلدان مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية وماليزيا وفيتنام ورواندا وتنزانيا وكينيا والصومال، بعد أن وضعت كل واحدة منها بصمتها على الخارطة العالمية للتجارة والمال والأعمال، وذلك يرجع الفضل فيه لنساء ورجال مدنيين مستنيرين، تنسموا مقاعد القيادة في بلادهم واشتهروا بريادتهم للعلم والرشد والحكمة وقوة الضمير، أكاديميين وخبراء حقيقيين وليسوا مدّعين (كذبة) ولا (مدلسين)، تخرجوا في خيرة الجامعات ومؤسسات التعليم العالي الدولية، وفي خلال هذه الفترة الزمنية الطويلة الأجل بحسب نظرة الكسالى وعديمي الموهبة، والقصيرة المدة بحسابات سرعة إيقاع التسابق الزمني والتنافس الاقتصادي المحموم من أجل الاستفادة من فرص المال والأعمال. لقد كانت وما زالت محنة السودان الحقيقية والأساسية تتمثل وتتمظهر في ظاهرة سلبية معهودة ومعروفة، ألا وهي ركل العلماء والخبراء وأصحاب الرأي السديد الذين تجمعهم صفة واحدة هي (التواضع)، وجلب الفاسدين المتكبرين والمفسدين والمتملقين والمداهنين وآكلي مال السحت والمراوغين والمخاتلين والساعين بين الناس بالنميمة، لكي يكملوا أركان جريمة الفساد والإفساد التي كان يرعاها النظام العسكري البائد، والذي تضرر منه راعي الإبل في فيافي بادية أبودليك.

ismeel1@hotmail.com
19 يوليو 2022

 

آراء