27 سودانيا فقدوا أعينهم وأطرافهم خلال قمع الأجهزة الأمنية التظاهرات الرافضة للانقلاب

 


 

 

الخرطوم – «القدس العربي»: أكدت لجنة أطباء السودان المركزية، فقد 27 متظاهرا أعينهم وأطرافهم خلال قمع الأجهزة الأمنية التظاهرات الرافضة للانقلاب العسكري في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وخلال 6 أشهر من قمع السلطات السودانية للتظاهرات السلمية، قتل 94 متظاهرا، وأصيب ما يزيد عن 4000 آخرين، فقد بعضهم أطرافا وأعضاء حيوية، بالإضافة إلى حالات الإصابة بالشلل وتدني الوعي. وتضمنت الحالات، 14 متظاهرا فقدوا حاسة البصر نتيجة استئصال العين، بالإضافة إلى بتر أطراف 13 آخرين، بسبب إصابتهم بأعيرة نارية وقنابل صوتية وعبوات الغاز المسيل للدموع.

وحسب تقرير نشرته لجنة الأطباء السودانيين، حدثت 83 حالة إصابة في العين خلال التظاهرات، أدت 14 منها للفقد الكامل للبصر واستئصال العين، منها، 10 حالات نتيجة الإصابة بعبوات الغاز المسيل للدموع وحالة نتيجة الإصابة بطلق ناري، يرجّح أنها بسلاح خرطوش، بالإضافة إلى حالة إصابة برصاص مطاطي، وحالة إصابة بقنبلة صوتية وأخرى نتيجة الرشق بالحجارة. وأشار إلى تسبب عدد كبير من الإصابات في الإتلاف الكامل لكرة العين، الأمر الذي يؤدي إلى تأثر كل غرف العين بالإصابة، ما يزيد من احتمالية فقدان البصر بشكل مستديم. وبين أن معظم إصابات العيون جاءت نتيجة التصويب المباشر لعبوات الغاز المسيل للدموع نحو العين، بالإضافة إلى الإصابات بالرصاص والرصاص المطاطي والحجارة.

ولفت إلى أن العين واحدة من أهم أعضاء جسم الإنسان، وإلى الأثر البالغ لفقدها على حياة الإنسان، وإلى دور الجهاز البصري في تطوير مهارات التعلّم.

ورصد التقرير، فقد 13 متظاهرا أطرافهم، وبترها نتيجة الإصابة بالرصاص والقنابل الصوتية بالإضافة لعبوات الغاز المسيل للدموع، منها 5 حالات بتر نتيجة الإصابة بالرصاص الحي، منها حالتا بتر للأصابع، و3 حالات بتر للأطراف السفلية. وكذلك حالتا بتر لكف اليد و6 حالات بتر لكل الأصابع أو جزء منها نتيجة الإصابة بالقنابل الصوتية.

ولفت إلى التبعات الكبيرة لفقد الأيدي، التي تعتبر من أهم أعضاء الجسم، وأثرها على حياة المصاب وقدرته على القيام بالمهام والواجبات والمهارات المختلفة خاصة إذا ما كانت اليد المبتورة هي اليد السائدة في الاستخدام وإذا ما كان المصاب يعمل في مهن تعتمد على المهارة والقدرة اليدوية. وأشار الى تبعات الصدمة النفسية لفقدان الأطراف والتأثير المباشر على كسب رزق العيش اليومي. وأضاف: “في حالة فقدان الأطراف السفلية يحتاج المصاب لفترة زمنية طويلة للتعافي من الصدمة الجسدية والنفسية، كما يحتاج للمتابعة مع الأطباء بشكل مستمر إلى أن يتم تركيب الطرف الصناعي الذي يساعد على الحركة إلا أن توصيله وفصله باستمرار يظل أمراً مزعجاً للمصاب.”

وأوضح أن الأطراف الصناعية السفلية أو العلوية لا تؤدي وظيفة الطرف المفقود بشكل متكافئ، مشيرة إلى أن فقدان المصاب لأحد أطرافه يظل هاجساً يراوده حتى بعد الاستعاضة عن هذا الفقدان بطرف صناعي يقوم بأداء وظيفة الطرف الأصلي.

وبين أن أحد الأسباب الرئيسيّة لفقدان الأيادي هو انفجار القنابل الصوتية، مشيرة إلى أنه يؤدي إلى التهتك الشديد لأنسجة اليد كالأوتار والعظام والأعصاب والأوعية الدموية، ما يجعل مهمة إصلاح هذه الأنسجة وارجاع اليد إلى طبيعتها أمراً في غاية الصعوبة. وتأتي في المرتبة الثانية قنابل الغاز المسيل للدموع كأحد أسباب بتر الأيدي كذلك.

ويعتبر الرصاص الحي هو أحد الأسباب الرئيسيّة لفقدان الأطراف السفلية، حسب تقرير اللجنة الذي أوضح أن إصابة الشرايين الرئيسية قد تؤدي إلى موت أنسجة الطرف السفلي، وأن الإصابة في أعلى الفخذ قد تتسبب في تهتك الشريان الفخذي وتؤدي إلى فقدان الطرف من مستوى منتصف الفخذ فما أسفل، كما تؤدي الإصابة في أماكن أدنى من ذلك إلى فقدان الطرف من منطقة أعلى الساق وتحت الركبة قليلاً فما أسفل.

ولفت التقرير إلى الآثار النفسية والاقتصادية البالغة التي يسببها فقدان الأطراف والأعضاء على المصابين وأسرهم والمجتمع، مشيرا إلى طول أمد عمليتي العلاج والتأهيل وتبعاتهم البالغة.

وظلت لجنة الأطباء السودان المركزية تندد باستخدام الأجهزة الأمنية الأسلحة المضادة للطائرات والرصاص والقنابل الصوتية، بالإضافة إلى استخدام عبوات الغاز المسيل للدموع كسلاح والاستهداف المباشر للمتظاهرين به مما أدى إلى مقتل متظاهرين وفقد آخرين أطرافهم بالإضافة للإصابة بالشلل وتدني الوعي مطالبة المنظمات الحقوقية المحلية والدولية باتخاذ ما يلزم في الصدد، وتحميل السلطات عواقب هذه الانتهاكات الحقوقية والقانونية.

وفي السياق، أكد المحامي والناشط الحقوقي، عبد الباسط الحاج لـ”القدس العربي” أن “استخدام الأجهزة الأمنية العنف المفرط والقوة القاتلة في مواجهة التظاهرات السلمية انتهاك واضح للقوانين المحلية والمواثيق الدولية.

وأشار إلى تحديد القانون السوداني طرقا معينة للتعامل مع التجمعات الجماهيرية والتظاهرات، وإلزامه بتكليف وكيل نيابة مختص يرافق قوات الشرطة خلال تعاملها مع التظاهرات، يكون المسؤول عن إصدار التعليمات لهذه القوات وتحديد الوسائل المطلوبة للتعامل مع هذه التجمعات.

وشدد على أن القانون السوداني لم يشرع استخدام العنف المفرط تجاه المتظاهرين السلميين وألزم قوات إنفاذ القانون باستخدام أقل الوسائل ضرراً لتفريق التظاهرات وأنه لا يجيز استخدام السلاح أو الرصاص الحي وبنادق الخرطوش إطلاقاً.

وفي حال حدوث حالات قتل أثناء تفريق التظاهرات أو إصابات بالغة، أكد الحاج أن الأجهزة الأمنية والشرطة تتحمل المسؤولية الجنائية الكاملة ولا تستفيد من أي استثناء لأنها تعتبر متعمدة. وبين أن هذه الجرائم لديها جوانب تتعلق بالحق الخاص وأخرى بالحق العام، موضحا أن الشق الخاص يتعلق بتمسك أولياء الدم أو المصابين بحقوقهم في التعويض وتلقي العلاج والرعاية الصحية المناسبة، والشق العام يتعلق بمحاسبة المتورطين جنائياً عبر محاكمة عادلة، ومحاسبتهم إدارياً داخل المؤسسة العسكرية عن طريق الفصل والتأديب.

وشدد “الحاج” على ضرورة أن يكون ملف القتلى والمصابين في التظاهرات من الأولويات القصوى، حال وجود أي فرصة لمباشرة إجراءات قانونية، لافتا إلى أن الانتهاكات التي ظلت تقوم بها الأجهزة الأمنية والجرائم التي ارتكبتها في حق المتظاهرين تفتح الباب للمطالبة والعمل الجاد على إصلاح الأجهزة الأمنية والعدلية وتدريب منسوبيهم.

 

آراء