يومٌ فى قبضة الشرطة!! … بقلم: عبدالباقى الظافر
31 December, 2009
تراسيم.
alzafir@hotmaill.com
كورال جامعة الأحفاد كان يُنشد شعراً رائعاً في قامة الوطن ..والاحتفال الأنيق الذي نظّمه صندوق دعم الطلاب يمضي برتابة الخُطب السياسية ..ولكن.. أن تُغنِّي حسناوات في مناسبة حملت تخليداً لاسم رجل أعمال سوداني (نصراني ) بمكانة جورج حجّار ..وأن يقتطع رئيس الجمهورية شخصياً جزءاً من وقته ليُسجَّل اسمه في قائمة الحضور .. هنا تكتسب كل الأحداث والوقائع أهمية استثنائية . وظاهر الأمر يقول إنَّ الإنقاذ تغيَّرت وأفردت مساحة للآخر .. ولكن ...
هممت بالخروج ..فإذا بي أسمع ضجيجاً ..فضول الصحافي جعلني أمضي إلى ذاك الحدث ..سيِّدة سودانية في نهاية خمسينات العمر ..(بت قبائل ) ..كانت تتحدَّث بحسرة وألم ..وتتوسَّل إلى رجال الأمن أن يسمحوا لها بمقابلة الرئيس ..حدَّثتنى نفسي أن أنقل مظلمتها إلى الرئيس عبر الصحافة ..إلتقطت لها صورة ..و(عينك ماتشوف إلاَّ العسكر ) .
هتف أحدهم ..هذا الصحفي أعرفه، إنه شيوعي ..ورفع إبهامه في وجهي محاولاً استفزازي ..بالطبع أخذوا الكاميرا ..طلبوا منِّي الجلوس على أرضية سيّارة .. لكنَّ أحدهم تذكرني..كان قد أوقفني مُحققاً يوم مسيرة الإثنين الشهيرة.. صاح في وجهي " هو إنت تاني " ثم وجَّه رجاله بأخذي إلى عربة الدورية .
أنا الآن في قبضة الشرطة ..الذي تعرفه خيرٌ من الذي لا تعرفه ..أحدهم حاول منعي من استخدام الهاتف النقّال ولكن سعادة الصول ردَّه بوقار قانوني ..وأوضح (للمدني ) أننى ما زلت في مرحلة الاشتباه ويمكننى أن أُهاتف من شئت .
جلستُ في القسم الأوسط نحواً من ثلاث ساعات دون أن يُحقِّق معي أحد ..الرجل ذو اللباس المدني ينتهرُني ..ويطلب منِّي الجلوس بأدب في حضرة مُقدَّم الشرطة ..ورجال الشرطة يقولون إنهم في انتظار حضور رئيس القسم ..وُفقت في الاتصال بنقيب الصحفيين ..لم يفعل شيئاً ..بل كان من الأفضل أن أتصل بنقيب في الشرطة ..عسى ولعلَّ .
أخيراً وصلت إلى (الحراسة ) ..تُهمٌ في أعلاها إرتكاب جرائم مُوجَّهة ضدّ الدولة ..وفي أدناها الإخلال بالسلامة العامّة ..الشرطة ترفض تصديق ضمان من زميلي الصحفى أحمد مُدثِّر وحُجّتهم أنّه يُقيم خارج أُمدرمان .
(الحراسة) واسعة وجيّدة التهوية ..أفضل مّما توقعت .. شبابٌ وشيخُهم ..لكلٍّ قصةٌ وحكاية ..سردتُ أمس واحدة من القصص المثيرة.. أخيراً يُفلح رئيس التحرير الأستاذ عثمان ميرغني في فكِّ رقبتي بالضمان .. وتنتقل القضيّة إلى حيِّز القضاء .
إنّه يومٌ طويلٌ ..إنقضى بخيره وشرِّه ..ولكن.. ثمّة سؤالٌ مُحرجٌ: هل هذا مُناخٌ ملائمٌ لانتخابات نزيهة ؟ ..صورة واحدة تُهدِّد أمن الدولة!! ..وسؤال آخر: لماذا حُجب صوت تلك المرأة وما قصّتها ؟ .