منصة حرة
مسألة تسيير الدولة وفقاً لأنظمة العهد البائد وأساليبه التي عرفناها في السابق، غير مقنعة، وستعقد المعقد، وستعيد إلى الساحة 100 وش يرتدي قناع الثورة، يظهرون خلاف ما يبطنون.
ظللنا ننصح ونتحرى النصح، بأن طريق نجاح الثورة مرهون بكنس آثار الإنقاذ تماماً في كل المؤسسات بما فيها الجيش والشرطة والأمن والشركات الأمنية والوزارات والهيئات كافة، وتغيير أنظمتها من الألف إلى الياء.
وقلنا، إن بقاء الأنظمة القديمة، يشجع الفلول إلى التطاول على الثورة، وسيبعث فيهم الأمل بالعودة إلى السلطة عبر حاضنة سياسية جديدة، أساسها قيادة الجيش التي تمثل العهد البائد.
أكدنا مراراً وتكراراً، أن عدم المحاكمات الفورية، وتقديم القتلة إلى المشانق، ومعاقبة المفسدين، واسترداد الأموال المنهوبة خلال الـ30 عاماً الماضية، عبر الشرعية الثورية، وبقوانين رادعة، سيمنح الفلول الفرصة الكافية لإبادة المستندات، وبعدها سيختفي من يختفي ويهرب من يهرب، ويراوغ في المحاكم من يرواغ، و سنتأخر بذلك كثيراً في إنجاز مطالب الثورة.
طالبنا، بالعزل السياسي للنظام البائد، وكل من شاركه، وساهم معه في الفساد والدمار، وكان طرفاً مباشراً في القمع والاضطهاد ومصادرة الحريات، وللأسف كل ما تم هو مجرد حل لحزب المؤتمر الوطني مع الإبقاء على مؤسساته، حتى عاد مرة أخرى لممارسة أنشطته، وصحف النظام البائد وإعلامه ينشرون أخبار المؤتمر الوطني دون وصفه بـ"المحلول" في تحد واضح للثورة.
وعادت الحركة الإسلامية "الإخوان المسلمون" جناح المؤتمر الشعبي ليتحدثوا صراحة في اجتماع مباشر مع الفريق البرهان عن توسيع الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية، واتهام أحزاب اليسار بالتآمر على قوى الكفاح المسلح وإقصائهم من المشاركة في الحكومة، ووصف الحكومة بالفاشلة، ومحاولات دس السم في العسل لدغدغة مشاعر المجلس العسكري، وكل هذا بسبب التراخي الذي يمارس ممن وثقنا فيهم وفوضناهم لقيادة الفترة الانتقالية.
وزاد التراخي لدرجة أن يلتقي الفريق البرهان بشيوخ الطرق الصوفية، في إعادة وتكرار لذات الأساليب البالية، لكسب ودهم، وربما لانتزاع تفويض جديد للحكم، تماماً كما كان يحدث مع من عرفوا بالإدارات الأهلية، والتي مارست أبشع أنواع الانتهازية، وشراء الذمم.
مجلس السيادة بشقيه - العسكري ممثل اللجنة الأمنية للمخلوع، وحامي مصالح النظام البائد وثرواته، والشق المدني الذي أظهر ضعفاً واضحاً في إدارة الدفه، وتسبب في عدم توازن القوى، وشجع بذلك التحركات الفردية واللقاءات الجماهيرية وغيرها من الأساليب المرفوضة جملة وتفصيلاً – مهامه في الأساس كانت تشريفية، وله دور واضح والتزام خلال الفترة الإنتقالية.
ولكن للأسف ما نراه اليوم هو تجاوز للمهام والصلاحيات، وتدخل في مفاوضات السلام، وتعطيل لسيطرة وزارة المالية على المال العام عن طريق حماية الشركات الحكومية، ولقاءات فردية مع "الإخوان المسلمون" ممثلين في المؤتمر الشعبي، ولقاء شيوخ الطرق الصوفية وغيرهم من التجمعات والأحزاب، وهذا في تقديرنا خرق واضح للوثيقة الدستورية، وتجاوزات غير مقبولة، وتحتاج إلى حسم فوري، وموازين القوة بعد الثورة لا تقاس بمن يحمل السلاح، ويمتلك المدرعات ليرهب بها من يشاء، زمن الخوف انتهى دون رجعة، والمقياس الوحيد هو رأي الشارع، والشعب أيها الشرفاء هو من يمنح شهادة الوطنية وليس من يهدد بالقوة.. حباً ووداً..
الجريدة
نورالدين عثمان
manasathuraa@gmail.com
//////////////////////