هل ندير وطنا أم ندير ناديا ثقافيا كبيرا؟
اسباب الشقاق التي ادت لما نحن فيه الان في محصلة تدحرج الوطن منذ الاستعمار ، سببه روابات خلاف وضعها الاستعمار نفسه ، وسببها غفلتنا وانعدام الرؤية والوعي لميراث معنى ادارة بلاد من المستعمر نفسه.
اقول شقاق وليس خلاف او اختلاف لأن هذا هو النتاج الحاصل الان من محصلة الخلاف الناتج عن الاختلاف بين الشعب السوداني الذي تركنا عليه الاستعمار ، شقاق بين إدارات (حكومات وزعامات ) ورعية ، حيث انتقلنا من مرحلة الاختلاف الذي كان من المفترض ان يكون تنوعا يثري البلاد وحراك العباد الى مرحلة الخلاف ثم الشقاق الحاصل الان).
روابات الخلاف السياسي الذب تركه الاستعمار :-
عندما خرج المستعمر كان قد أسس مسبقا لرواب الخلاف الطائفي والذي تحول لشقاق ، كما نراه يؤثر على السواد الاعظم من كافة الشعب السوداني ،، وهو خلاف فرض على قادتنا (من زعامات البيوت الطائفية والدينية السياسية) الكبيرة والتي افرزها انقشاع سحب الحملة الشعواء على الثورة المهدية ، (دعنا نقول الثورة الوطنية)، حيث افرز ذلك الانقشاع ، الطائفية السودانية (زعماء البيوتات الاجتماعية الدينية) وقد زرع الاستعمار بينهم الخلاف السياسي من اول يوم لخروجه عندما وضع المستعمر الزعيمين علي الميرغني وعبدالرحمن المهدي على طرفي تلك الطاولة المشهورة ، وبعدما تأكد المستعمر ان توجهاتهما هما توجهات نقيضة تماما ، فأحدهما يدعو للاتحاد مع مصر ، ظهير المستعمر والذي كان يريدنا ام نبقى تحت ربقة الاستعمار نروح تحت نيره الى يوم الدين لكي نكون لمصر حديقة خلفية وبقرة حلوب وارث حضاري كذوب ونكون لها عم عثمان على مر العصور ، واختار الاخر الإنكفاء على الوطنية والتوجه نحو التحرر المستدام ، هذا هو جزء من الاختلاف السياسي الذي احدث وما زال يحدث شرخا سياسيا عظيما حتى بعد أن إلتأم ذلك الشرخ بإرتضاء اول ديمقراطية في زمان التكنوغراط.
الخلاف بين الزعامات الطائفية والتي يتبعها سواد الشعب السوداني أقعد السودان واحدث انشقاقا واضحا في وحدة الصف والرؤيا والوعي الوطني مما أحدث فاقدا تنمويا ظاهر في النزاع بينهما بين الارتهان والامتهان والإدعاء باختيار الاوطان ، *ولعمري فقد تحول هذا الخلاف لشقاق نحتاج فعلا ان نعالجه معالجة جذرية تجعلنا نتجه للوطن توجها حقيقيا وان يتركم علينا قادة وعضوية تلك الاحزاب الطائفية بالحل المناسب لأجل عيون الوطن*
*الخلاف الاخر والذي تحول لشقاق*، والذى ادى لهذه المحصلة في الشقاق ، هو استزراع طرفي النقيض العلماني الشيوعي، والذي يدعي ان سبب نشأته هو مقاومة الاستعمار نفسه ، ولا يدري أن الاستعمار في وجود قطبي العالم حينها (يتفق في اي شيء ضدنا )، فمع ان الاستعمار الانجليزي كان استعمارا جهيرا على الواقع والارض الا ان الاستعمار السوفيتي كان استعمارا فكريا لا فكاك منه ، وقد اتفق هذا الاستعمار مع ذاك ، لزرع العلمانية الشيوعية ، لتكون طرفا نقيضا لأي محاولة أسلمة الدولة متى ما قامت حركة اسلامية فيها تدعوا لتدين اداراة الحكم ، ومع ان الحركة الاسلامية تدعي ايضا انها اسباب قيامها هو ما أملاه نشوء العلمانية بأحزابها الشيوعية التي ولدت بأسنانها ، ألا الايدولجيا العلمانية والتوجه الاسلامي ما هما الا طرفا نقيض اخران في الملة السودانية ، ارتضاهما الاستعمار ايضا وباركهما في أهم وسط اجتماعي وهو وسط التكنوغراط ، وبتناميهما زادت وتيرة الخلاف في السودان والذي نسميه شقاقا في المحصلة السياسية الادارية للوطن ، وقد تدحرج قدر السودان السياسي الان في الحوار والاعتوار المر في الانقلابات الحاصلة كل مرة من احدهما لتسيير البلاد والتحكم في مقدراتها حتى اصبح حال السودان بينهما كالقدر المحتوم ، اذا حاول احدهما العمار يلجأ الاخر للدمار ، *ولعمري هذا هو قمة الشقاق والذي يحتاج منا حكمة عالية ووعي لمعالجة الحال.*
إنسحبت مغبات الشقاق الذي تركه الاستعمار على الوطن الان ، شؤما وتهديما للوطن وفشل ذريع ، صارت الجهات المختلفة رميه على الاخر ولا نريد ان نعترف اننا فشلنا جميعا بل ندعي اننا اذا اعاد الله لنا الكرة او تركنا نتمدد لفترات اخرى في كراسي الحكم لنأتين بإصلاح ، وقد *فشلنا فعلا،* *فشلنا* في ابقاء الديمقراطية والالتفاف حولها لأننا شيطنا ذواتنا ووطنا ، جهة تريد ان تحكمه علمانيا وجهة تريده اسلاميا وجهة تريده طائفيا وجهة تريده لا هذا ولا ذاك ، *فشلنا في الرؤية* المشتركة لمعنى الوطن نفسه ، وخلطنا معنى الدولة والحكومة بمعنى الوطن ، حينما يمكن الله جهة ما في الحكم وفي رقاب الشعب السوداني فهذا يقصي هذا وهذا يبعد هذا وهذا يستهزيء بهذا وهذا يروج لعيب هذا وذاك "يحفر " حفرة لهذا ، فيقعان فيها ، *وفشلنا* في كيفية ادارة الوطن ، فشلنا في لحمة الهوية والوطنية وايجاد حمية وهم وطني ، فشلنا في ادارة الاقتصاد ، فشلنا في ادارة المؤسسات ، فشلنا في اخلاقيات ومباديء ادارة وطن لا مؤسسية لا شفافية لا محاسبة لا عدل ولا جزاء .
هذا الفشل سببه ايضا مع رواسب وروابات الشقاق التي وضعها الاستعمار سببه شيئين اخرين مهمين ، ونحن نشكو من دحرجة الوطن الى الحضيض ، تدحرت المدن والعواصم ودرحرجت شبه المدن ، تدنت الخدمات ، تدنت الحضارة ، تدنت الاخلاق وتدنى التعليم وتدنت الصحة واقل مقومات الحياة والان وصلنا لطريق مسدود مجاعة تؤذن بالشقاء واقتصاد يؤذن بالغلاء وعلاقات تؤذن بالغباء وأمن وطمأنية تؤذن بالبلاء ، كل ذلك كان سببه اضافة للخلاف والاختلاف ، عدم فطتنا وحكمتنا ووعينا الجمعي ان ننقل من المستعمر ولو خلسة ، تجويده للاداء وتحكمه ومعرفته في ضبط الخدمة المدنية والانتاج ، ولم نع الدرس من سوأة الاستعمار نفسه لنطور فكرة وطنية ، فخرج المستعمر منا تاركنا في غفلة شديدة ، بعد ان ترك لنا مضلاته من الخمور والسفور والعربدة ، التي غرقنا فيها وخرج والوطن كله ثمل بالملذات الزائفة وبالتعطل والتبطل في الاخلاق وفي الاداء ، وفي الأنا والانفراد بالرأي وعدم المؤسسية والنفور من الاداء الكلي الجماعي الذي يمكن ان يؤسس وطنا خارج من استعمار بغيض ، وشيء ثاني واخير لم نفطن له وهو انعدام التربية الوطنية والدينية وحتى العلمانية ونحن نحتاج لتربية في اساس الاسر وفي المجتمع وفي التعليم وفي ادارة الدولة ونحتاج لعملية توجه حياتي life orientation وتوجه حضاري وتوجه وحدوي وهدفي وتوجه لرؤية مشتركة ، تنبذ الخلاف وتعالج محصلة الشقاق الحادث ونحتاج لعقل ووعي جمعي يخرجنا من الظلمات الى النور.
*قال آخر ضابط استعماري إستلم العلم من الازهري عندما سأله الازهري مزهوا ، هل نستطيع ان ندير وطننا ؟ قال ذلك الضابط هازئا... نعم إنكم تستطيعون ان تديروا ناديا ثقافيا كبيرا .*
الرفيع بشير الشفيع
الجمعة 2018/8/10
rafeibashir@gmail.com