لم تكن قصة النبي يونس إلا من أحسن قصص الذكر الحكيم، فسموه الشخص الذي سنتحدث عنه باسم النبي. أول مرة سمعته قبل بيان العميد عمر البشير، كان ضمن أصوات في إذاعة أم درمان . من بينها ذات الكليشيهات التي سمعناها ولم نزل نسمعها من ذات الشخصية. وجاء الخطاب الذي سجله تنظيم الإخوان المسلمين، وجرت مياه من تحت الجسر. بعد ذلك حضرت مأتم لقريبة أحد الإعلاميين، وكان حاضراً في سرادق العزاء " علي محمد شمو"، وكان الإخوان المسلمين قد عينوه وزيراً للإعلام. انسل من الجمع رجل، خاطب " علي شمو " مباشرة:
- من هذا الرجل الذي ينطق بالسباب لكل زعماء الأرض من بعد نشرة السادسة والنصف صباحاً؟
فرد وزير الإعلام:
- هذا الرجل لا يتبع لنا . يأتينا التسجيل ويطلبون إذاعته بعد نشرة الصباح.
(2)
كانت لإذاعة أم درمان شيئاً من المعزة في قلوب الناس، يسمعون موجز الأخبار، وتقدم لهم الإذاعة أخبار اجتماعيه. وهي كانت من أجهزة الإعلام الرئيسة في ذلك الوقت. وسمعنا ما هو غريب على مسامعنا ، من ألفاظ البذاءة الشيء الكثير، وكان يدعي الخلق الإسلامي، والقاص والداني يعلم الحديث المرفوع للرسول الكريم: ( ليس المؤمن بالطعان ولا باللعان ولا الفاحش ولا البذيء . لقد ظل بوق الإخوان المسلمين ينهق بأحاديثه صباح كل يوم. وتطاول السباب وطال زعماء دول عربية، أقام معها السودانيون جسوراً، تشترك في تركيبة هوية بعض السودانيين . قام " ديك الصباح" بهدم تلك الجسور.
(3)
لم يزل المجلس العسكري، يمارس سلطة فوقية للتنفيذ، دون أن يفوضه أحد. لقد تجمعت الجماهير أمام القيادة العامة، ليس لوضع السلطة في يد العسكريين، بل لانتزاع السلطة من الإخوان المسلمين، وبسطها للشعب السوداني، وسلطة مؤقتة للمدنيين. التي سوف تقوم بكنس ترسانة القوانين التي حمت سلطة الإخوان المسلمين.
إن الشعب السوداني ينتظر التحول الديمقراطي، وسلطة المدنيين التي سوف تنظف السودان من أجهزة التدمير التي خلفها الإخوان المسلمين في السودان. إن مصطلح ( الكيزان ) هو مصطلح محلي، ولكن المصطلح الواضح هو أن المطلوب كنسه هو سلطة الإخوان المسلمين. لقد تأذى الشعب السوداني بسلطة الفساد والتدمير، وسلطة التمكين التي أباحت الوظائف النظامية والوظائف الدبلوماسيين والجهاز القضائي ووظائف الخدمة العامة، لسدنة الإخوان المسلمين، غير المؤهلين.
(4)
استغربت الجماهير وهي تشاهد المؤتمر الصحفي الأول للعسكريين في التلفزيون السوداني ، ولم يظهر أي صحافي أمام الكاميرا. وبعد ذلك عرفنا أن المدعو " يونس محمود" كان حاضراً ، بل وصحافيي السلطة المندحرة، تصفق على إعلان عدم تسليم المجلس العسكري لعمر أحمد البشير. كأن الفي قرية من قرى إقليم دارفور التي تم حرقها، كأن ذلك قول خرافة. وكأن هذه الأجساد التي تم حرقها لا تنتمي للسودان. تنادى المجتمع الدولي وانتشرت منظمات الإغاثة لتمد شرايين الغوث لأهلنا الطيبين الذي تركوا " حواكيرهم" ولزموا حدود " تشاد" لاجئين بلغوا ثلاثمائة ألف شخص.
أين كان صحافيي المؤتمر الوطني حين تمت المجزرة؟
لماذا صمت المؤتمر الوطني والإخوان المسلمين عند ذكر تلك المجازر؟
أين هؤلاء من كتائب " الجنجويد " وهي تقتل وتغتصب النساء وتقتل الأطفال؟
لقد تأذى الشعب السوداني كثيراً، بأفعال الإخوان المسلمين. ها هو السودان ينحدر نحو ذيل أمم العالم كدولة فساد فاشلة. وانهار الاقتصاد وتشظى المجتمع، وصعد الانتهازيون إلى سدة السلطة والغنى الفاحش من ريع الفيء والمغانم وانفصل جنوب السودان.
(5)
سوف يعود السودان أجمل، لأن أبناه وبناته يستحقون حياة كريمة. لا يحتاج السودان لصحون التسول ولا لتمويل المرتزقة، الذي يدعي المجلس العسكري الحالي أن مهامهم لم تنتهي بعد. إن علاقاتنا بالجيران والذين يوالوننا بسبب هوية بعض أهل السودان، قد تضررت كثيراً بسلطة الإخوان المسلمين. فهم انتهازيون لا يعرفون صالح السودان، ولا يهمهم إلا سرقة الأرض والبشر، بدون حق.
نذكر أن سلطة السودان قد وقفت مع " صدام حسين" حين غزا دولة الكويت 1990، وحولها للمحافظة رقم (19) للعراق. بل وطردت السلطة السودانية آنذاك سعادة السفير الكويتي " عبدالله السريّع " بعد أن ظلت دولة الكويت تقدم خدماتها الخاصة بإنشاء المدارس ونقاط الغيار والإغاثة لجنوب السودان طوال عقود.
ماذا فعلت سلطة الإخوان المسلمين: وقفت مع الظالم ضد المظلوم ،وانقضت خدمات آلاف العسكريين السودانيين. ولم نعرف شيئاً عن دعم العراق للسودان إلا اليسير من الملبوسات العسكرية ومصانع العملة، التي افتقدناها آخر المطاف.
تقربت سلطتنا للنظام الإيراني، وزار " رفسنجاني " السودان، وتم تدريب مليشيا الإخوان المسلمين ليتقلبوا في الوظائف العسكرية والأمنية في السودان. وانتشرت في الخرطوم على سبيل المثال عدد(20) من الحسينيات، في بلد ليس للشيعة تراث لهم في العقيدة الإسلامية في السودان.
عبدالله الشقليني
17 أبريل 2019
alshiglini@gmail.com
////////////////