25 July, 2021

 

حواء البصير تغذي التمريض .. ووزير صحة يغتاله  . بقلم: عواطف عبداللطيف
طافت ست حواء علي البصير أول عميدة للتمريض اقاليم السودان لحض الاسر لالحاق بناتهن بمعهد التمريض الاوسط مقابل مستشفي الخرطوم التعليمي .. وأبي ايضا أقنعته وتبنت دخولي للمعهد بعد حوالي الثلاثة أشهر من دفعتي ..
عشقت التمريض وحققت انجازا لافتا وكثيرا ماً كان د. الشيخ كنيش أحد أعلام الطب يجاهر بالاشادة بما أحققه في علم التشريح الذي يدرسنا أياه ويمتدح نحافتي ويقول أنها تتناسق ومهنة التمريض ويزجر من تمشي الهوينا …
وتزامنا و نتيجة نهاية العام الدراسي تحركت طالبات ناشطات من الدفعة الاولى وحدثونا عن ضرورة الاضراب وعدم الذهاب للمستشفي للضغط علي ادارة المعهد لتحسين الاعاشة و الراتب ليكون مجزي يعادل العمل وسط المرضى والدروس النظرية التي نتلقاها من أطباء اكفاء … وحانت ساعة الصفر ودخل الجميع الاضراب .. صباح اليوم الثاني تجمعنا وسط المعهد وتم التنبيه بالالتزام بالزي الرسمي وكان موقفا مهيبا لا يخلو من الضجيج .. فاذا سعادة وزير الصحة وقتها د. عبدالحميد صالح يدلف وفي معيته كوكبة رجال وكنت اول مرة تطال أذني أسم وزير وجال بخيالي الصورة المثالية لكبار القوم ولم أشعر بكثير رهبة طالما مسحت السيدة حواء البصير علي رأسي فسيكون الوزير اكثر احتواءا لبناته الطالبات ..
أنقبضت الانفاس وحدها مديرة المعهد وطاقم المشرفات كن يتصببنا عرقا ويبذلنا جهدا لكتم أي أصوات تعلوا في ذلك الجمع المهيب .. ويبدو ان الوزراء والمسؤلين يصنع لهم الاخرون هيبة ومهابة ويعمدونهم أصناما مقدسة و ملوكا مبجلين ..
القى الوزير كلمة قصيرة تمركزت بصورة قاطعة " رفض الاضراب " وإنتزاع الاعتراف بالخطأ والخطيئة .. وتصدت الكثيرات لعرض الاسباب التي قادت للاضراب والمتمثلة في ممارسة ضغط علي الادارة لتحقيق المطالب .. ورفض سعادته الاستماع لاي ايضاح او تبرير .. أنا ايضا أخذت فرصتي للحديث .. نعم ارتكبنا خطأ الدخول في اضراب ولكن … أجلسي … فقط الرد بنعم ام لا ..
وفشلنا في ادارة حوار مع الوزير لايصال وجهة النظر التي قادت للاضراب وبالطبع لم تتمكن أي طالبة من الرد بنعم او لا .. كل من رفعت أصبعها فشلت في الاقرار بالخطا علي المطلق واختصار الاجابة بنعم دون شرح و تبرير …
وخرج الوزير مغاضبا .. وضجت القاعة بمناقشات جانبية لعدم اتاحة الفرصةللرأي والرأي الاخر وحصره في ( نعم او لا ) وذهبت طالبات لغرفهن والبعضجلسنا يتجاذبن اطراف حديث الساعة واخريات تحلقن يتدارسن كيف ايصال الامر للبرلمان للنائب ابراهيم دريج فغالبية الطالبات كن من اقليم دارفور وكردفان ..
ولم ترخي شمس نهار ذلك اليوم أذيالها إلا و انتشر خبر بثته اذاعة امدرمان كنداء عاجل " رجاء من أولياء الامور سرعة أستلام بناتهن من معهد التمريض الاوسط .. ووزارة الصحة غير مسؤولة عن اي طالبة لم يتم استلامها " وتباعا سيتم الترتيب لسفر طالبات الاقليم لاهاليهن وفق حركة القطارات … والتقط أبي الخبر المزعج وأعتلى اول معدية تمخر النيل ما بين النقل النهري بالخرطوم بحري وترسو ناحية القصر الجمهوري وقطع المسافة للمعهد راجلا … وفشلت و صديقاتي ان نترجاه ليتركني حتى الغد فأبي ايضا شديد الالتزام .. وكان ذلك أخر يوم لنابمعهد التمريض .. و أقوى رصاصة اغلقت مؤسسة من منارات الصحة والاستشفاء وكان يمكن ان يكون المعهد نقلة نوعية لعلم التمريض فاذا وزير مغاضب لم يسمح للمتظلمات عرض قضيتهن ما عليهن وما لهن .. فاغتال مدرسة للتعليم الانساني وأربك مستقبل طالبات يافعات جاهدة أمراة هي حواء علي البصير لرسم افاق مستقبلهن بحض الاسر لتكون بناتهن ملائكة للرحمة مسلحات بالعلم والمعرفة ..
وتأهلنا و صديقتي بالمعهد فتحية عبدالله لندلف لوزارة الخارجية .. ويبقى للحديث بقية
عواطف عبداللطيف
Awatifderat1@gmail.com
--
Awatif Abdelatif

 

آراء