( 30 يونيو 1989)

 


 

 

 

tariqbf@gmail.com
بسم الله الرحمن الرحيم

كان على السودان كأحد يومي المنذرملك الحيرة الجاهلي ،ولكنه شؤم لا ينتهي بيومه وإنما يتجدد في حوليات تذّكر الناس به. مع المناسبة حضرني من شعر جبران :
إن الصالح يبقى صالحا **** آخر الدهر ويبقى الشر شرا
قول جبران أخذني استعرض في مخيلتي صورا مما

نحن فيه ولكنه قطع علي حبل ما كنت فيه حين سألني إن كنت أعرف لماذا أوقف الدكتور محمد الأمين عن إمامة صلاة الجمعة بالمسجد الكبير ، ولم ينتظر إجابتي ، فأردف سؤاله بإسماعي تسجيلا لخطبة الدكتور التي منع بعدها من إمامة الصلاة يوم الجمعة . خطبة الدكتوركانت نشرا لتقرير المراجع العام. فالتقرير قد كشف ضياع 43 مليار من الجنيهات من المال العام . وظل الدكتور يكرر في أسى الرقم الضائع ويتحسر على ما فعله الفساد المعلن . قال محدثي إن ما خفى أعظم . ما يجري في البلاد مصداق للقول " إذا كان رب البيت للدف ضاربا فشيمة أهل البيت كلهم الرقص"، وتكرار وتأكيد للمثل الدارج " كان ما سووه الكبار ما كان عرفوه الصغار"
وعاد من سألني يقرؤني ما نشره الدكتور فيصل عبد الرحمن علي طه عن واقعة حكاها له طيب الذكرأمين التوم ساتي ـ وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء في منتصف ستينات القرن الماضي ، فقد روى الوزير أن تقرير المراجع العام يومئذ كشف عن بضع مئات من الجنيهات من المال العام تم التصرف فيها بغير وجه حق.وأضطر المخالف – وقد كان متنفذا- لإعادة الجنيهات مع الاعتذار.كان ذلك في الزمن الجميل.
" وجه حق" معناها الوجه المقرر لانفاق المال العام لأجل التحقق من سلامة الإنفاق ، أقيم المراجع العام رقيبا، وأنيطت بالنواب المحاسبة بشأنه، ترى ماذا هم فاعلون في ما كشف عنه المراجع العام واذاعه إمام صلاة الجمعة ؟ ام هي حكاية اب سن مع اب سنينتين .
واستحضرت قول الله تعالى : "وإذا أردنا ان نهلك قرية امرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا" – (الآية 16 سورة الإسراء) . اما الفسق فإنه يأخذ على الناس جميع أقطار حياتهم، فما أنا بحاجة لأن أعرّف معنى الفسق، لكن من هم المترفون؟ رجعت ابحث في كل ما كان في متناولي من كتب التفسير عن معنى الآية . راقني في ما وجدت عن تفسير كلمة مترفيها انها تعني المتنفذين . يا الله ! هل في ما يجري في سودان اليوم مشابه لما جرى لاهل القرية ؟ وإن كان ذلك كذلك فهل ينتظرهم مصير أهل القرية ؟ "دمرناها تدميرا"حين تنزل لا تفرق بين مترف وأغبش .
أرجوإلى الله تعالى ان تكون في القوم بقية رشاد فيدركوا ويتداركواوالله على كل شيئ قدير.
صالح فرح
أبوظبي في : 29\06\2017

 

 

آراء