يا مــــوت : ممكن دقيقة

 


 

 




قبل هذا المقال كتبت مقالين تناولا حقيقة الموت  وهما (المنظر من فوق) و(أهكذا الموت) ، وكلمة حقيقة هنا ليس لأني أعرفها أو أني إختبرتها ولكنها مجرد بديل لكلمات مثل قضية الموت أو أمر الموت أو موضوع الموت ، وأيضا ً قياسا ً علي رد ّ الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان علي بيت الشعر الذي مدح فيه جرير نفسه وقال : أنا الموت الذي آتي عليكم  فليس لكائن مني نجاة ، فعقّب الخليفة بقوله : لعمري إن الموت يأتي علي كل شئ . بعد أن إختبرت الموت في فقد أختي الصغري ، تلك الكائن الطيّب المسكين وربما لولا مسكنتها تلك لما كانت حرقة غيابها بداخلي بتلك القساوة ، ورغم إدراكنا لحقيقة الموت بأنه واقع وأننا ذاهبون لكن صدقوني إحساس الفقد شئ آخر ، من تراكم الألم المر ّ ، ألم ذكرياتك مع من فقدت ، رصدك لخطواته هنا وهناك ، رؤيتك لأشياءه الباقية وممتلكاته المتبقية ، ضحكاتكما معا ً ، سخافاتكما وشجاركما ، أشياء لن تعود أبدا ً ، لأنك أنت أنت وصار هو (المرحوم) ، أليس غريبا ً أن يصبح ما تتخيّل أنه حلم مفزع أو كابوس هو الحقيقة الرادعة لأي تصوّر سوي النهاية ..؟ وغريب أيضا ً أن أي تعريفات بخصوص الموت أو أي رؤي أو تكهّن يبقي محله لا شئ يجدي ولا شئ يمكن أن يشعرك بالسكون غير التسليم بأمر الحي ّ القيوم ، فكل ذكري ستقودك الي التمعّن كثيرا ً في السؤال : لماذا هو ـ من فقدت ـ بالذات ؟ لماذا لا تجدد له فرصة الحياة ، لماذا لا يطيق الموت صبرا ً علي أخذه ؟
اللهــــم .. يا حنَّان ، يا منَّان ، يا واسع الغفران ، أغفر لها و ارحمها ، و عافها و أعف عنها ،
و أكرم نزلها ، و وسّع مدخلها ، و أغسلها بالماء و الثلج و البرد ، و نقِّها من الذنوب و الخطايا كما ينقَّى الثوب الأبيض من الدنس .اللهــــم .. أبدلها داراً خيراً من دارها ، و أهلاً خيراً من أهلها ، و زوجاً خيراً من زوجها ،و أدخلها الجنة و أعذها من عذاب القبر و من عذاب النار . اللهــــم .. عاملها بما أنت أهله ، و لا تعاملها بما هي أهله. اللهــــم .. أجزها عن الاحسان إحساناً ، و عن الإساءة عفواً و غفراناً. اللهــــم .. آنسها في وحدتها ، و آنسها في وحشتها ، و آنسها في غربتها ،اللهــــم .. أنزلها منزلاً مباركاً و أنت خير المنزلين اللهــــم .. أنزلها منازل الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقاً .

إيمــان الحبيبة : عزيزة.. تقرئك السلام


zizetfatah@yahoo.com
///////////

 

آراء