يفتح الله .. ويستر الله !

 


 

 

manazzeer@yahoo.com

* ظللتُ وظل غيري يُحذِّر من اللعبة الجديدة التي يمارسها ا(البرهان وحميدتي) للبقاء على السلطة أطول فترة ممكنة كلٌّ بطريقته، حيث ظل الاول يطالب بدمج الدعم السريع ويشدد في المطالبة، بل ويهدد باشتراط الدمج للتنازل عن السلطة للقوى المدنية، وهو يعلم تمام العلم أن الطرف الآخر(حميدتي) لن يقبل الدمج إلا بشروطه (شروط حميدتي)، وبالتالي يتحقق للبرهان الهدف بالبقاء على السلطة اطول فترة ممكنة في انتظار ما سيسفر عنه المستقبل!
* كما ظل ( حميدتي) يمارس نفس اللعبة ولكن من الجانب الآخر من الملعب (مثل فريق خصم في مباراة لكرة القدم)، بالتغزل في الديمقراطية والمطالبة بتسليم السلطة الى المدنيين، حتى يخلو له الجو للصعود الى أعلى، ولكنه يعلم تمام العلم أن الطرف الآخر (البرهان) لن يوافق على الانسحاب من السلطة إلا بشروطه (شروط البرهان)، وبالتالي يظل الوضع كما هو عليه ويتحقق لحميدتي الهدف في بقاء قواته مستقلة والمحافظة على سلطته أطول فترة ممكنة في انتظار ما سيسفر عنه المستقبل. أى أن كل منهما يسعى لتحقيق نفس الهدف بالبقاء على السلطة، ولكن باستخدام تكتيكين متساويين في المقدار، متعاكسين في الإتجاه، حتى تظل اللعبة متعادلة ويحافظ كل منهما على موقعه، بينما تهبط القوى المدنية الى الدرجة الثانية وربما العاشرة، وتظل البلاد رابضة في كف عفريت الصراعات إن لم يلتهمها !
* للاسف الشديد لم تعر القوى المدنية اى اهتمام بما حذرنا منه عن عدم جدية العسكر في التنازل عن السلطة، وان مشاركتهم في المفاوضات وتصريحاتهم المتكررة بانسحابهم من المشهد السياسي ..إلخ ليس سوى محاولة أخرى من محاولاتهم العديدة لشراء الوقت والبقاء على كرسي السلطة اطول فترة، وكنت قد عددتُ في مقال منفصل تحت عنوان (مسرحية الدمج وحلاوة ديمقراطية) بتاريخ 22 مارس الجاري (2023 ) مؤمراتهم وألاعيبهم وجرائمهم التي ارتكبوها منذ سقوط النظام البائد في 11 ابريل، 2019 لتحقيق هذا الهدف، محذرا قوى الحرية والتغيير من التعامل معهم بثقة زائدة، إلا إذا كانت تريد إختراع عجلة الفشل مرة أخرى وتوقيع اتفاق هزيل وتكوين حكومة شكلية هزلية تبرر وجود العسكر في السلطة وتكون لعبة في ايديهم يوجهونها كما يريدون أو يضعون في طريقها العقبات ليسموها بالفشل!
* وجاء ختام مقالاتي حول هذا الموضوع قبل بضعة اربعة أيام ( 27 مارس، 2023 ) تحت عنوان (مصير الاتفاق الإطاري)، تناولت فيه ورشة الاصلاح العسكري والأمني وما جاء في مخاطبات البرهان وحميدتي من خلاف حول دمج قوات الدعم السريع في الجيش ووضع القوات المسلحة تحت إمرة سلطة مدنية منتخبة سلطة ..إلخ، ذاكرا ان الاتفاق النهائي سيواجه معضلة حقيقية بسبب الخلاف، وانه ليس سوى مناورة من الطرفين ليحقق كل منهما الهدف الذي يسعى إليه !
* وها هىّ المعضلة قد تحققت بانتهاء ورشة الاصلاح العسكري والامني بدون صدور التوصيات المرتقبة بعد انسحاب الجيش والشرطة وجهاز الأمن من الجلسة الأخيرة بسبب الخلاف على الفترة الزمنية لدمج قوات الدعم السريع في الجيش، حيث طالب الجيش بألا تتجاوز ثلاث سنوات، في مقابل فترة لا تقل عن عشرة سنوات حسب مطالبة الدعم السريع، وست سنوات حسب تقديرات المنسق الاممي (فولكر بيرتيس)، وهو في الحقيقة خلاف هزلي ومسرحية عبثية، إذ ان الدمج موضوع قانوني فني يمكن الوصول الى اتفاق واضح حول فترته الزمنية المناسبة بدون الدخول في ثلاثة وعشرة وستة وخمستاشر وكأننا في سوق للمواشي لا رابط ولا ضابط له سوى (يفتح الله ويستر الله) لحصول كل طرف على اكبر مكسب !

 

آراء