يوميات الاحتلال (33): المصداقية ووحدة الرؤية مقابل فشل الثلاثية والانقلابيين
جبير بولاد
10 June, 2022
10 June, 2022
.. بطبيعة الحال ما ظهر من فشل باين في سيناريو الحوار الذي دعت له الآلية الثلاثية في ممثليها( فولكر و ود لباد و موسي ) معية الإنقلابيين و احلافهم لا يحتاج الي اهراق حبر كثير لوصفه، إذ بات الشعب السوداني بتراكم وعيه المستحصد من ثورته المجيدة قادر علي التحليل السريع و اتخاذ الموقف الراجح السريع أيضا ، و هذا السيناريو تمت تغطيته بحصافة جيدة و دقة عالية من خلال متابعتي لتداعيات يوم أمس و لكن ما يهمنا و يجعل تركيزنا اعلي هو التحليل الدقيق من منطقة اخري لكنها موازية و تحتاج ليس فقط الإشارة إليها، بل العمل علي تناميها و الإستفادة من خلاصاتها الجوهرية و هي ان القوي السياسية التي قاطعت دعوة الحوار الفاشل ، لابد من أنها اتخذت الموقف السليم و الصائب و المبني علي الإستفادة من التجارب السابقة و هذه نقطة تسجل لها في ظل صراعنا المستمر مع حلف الظلاميين و الإنقلابيين ، و هذا ما كتبنا عنه كثيرا في ضرورة الفرز الثوري التاريخي و الذي كان علي الدوام التأخر او التلكؤ فيه يخسر القوي السياسية خسائر فادحة و يؤخر السودان سنوات عن مشروع نهضته الغائب منذ الإستقلال ، و إجهاض مشروع النهضة مربوط الي حد كبير بالممارسة السياسية و مواقفها و رؤيتها، و مما لا شك فيه الآن هو ان بدايات التعلم لاحت علي الأفق _ان لم نكن متفائلون أكثر من اللازم _ و بدايات التعلم هو أخذ المواقف الصحيحة المنسجمة مع قراءة الواقع الآني و تقاطعته الإقليمية والدولية و ربط ذلك بتصورات المستقبل و شكل الدولة السودانية .
.. الواقع الآني يقول بجلاء أن هذه الشرذمة التي انقلبت علي الفترة الإنتقالية بعد أن تواثقت مع المدنيين عليها ، أصبحت غير جديرة بأي ثقة من السودانيين و اضاعوا بقلة عقل فرصة عظيمة أتيحت لهم للتصالح مع هذا الشعب العظيم بعد أن سمح لهم بفرصة غسل ماضيهم الدموي و التعيس، و لكن أرباب مدراس الغباء لا يمارسون إلا مناهجها و إنضم إليهم جحفل آخر من مدراس شبيهة ، لا يقرأون و لا يرون و لا يسمعون .
.. الواقع الإقليمي والدولي بات علي قناعة بأن من بني عليهم تصوراته هم غير جديرون بأي تحالفات معه تحفظ مصالحه، لذلك أصبح السقوط الوشيك موضوع وقت و حسابات قاربت الاكتمال، إذا القوي السياسية التي قاطعت، هي تكسب الآن نتيجة موقفها السليم ذي القراءة السليمة و نتمني أن تكون مثل هذه المواقف ليست بنات تاكتيكات وقتية و إنما تستند الي أرضية أصيلة من معرفة الشعب و تطور وعيه و الثورة و مراحلها المتصاعدة و تطلعاتها و أحلام النهضة التي لن يتخلي عنها السودانيين هذه المرة أبدا .
.. علي القوي السياسية _ المقاطعة _ الوقوف علي خط واحد مع الشارع الثوري و التواضع معه ، مضاف الي التخلي عن التصورات القديمة سريعة المطامع التي اصبحت عدة صدئة للممارسة السياسية ، كل ذلك يضمن لها إذا نزل الي أرض الممارسة، الإحترام و الثقة و التجاوب و يجعل الصراع السوداني مفروز و واضح وضوح الشمس؛ الأوطان لا تبني بالدسائس و التبعية القبلية/الطائفية العمياء، و لا أحلام السلطة ذي الامتيازات الطبقية التاريخية و لا بالتحالف مع خونة شعبهم ، و لا بائعي الضمائر ، تلك حقبة انهتها الثورة حينما قذفت بالمخلوع و فسدته من تجار الدين و الانتهازيين من السلطة ، الذين ساروا مع هذه التجربة المريعة حتي نهايتها، فما الذي يجعل من أمثال هولاء شركاء او مجرد شخوص محتملين للتفاوض معهم؟ و علي ماذا أساسا يتم التفاوض معهم و هم خلو من اي فضيلة او قيم او أخلاق؟! .
.. الذي يخون الوثائق الموقعة و يدنس القسم الذي اقسمه، و المستبيح للاعراض و السافك للدماء حتي يومنا هذا، كيف يكون جدير بأي ثقة او نظرة إحترام حتي؟!! بل بالعكس تجب محاسبته و ضمان عدم فلتانه من المحاسبة .
.. لم يتبقي الي سفر السقوط العظيم و الوشيك و سوف تسقط معه أشياء كثر لكم عاني منها الشعب السوداني، علي الثوار أن يواصلوا في إعطاء الدروس، و المثابرة علي إبقاء جذوة ثورتهم متقدة، و سوف يكتب التاريخ هذه الفصول بحروف من نور .. انتم نواة السودان الجديد و ميلاد الإنسان السوداني الجديد، مجددا طريق سيره في درب الحضارة و رفد الإنسانية .
.. الثورة وعي و بناء و فعل مستمر .
jebeerb@yahoo.com