يوميات الاحتلال (33): المصداقية ووحدة الرؤية مقابل فشل الثلاثية والانقلابيين 

 


 

 

.. بطبيعة الحال ما ظهر من فشل باين في سيناريو الحوار الذي دعت له الآلية الثلاثية في ممثليها( فولكر و ود لباد و موسي ) معية الإنقلابيين و احلافهم لا يحتاج الي اهراق حبر كثير لوصفه، إذ بات الشعب السوداني بتراكم وعيه المستحصد من ثورته المجيدة قادر علي  التحليل السريع و اتخاذ الموقف الراجح السريع أيضا ، و  هذا السيناريو تمت تغطيته بحصافة جيدة و دقة عالية من خلال متابعتي لتداعيات يوم أمس  و لكن ما يهمنا و يجعل تركيزنا اعلي هو التحليل الدقيق  من منطقة اخري لكنها موازية و تحتاج ليس فقط الإشارة إليها، بل العمل علي تناميها و الإستفادة من خلاصاتها الجوهرية و هي ان القوي السياسية التي قاطعت دعوة الحوار الفاشل ، لابد من أنها اتخذت الموقف السليم و الصائب و المبني علي الإستفادة من التجارب السابقة و هذه نقطة تسجل لها في ظل صراعنا المستمر مع حلف الظلاميين و الإنقلابيين ، و هذا ما كتبنا عنه كثيرا في ضرورة الفرز الثوري التاريخي و الذي كان علي الدوام التأخر او التلكؤ فيه يخسر القوي السياسية خسائر فادحة و يؤخر السودان سنوات عن مشروع نهضته الغائب منذ الإستقلال ، و إجهاض مشروع النهضة مربوط الي حد كبير بالممارسة السياسية و مواقفها و رؤيتها، و مما لا شك فيه الآن هو ان بدايات التعلم لاحت علي الأفق _ان لم نكن متفائلون أكثر من اللازم  _ و بدايات التعلم هو أخذ المواقف الصحيحة المنسجمة مع قراءة الواقع الآني و تقاطعته الإقليمية والدولية و ربط ذلك بتصورات المستقبل و شكل الدولة السودانية  .

.. الواقع الآني يقول بجلاء أن هذه الشرذمة التي انقلبت علي الفترة الإنتقالية بعد أن تواثقت مع المدنيين عليها ، أصبحت غير جديرة بأي ثقة من السودانيين و اضاعوا بقلة عقل فرصة عظيمة أتيحت لهم للتصالح مع هذا الشعب العظيم بعد أن سمح لهم بفرصة غسل ماضيهم الدموي و التعيس، و لكن أرباب  مدراس الغباء لا يمارسون إلا مناهجها و إنضم إليهم جحفل آخر من مدراس شبيهة ، لا يقرأون و لا يرون و لا يسمعون .

   .. الواقع الإقليمي والدولي بات علي قناعة بأن من بني عليهم تصوراته هم غير جديرون بأي تحالفات معه تحفظ مصالحه، لذلك أصبح السقوط الوشيك موضوع وقت و حسابات قاربت الاكتمال، إذا القوي السياسية التي قاطعت، هي تكسب الآن نتيجة موقفها السليم ذي القراءة السليمة و نتمني أن تكون مثل هذه المواقف ليست بنات تاكتيكات وقتية و إنما تستند الي أرضية أصيلة من معرفة الشعب و تطور وعيه و الثورة و مراحلها المتصاعدة و تطلعاتها و أحلام النهضة التي لن يتخلي عنها السودانيين هذه المرة أبدا  .

 .. علي القوي السياسية _ المقاطعة _ الوقوف علي خط واحد مع الشارع الثوري و التواضع معه ، مضاف الي التخلي عن التصورات القديمة سريعة المطامع التي اصبحت عدة صدئة للممارسة السياسية  ، كل ذلك يضمن لها إذا نزل الي أرض الممارسة، الإحترام و الثقة و التجاوب و يجعل الصراع السوداني مفروز و واضح وضوح الشمس؛ الأوطان لا تبني بالدسائس و التبعية القبلية/الطائفية العمياء، و لا أحلام السلطة ذي الامتيازات الطبقية التاريخية و لا  بالتحالف مع خونة شعبهم ، و لا بائعي الضمائر ، تلك حقبة انهتها الثورة حينما قذفت بالمخلوع و فسدته من تجار الدين و الانتهازيين من السلطة ، الذين ساروا مع هذه التجربة المريعة حتي نهايتها، فما الذي يجعل من أمثال هولاء شركاء او مجرد شخوص محتملين للتفاوض معهم؟ و علي ماذا أساسا يتم التفاوض معهم و هم خلو من اي فضيلة او قيم او أخلاق؟! .

.. الذي يخون الوثائق الموقعة و يدنس القسم الذي اقسمه، و المستبيح للاعراض و السافك للدماء حتي يومنا هذا، كيف يكون جدير بأي ثقة او نظرة إحترام حتي؟!! بل بالعكس تجب محاسبته و ضمان عدم فلتانه من المحاسبة  .

.. لم يتبقي الي سفر السقوط العظيم و الوشيك و سوف تسقط معه أشياء كثر لكم عاني منها الشعب السوداني، علي الثوار أن يواصلوا في إعطاء الدروس، و المثابرة علي إبقاء جذوة ثورتهم متقدة، و سوف يكتب التاريخ هذه الفصول بحروف من نور  .. انتم نواة السودان الجديد و ميلاد الإنسان السوداني الجديد، مجددا طريق سيره في درب الحضارة و رفد الإنسانية  .

.. الثورة وعي و بناء و فعل مستمر  .


jebeerb@yahoo.com

 

آراء