الثورة والإنقلاب وجهان لعملة واحدة فقد تنجح الثورة في الوصول إلي السلطة ديمقراطياً عن طريق نبض الشارع وتفاعل الجماهير مع دعوتها ولكنها تفشل في تحقيق أهدافها، ولكنها تظل وتبقي ثورة كما إكتوبر وإنتفاضة رجب أبريل، أما الإنقلاب فمعروف كيف يستولي علي السلطة عبر فوهة البندقية وتحريك الدبابات بليل بهيم وقد ينجح في تحقيق الهدف الأساسي وهو الإستيلاء علي السلطة ولكنه يبقي ويظل إنقلاب كما في مايو1969م والإنقاذ يونيو 1989م. معلوم أن الإنقلابات تأتي بشعارات تلمس العواطف وتخاطب الحواس في لحظة نشوة الإستيلاء علي السلطة ورغبة الشعب في التغيير لدرجة هتافهم في لحظة ربما غاب فيها الوعي الجمعي والوجدان السليم وتغييب العقل والمنطق، بهتاف العذاب ولا الأحزاب، ومادري من يهتفون أن الأحزاب مهما كانت سيئة , ولكنها نهاية المطاف من رحم الوطن حيث توجد الحرية والديمقراطية والرأي والرأي الآخر. إن الجبال والأرض والسماوات أشفقن من حمل المسئولية فحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً، إنها مسئولية أمة وشعب ووطن، يفترض علي ولي الأمر توفير أساسياتها من أمن وسلام وطمأنينة وتعليم وصحة وسكن وأساسيات الحياة من طرق ومواصلات وتوظيف ودرء كل المخاطر، فحتي رب العباد أمر بعبادته بعد توفير المطعم والمأمن( فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف). أنظروا إلي عمر إبن عبد العزيز عندما تولي الخلافة ودخلت عليه زوجته فوجدته يبكي، فسألته ما يبكيك؟ قال كيف لا أبكي وقد وليت أمر أمة محمد وفيهم وفيهم وفيهم وكلهم خصمائئ يوم القيامة أمام الواحد الأحد وشاهدهم سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه. لانطمع أن يكون المسئول في مثل عدل عمربن الخطاب ولا ورع عثمان ولا تقوي أبوبكر ولا زهد عمر بن عبد العزيز، فتلك أيام قد خلت قبل 14 قرن من الزمان مضت. حتي إن جاز لنا أن نتحدث عن التاريخ الحديث في السودان فأين المسئول اليوم عن سيرة عظماء هذا الوطن ؟ ذهب بعضهم لملاقاة ربهم نظيفي السيرة والسيرة عفيفي اليد واللسان وعلي سبيل المثال عبود وعبد الله خليل والمحجوب والشنقيطي وحماد توفيق ونقد الله وأمين التوم وحسن محجوب وسرسيو أيرو وبوث ديو وسانتينو دينق وأبيل ألير ومحمد إبراهيم نقد وأحمد السيد حمد وأبوحسبو وفاطمة أحمد إبراهيم والأمين محمد الأمين وبرقاوي ويوسف أحمد المصطفي وغيرهم كثر وكثر هم نعجز عن ذكرهم في هذه العجالة ولكن التاريخ يحفظ لهم صدقهم وأمانتهم وعفتهم وشجاعتهم ووطنيتهم وتجردهم لخدمة الوطن، رحم الله من مات وأمد الله في عمر من بقي. جاء فارسي للمدينة المنور يسأل عن سيدنا عمر أبن الخطاب وهو أمير المؤمنين فأُشير إليه بتلك الشجرة التي ينام تحتها فقال قولته التي سارت وستسير بها الركبان إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها: حكمت فعدلت فأمنت فنمت قرير العين هاديها، الإمام والخليغة العادل ينام قرير العين تحت ظل شجرة، وهنا نسأل المسئول هل جرب أن يسير في الشارع العام ليلا أو نهارا متفقدا لرعيته ومطمئنا علي حالها وأحوالها؟ مأكلها وملبسها وشرابها وأمنها وإستقرارها وتوظيفها؟ هل رأي المسئول أن بعض من الشعب يأكولون الكرته ومن براميل الزبالة إن وجدوا فيها شيئاً؟ هل رأي المسئول أن بعض المواطنين يأكلون ألله كتلا؟ هل رأي المسئول كيف ينام بعض أطفال بلادي في المجاري والأزقة يفترشون الأرض ويلتحفون السماء شتاءاً وصيفاً نهاراً وليلاً؟ هل رأي المسئول عشرات المتسولون من الجنسين وبعضهم يلبس خرق وأسمال بالية؟ هل قام المسئول بزيارة لإطفال المايقوما ليدرك حجم المأساة؟ هل أدرك المسئول مسغبة وفقر وعيشة العدم لمن أفنوا زهرة شبابهم خدمة لهذا الوطن في أصقاعه ومدنه وصحاريه وغاباته، المعاشيون هل رأيتهم كيف يذلون من أجل ملاليم هي حصيلة عمرهم الذي أفنوا لخدمة هذا الوطن يصرفونها نهاية كل شهر لاتفي حتي بحق المواصلات!! ماذا فعلت أيها المسئول وأنت تسمع وتري العمارات تطاول والبنايات تصل عنان السماء والأرصدة تتضاعف بمتوالية لم يخلق الله مثلها في السودان ، بل أرصدة خارجية هي بمثابة ميزانية دولة كاملة؟ ألم يقل الشهيد الزبير محمد صالح قولته المشهورة: كان شفتونا بنينا عمارات ولا ركبنا عربات أعرفونا فسدنا،، من مِن المسئولين اليوم لايملك إسطولا من العربات ولا عددا من البنايات السوامق داخل وخارج اتلسودان والأرصدة المليونية إلا من رحم ربي؟ هل تمت محاسبته من أين لك هذا وكانوا بالأمس لا يملكون مليم بل هم مثل هذا الشعب في أحياء عادية يأكلون أمشعيفة والمسفوفة والضرابة والكول، وموظفون عاديون بدرجات وسطية أو دون ذلك! ألم يسأل سيدنا عمر إبنه عبد الله لِم إِبلك أسمن من بقية أبل الناس؟ ومع ذلك أضافها لبيت مال المسلمين. أيها المسئول إن الدمار شمل كل شئ والكل يعلم الحال ما بين مشروع الجزيرة سلة غذاء العالم والنقل الميكانيكي والنقل النهري وسودان أيرويز والبريد والبرق والهاتف والخطوط البحرية ومصانع التعليب ومصانع الغزل والنسيج وتصدير الصمغ العربي ووزارة الأشغال والمشتروات المركزية. هل تعلم أيها المسئول أن مستشفي الخرطوم التعليمي تم تدميره عنوة وإقتدراً وخرج من الخدمة كغيره من المؤسسات العلاجية مثل جعفر أبن عوف ثاني اكبر مستشفي في العالم من حيث الجهوزية وعدد الأسرة والتخصصات به،بل الصحة مقبلة علي الخصخصة بالكامل. أيها المسئول لقد أصبحنا وطنا طاردا للكفاءات لسوء بيئة ومناخ العمل ولنظرة بعض المسئولين للخدمة وتضارب مصالحهم فأفرغوها من مهامها ومن الكوادر, وصارت المستشفيات والجامعات العامة معبراً للإغتراب فقط لأن المسئول يعتقد في أن الحساسية تأتيه من جانب الطبيب العمومي وحتي اليوم ماعندو قانون يؤدب بيه منسوبي الصحة؟؟ ما كفاية هم واحد؟ ليه يبقو همين؟؟ كان السودان أمة شموخ وعزة وكرامة وأخلاق وقيم ومثل وتقاليد أيها المسئول، ولكن اليوم تمرغت قيمنا وأخلاقنا ومثلنا وعاداتنا وتقاليدنا في وحل وخبوب حتي أصبحت هويتنا سبة أينما ذهبنا لأن وطننا الحبيب إرتبط بما يسمي الدولة الراعية للإرهاب والسوداني بريء من ذلك، بل داخلياً وطننا تمزقت عراه وعشعشت الجهوية والقبلية المنتنة حتي أصبحت هي السند والملجأ، وقوميتنا إنفرط عقدها فأصبح بعضنا غريب حتي في وطنه. نعم هذه بعض من ملامح فرقتنا وشتاتنا وسوء حال البلد الذي وصل منعطفاً خطيراً ونحلم بأن يعود السودان إلي لحمته وسداه وتترابط عراه إلي ما قبل إنقلاب يونيو 1989م، فهل إلي ذلك من سبيل؟ نعم يمكن ذلك بكل سهولة ويسر فقط عبر بوابة واحدة يتواثق كل أبناء الشعب السوداني في كيف يحكم السودان ، أما من يحكمه فإنها تأتي عبر إنتخابات نزيهة شفافة ديمقراطية ليس فيها عزل لإحد أو تمكين لجهة ما، والمسئول المناسب في المكان المناسب، أما إذا تم تسنيم الأمر لغير أهله كما اليوم فإن قيامة الوطن قد قامت.، تواثقوا علي دستور دائم يشترك في وضعه كل أهل السودان يخضع لإجازة وتصويت من كل الشعب السوداني فوق ال18 عام ويكون ملزما وكفانا هذه الدائرة اللعينة ديمقراطية إنقلاب ديمقراطية إنقلاب، منذ 1956م وحتي اليوم ونحن نتدحرج إلي الخلف بسرعة فائقة ، فهل من أمل في الإصلاح أيها المسئولون النخب قادة هذا الوطن حكومة وأحزابها المتوالية وأحزاب معارضة مدنية ومسلحة، هل من أمل في النخب من أساتذة الجامعات والقضاة والمحامين والأطباء والزراعيين والمهندسين والصيادلة والمحاسبين وأهل الفكر والرأي وقواتنا المسلحة والشرطة والنقابات في أن تجلسوا وتتفاكروا في الخروج من هذا النفق؟؟ عليكم إستصحاب مخرجات الحوار الوطني وتدارسها وأخذ ما يفيد الوطن وإلغاء ما يعيق مسيرته نحو الحرية والديمقراطية التي يتوق إليها كل الشعب السوداني. كسرة: اللهم أستر فقرنا بعافيتنا وأصلح حال هذا البلد علي يد أبنائه البررة وهم يتجردون لخدمته، اللهم آمين