طوّل المسير ونحن ننتظر في الصفوف ، فليس هنالك مكان لغير المُختارين . الذين جاءت بهم العادات ، قبعوا هناك ، ألفي كيلومتر من البعيد ، يرقبون الأضياف . منْ حضر ومن تأخر ، ومنْ جاء عازباً ، ومن احتمى بالجيوش التي قلمت أظافرها ، وهندست بُنيانها لتظهر وتُضاهي أهل الفرح .
من يستعجل ؟.
قيل العجلة من الشيطان ، ليت هو الشيطان وحده منْ حضر، وأولاده أيضاً حضروا كلهم . فقد أفرخ الواحد منهم فرخاً ، يافع حين كانت الحياة بين أصابع الأقدار . واليوم أينعت الرءوس ، واحتجبت الشمس عن الخروج . وأظلم الليل أكثر سوداً مما كان . وخرج القمر مُتلألئاً ، مُكتمِل الإستدارة ، بلا سُحب ، كل النجوم كانت في أثوابها النُضر ، تغمز من البعيد .
*
قالوا سُندس خُضر ، وغاب الاستبرق . كانت السرادق بفخامة اليوم ، تُضيء وكأن لم تمسسها نار . الألوان المُذهبة ، حتى أنت لن تُفرز الذهب المشغول من الذهب الصراح . كل ما هناك مُذهب ، المقاعد وزينتها والطاولات تتحدث اليوم عن الحفاوة . وآيات الطعام والشراب ، من كل حُسنٍ جاءت الألوان مُجتمعة . اختارت من كل مادة لون ، فالثياب ألوانها كالعطور التي كادت أن تتفجر أنوارها ، وتُصيح في الأنوف ألا تغفل ، فالموعد اليوم أكبر من الحفاوة .
*
لم تغب التكنولوجيا ، رسمت صور العروسين ، ملكٌ وملكة . حدثني الهُدهُد الذي شاهد الحفل من أوله إلى منتهاه . فقال جاءت كؤوس الإعلام جلها ،تتحدث عن الرواية . كل قيادات الدولة جاءوا وقد اغتسلت الظواهر وجاءت في أجمل زينتها ، فالغياب محسوب ! . أما البواطن ، فهي التي لا تغسلها البُدرة الصابونية ، ولا تزكيها الروائح وإن غلا ثمنها . جاء كل الخونة في لباس الملوك ، وجاء الذين حسبوا أنفسهم منهم ، وأتم القوم رصف بُنيانهم حتى اكتمل . الحرس جاء زرافات ، من كل طائفة فريق ، ومن كل فريق فخذ ومن كل فخذ عائلة ، وللعوائل الأمنية ألوانها . وقد تزينوا بكل الحواس التي تسمع النبض وما حوى ، وألفي كيلومتر عن المكان ، تُغطيه الستارة الأمنية الفضفاضة .
*
الميعاد عند الحادية عشر ، إلا هذا اليوم . نصبوا جميعاً في أذهانهم " أما بنعمة ربك فحدث ".
هكذا كل مسلم وكل مسلمة، عليهما التحدث بنعم الله .نشكر الله على ذلك، الله أنعم علينا بنعم كثيرة، نحمده على هذا ، نشكره على هذا، يتحدث بنعم الله، نعمة السمع البصر الصحة المال .يتحدث بنعم الله ويشكره سبحانه يشكره على ذلك، بطاعته وترك معصيته. " ليس في الانفاق معصية ، بل حفاوة بقدر ما تيسرت النعم .
*
تم غض البصر عن الفواحش إلا اللمم، فهم أهل اللمم . يكنزون منه ما وسعتهم المقدرة . يستبطنون النوايا الحسنة ، إلا أن الدواخل لا يعلم بها إلا صاحب الوقت . صور كثيرة استقبلتهم ، فهل يدخل الملائكة بيت فيه كلب أوصورة ؟ . لا تُسيء فيهم الظن ، فهؤلاء أصحاب العيون الساجدة ، التي تتذوق الجمال الذي وهبه المولى ، لمنْ تيسرت له الأنعام ،فيتكرّم هو بها . وتيسرت له السيّارة الفارهة ، ليست السيّارة التي حملت يوسف الصديق من البئر وانتشلته وباعته !.
*
قالت وكالات الأنباء :
عاشت العاصمة الخرطوم أحدى ليالي ألف ليلة وليلة، وذلك عندما شهد نادي جوار مطار الخرطوم الدولي في يوم السبت الماضي زواج الأول من نوعه .شرف الحفل جمع من القيادات السياسية وعدد من رجالات الدولة والعاملين في السلك الدبلوماسي.
شارك في الحفل الذي استمر حتى السادسة صباحاً عدد من الفنانين بلغ عددهم السبعة إلى جانب الفنان الذي تم جلبه من دبي خصيصاً لاقامة مراسم الزفة.وأكد شهود عيان للراكوبة أن عمال الضيافة قبضوا حافزاً قدره مليون جنيه لكل واحد منهم نظير الخدمات الفندقية التي قدموها.
عبدالله الشقليني
19 مارس 2018
alshiglini@gmail.com