يـــابت ! … بقلم: د. احمد خير
تعرض بعض القنوات الفضائية قصة ثلاثة من أعضاء أسرة إماراتية يقومون بأعمال تعد من الخوارق مثل سحب عربات بشعر الرأس والنوم على بقايا زجاج وتكسير حجارة على الجسم . مايقومون به يعد من الأفعال التى تحتاج إلى قوة جسدية مما يعتبره البعض من الخوارق . وذلك يذكرنى بما كان يقوم به الأخ / كمال سيد عبد العزيز الملقب بـ " النمر الكردفانى "
كان كمال يقيم مع والده الباشمهندس/ سيد عبد العزيز الذى كان يعمل بالنقل الميكانيكى فى مدينة الأبيض " عروس الرمال " حاضرة مديرية كردفان آنذاك .كون كمال سيد عبد العزيز فرقة من الشباب الذين كانوا يمارسون رياضة كمال الأجسام. جابت فرقة النمر الكردفانى مدن مديرية كردفان وبعض المدن الأخرى بغرض عرض ماكان يعد من الخوارق . كان كمال عبد العزيز شاب معتد بنفسه لايهاب المخاطر.
كان كمال يقوم بأعمال بالفعل تعد من الأعمال الخارقة حيث كان يضع على الأرض لوحاً من الخشب مثبت عليه مسامير متراصة وينام عليه ثم يضع لوحا آخر على صدره والمسامير تجاه صدره ثم ترفع مجموعة من الشباب المرافق حجر طاحونة من الحجم الكبير وتضعه على صدره
ثم تقوم مجموعة أخرى بتكسير الحجر على صدره. بعد ذلك يقوم بعمل آخر يتمثل فى جر ثلاثة شاحنات بأسنانه . ثم يقوم بتقديم عرض آخر يتمثل فى الإستلقاء على الأرض ويضع لوحاً من الفولاز على صدره وتمر الثلاثة شاحنات من على صدرة . كنت أخاف عليه من أن تنزلق إحدى العجلات من على اللوح وتستقر على عنقه أو بطنه . كان لايعطى أى شخص فرصة للنقاش والتدخل فيما يقوم به .
كان كمال يقص علينا أن والده يستطيع أن يضرب بطيخة بسبابته فيخترقها . لقد حاولنا معا القيام بذلك عدة مرات ولم ننجح إطلاقا فى إختراق بطيخة فى كردفان أوفى الخرطوم ، فالبطيخ واحد فى كل مكان يحتمى بقشرة قوية غير قابلة للإختراق بسهولة !عندما كنت أعلق على حجم والده " طويل القامة نحيل الجسم " كان يوضح لى الأسباب فى أن والده كان ذات يوم يقوم بإصلاح ثلاجة كبيرة من الداخل وفى وقت الإنصراف عن العمل قام أحد العمال بإغلاق باب الثلاجة بدون أن يدرى أن الباشمهندس بداخلها وكانت النتيجة أن قضى سيد عبد العزيز بقية ذلك اليوم والليلة التالية داخل الثلاجة وفى صبيحة اليوم التالى إكتشف أحد العمال أن سيد عبد العزيز داخل الثلاجة فأخذوه إلى المستشفى فى حالة يرثى لها .
بقى أن نعرف ان الباشمهندس/ سيد عبد العزيز هو الشاعر السودانى الكبير صاحب قصيدة يابت ملوك النيل يا أخت البدر التى يتغنى بها الفنان الكبير الأستاذ/ عبد الكريم الكابلى.
لقد كان كمال سيد عبد العزيز الملقب بالنمر الكردفانى أحد أولئك الشباب الذيىن يؤمنون بأن القوة هى أولا وأخيرا حالة عقلية أكثر منها جسدية . لقد كان يحس كل فرد من أفراد فرقته بأن لايفكر فى المخاطر عندما يقدم على فعل ما ، لأن التفكير فى المخاطر فى إعتقاده هو المعوق لمقدرات البشر.
هكذا نرى ان الإبن "كمال " الذى كان يطالب بتحييد العقل فيما يقوم به يختلف عن والده الشاعر سيد عبد العزيز الذى كان يؤكد دور العقل فى كل مايقوم به . رحل عنا الشاعر الكبير سيد عبد العزيز " رحمه الله رحمة واسعة "ولازالت قصائده تدخل البهجة فى نفوسنا . ولازالت قصيدة يابت ملوك النيل هى أم القصائد التى تركها لنا الشاعر الكبير "رحمه الله "وبكل أسف لم نسجل الأعمال الخارقة التى كان يقوم بها الشاب كمال سيد عبد العزيز!
Ahmed Kheir [aikheir@yahoo.com]