اسمك الظافر ينمو في ضمير الشعب إيماناً وبُشرى وعلى الغابة والصحراء يمتد وشاحاً.. وبأيدينا توهجت ضياء وسلاحا
( محمد المكي إبراهيم )
(1) لن يستطع الإخوان المسلمين قبر ثورة 21 أكتوبر، لأنها صناعة شعبية، في حين أن الإخوان المسلمين صناعة دكتاتورية شمولية، لا يتنفسون أكسيد الديمقراطية. ورغم محاولاتهم اليائسة طمس حقائقها، وإلغاء الإحتفال بها، فإن ذكراها خالدة في ذاكرة الشعب. نذكّر بأن زعيمهم الذي علّمهم السحر، خرج على رأس تظاهرة من مسجد أم درمان الكبيربعد منح المرأة الحق في التصويت، هاتفاً بمنع تصويت المرأة !. ومن الغرائب أنه بعد انقلابه في 1989، بدأ يؤيد اشتراك المرأة في الانتخابات والعمل السياسي، بل تسلّقت أغصان حزب الإخوان المسلمين، الذي انحدر تنظيمياً من الحزب المصري الذي أسسه " حسن البنا"!. لن يستطع تنظيم الإخوان المسلمين، رغم انقلابه العسكري، واستدامة سلطته 30 عاماً، من القهر والقتل وتدمير كل إنجاز تنموي في البلاد، ولم يستطع أن يلغي الحفاوة بثورة الشعب في أكتوبر 1964أو ذكراها. ارتدّت القوانين وحال الوطن إلى قاع الأمم في أسفل سافلين. وعمّ الفساد والنهب وسياسة التمكين، واستخدام غير المؤهلين في حزبهم لتقلد مهام الوظائف في الخدمة العامة والنظامية والقضائية والدبلوماسية، وطرد أبناء الشعب من وظائفهم. وارتدّ السودان إلى حال البلاد أيام " الخليفة عبدالله ".
(2) وبناء على ثورة الشعب في أكتوبر، تم تكوين جبهة وطنية من كل القوى والجماعات السياسية التي ساهمت في مقاومة الحكم العسكري. أطلق ليها " جبهة الهيئات" ومن ثمة تم الاتفاق على منهج سياسي يكون بمثابة دليل للعمل.وهو ما أطلق عليه " الميثاق الوطني". وقد تضمن الميثاق المبادئ الآتية: أولاً: تصفية الحكم العسكري. ثانياً: إطلاق الحريات العامة، كحرية الصحافة والتعبير والتنظيم والتجمع. ثالثاً: رفع حالة الطوارئ وإلغاء القوانين المقيّدة للحريات، في المناطق التي لا يُخشى فيها من اضطراب الأمن. رابعاً: تأمين استقلال القضاء. خامساً: تأمين استقلال الجامعة ( وكانت جامعة الخرطوم حينذاك).
(3) بعد تكوين الحكومة الانتقالية برئاسة السيد " سرالختم الخليفة"، وفي 16 مارس 1965 انعقد مؤتمر المائدة المستديرة لوضع الحلول لقضية الجنوب، رغم أنه لم يتوصل لاجماع في المسائل الإدارية والدستورية، إلا أنه استطاع تكوين لجنة الإثني عشر، التي اُسند إليها البحث عن الحلول . وأهم العوامل التي أفشلت الوصول لاتفاق، هو عمق الخلافات التي نشبت بين مندوبي فصائل جنوب السودان أنفسهم، وعزوف كل جماعة عن الالتزام برأي واحد. وبالرغم من ذلك أقرت لجنة الإثني عشر على استبعاد الانفصال بين شطري الوطن، أو يبرر الاستمرار في الوضع الراهن.
(4) جرت انتخابات بإصرار استعجالها من قبل الأحزاب الطائفية، وكان مجموع عدد سكان السودان حينه 8449938 نسمة. وجرت الانتخابات على أساس قانون الانتخابات لعام 1958، فيما عدا تعديلات طفيفة. وقد اشتملت على إعادة دوائر الخريجين، وأجازت حق النساء في التصويت، وتخفيض سن الانتخاب من 21 عاماً إلى 18 عاماً. وقاطع الانتخابات حزب الشعب الديمقراطي ( حزب طائفة الختمية). فاز اللحزب الشيوعي بعدد 11 مقعداً في دوائر الخريجين، وفازت من ضمنهم عن الاتحاد النسائي " فاطمة أحمد إبراهيم " كأول نائبة برلمانية وكانت تلك سابقة لم تحدث في دول الجوار والدول العربية. وحصل الحزب الوطني الاتحادي على 73 مقعداً، وحصل حزب الأمة على 93 مقعداً، وحصل حزب سانو على 10 مقاعد، وحصل المستقلون على 18 مقعداً، وحصل أبناء البجة على 10 مقاعد، وحصل وحصل الإخوان المسلمين على 5 مقاعد، وحصل الأحرار الجنوبين على مقعدين، وحصل حزب الجنوبين الاتحاديين مقعدين، وحصلت الكتلة الغوبية على 10 مقاعد. وتم تكوين حكومة ائتلافية من الحزب الوطني الاتحادي وحزب الأمة والإخوان المسلمين، رغم أن الأخير حاز على 5 مقاعد. لم تجر انتخابات في الإقليم الجنوبي إلا بعد عام.
(5) في ذكري ثورة الشعب في 21 أكتوبر 2018، تزدهر الذاكرة بفأل تلك الثورة الخضراء، وكان أفراد الشعب يحملون أغصان الأشجار. ويتعين لأجيال أهل السودان أن يتعرّفوا على حقائق الثورة من مظانها، وليس من أصحاب الهوس الذي دمّر السودان.