إعلان تلفزيوني ،جاء لتغطية الخلل الذي أصاب الاقتصاد ، وانهار أما ضربات الحياة . هؤلاء الذين أمسكوا بالسلطة غدراً ذات مساء أغبر ، حين وقف بعد ذلك أحد مُنفذي الانقلاب عام 1989 يقول : (لولا قيامنا بالانقلاب لصار سعر الدولار 20 جنيهاً ! ). وبعد تسعة وعشرين عاماً صار الدولار يعادل 35000 جنيه ، ورغم ذلك يسمون انقلابهم زوراً ( الإنقاذ )، بل وأنهم جاءوا لينقذوا البلاد !! .
من قبل سرقوا النقود من جيوب الناس في بداية التسعينات باسم تغيير العملة ، وفتحوا لهم حسابات. ومنْ يملك أعلى من 100000 جنيه، تُخصم منه 25%، على أن يستردها بعد عام . ولم يسترد أحد فلوسه !. ثم قاموا بعد فترة بإلغاء ثلاثة أصفار من العملة ( الجنيه الحالي يعادل 1000 جنيه ). ولن تنمحي تلك المعلومة من تاريخ الاقتصاد السوداني مهما مرت الأعوام . أي سلطة تصل لهذا المستوى هذا الفشل والانهيار ، سوف تستقيل حفاظاً على كرامتها ، ولكنه تنظيم المافيا الإسلاموية لا كرامة له ، ولا كرامة للمنتمين إليه . جاء التنظيم لهدم الدولة ولسرقة الناس و أصول السودان من قِبل أفشل البشر وأجهلهم ، وبالتمكين نصّبوا أنفسهم أخيار ويصرخون ملء حناجرهم ( هي لله ، لا للسلطة ولا للجاه ) !. جاءوا لإفشاء الفساد وسيطرة الجهل النشط، ليس لهم إلا ثلاثة : ( التدريب الأمني ، التدريب على استخدام السلاح ، الطاعة العمياء دون سؤال ) . لم يعد هنالك سلع للصادر تُذكر وفشل مشروع القرن العشرين وتم تهديم سكك حديد السودان ، وتم تحويل حديدها لصناعة سيخ التسليح ! . فقد تم تدمير كافة المشروعات المُنتجة ،وتم بيع شركات القطاع العام لأتباعهم " بتراب الفلوس "، وهو أمر معروف لعامة الناس. ورغم ذلك يتحدثون عن المستقبل الباهر ، والانتخابات !!
(2)
لم تتوقف مطبعتي النظام عن العمل، إلا بعد نفاد العملات الصعبة. الخامة الورقية يتم شراءها بالدولار ، فكيف يتم طبع العملات المحلية ؟. إذن توقف طبع العملة المحلية. كل ذلك جاء بعد قرار رفع قيمة سعر الدولار من 6000 جنيهات إلى 00018 جنيهاً، فقفز سعر الدولار إلى 00035 جنيهاً للسعر الموازي !. فقد الناس ما تبقى لهم من ثقة في النظام المصرفي ، فأخرج الجميع أموالهم من البنوك ورجعوا للتخزين في البيوت ، أي العودة إلى النظام العالمي القديم ، قبل ظهور عالم البنوك وتجميع الرساميل من أجل المشروعات الكبرى. انكمشت البنوك وصارت تشبه محلات الصرافة ! . لا يصرف لك البنك إلا بعد أن يأتي زبون بالعملات المحلية!.
لجأت الدولة إلى أموال المغتربين ( الحائط القصير لمنْ يريد السرقة ) ، رغبة في إجبارهم على تحويل العملات الصعبة عبر البنوك الرسمية ، اي بسعر 18 جنيهاً بدلاً عن 35 جنيه الذي هو السعر الموازي ( الحر) . ويبقى السؤال الحقيقي الذي يتعين على الدولة أن تُجيب عليه. ماذا تقدم الدولة للسادة المغتربين ؟
الدولة لا تقدم شيء ، بل تأخذ من كل مغترب ضرائب وجبايات وزكاة ( مشكوك في مرجعيّتها ) ورسوم خدمات غير مُبررة . للمغتربين وسائلهم للتحويل لأهاليهم ، وليس هناك من داعٍ لمثل هذه الألفاظ : ( يبلّوا الدولارات ويشربوا مويّتها )!!
(3)
أمرت الدولة شركات الهاتف النقال بالتنسيق مع بنوك الدولة بشأن ابتداع تطبيقات على الهاتف النقال، لتفعيل نظام تحويل النقود من رصيد إلى آخر ، دون أن تكلف الدولة أوراق نقدية . وذلك حتى تتم المعاملات الاقتصادية بين الناس بعد انعدام السيولة ، بأرقام إلكترونية . ورغم ذلك يقولون ( إن الإجراء آمن ) !!. والجميع يعلم أن النظام الرقمي غير آمن ، لأن مصادره ( مضروبة ) ، وكذلك برامج الحماية الإلكترونية ( مضروبة أيضاً ) !!
استبقت الخطوة إلغاء ملايين بطاقات الهواتف ، وتم التدقيق على معلومات أصحاب البطاقات ، وتسجيلها في أرشيف خوادم الأمن والاستخبارات ، وذلك لرصد السكان عن طريق المعلومات التي توفرها شركات الهواتف النقالة . وبالتالي رقابة كل منْ يحمل هاتف نقال ، أين يذهب ، ومع منْ يجتمع . وتسجيل كل الاجتماعات المرصودة عن طريق الهاتف النقال ، ولو كان مغلقاً . هذه تقنية معروفة ، وقد استوردها الجهاز لمتابعة الأغيار . ومعظم تلك الأجهزة ليس لها مُستخدمون مؤهلون!.
(4)
بعد ذلك بدأ الترويج إعلامياً للأمر بواسطة محطات التلفزيون . كل شيء يتم عن طريق التطبيق ( قروشي في موبايلي ) !، ظناً منهم أن العالم الافتراضي آمن!!.
لا أحد يثق في دولة اللصوص ومؤسساتها المالية ، فهي لن تصبح آمنة بأية حال من الأحوال . من السهل على أي مختص في تقنية سرقة البيانات والمعلومات ، بالدخول لسجلات الحسابات المدونة في البنوك والعبث بمحتوياتها ومصائر الناس . منْ يثق في قول أو تصريح يصدر عن دولة اللصوص ؟
على كلٍ، لن يتم طباعة عملات محلية، وما يحتفظ به الأفراد في حسابات خاصة في البنوك أصبحت هباء منثوراً.
عبدالله الشقليني
26 أبريل 2018
alshiglini@gmail.com