مصطلح الرشاقة عند الإخوان المسلمين
alshiglini@gmail.com
لم يدرك الإخوان المسلمين في السودان، أي مفهوم علمي لأي من المصطلحات: السياسية والاجتماعية والهندسية والاقتصادية، ومفاهيم الحكم الإقليمي أو اللامركزي. لقد شهدنا تكوّن الانتماء لديهم من ثلاثة محاور ( الطاعة - التدريب الأمني – التدريب على السلاح ). وقد تكونت الوحدات القاعدية من خمس أعضاء يرأسهم واحد، يقوم بالأمر التنظيمي كله واختيار ما يقرأ الأعضاء ، وإنزال الفتاوى التي تأتيه من القيادات. وليس هناك استشارة أو نقاش أو نقد، بل أسئلة واستفسارات. هذا هو نهج الالتزام، فالطاعة وكتمان الأسرار من أكثر التعليمات خطورة لديهم. هنالك تقديس لقادة وحُكام الإخوان المسلمين، فهم الذين يفتون في كل شيء، حتى إن وصل الأمر إلى الإفتاء بالإغتيال. فتلك تبيحها لهم الفتوى!.
فهم لا يعرفون أي شيء عن كيف يُدار الحكم، وما هي أجهزته وأذرعه ووسائله. فكلها تحت مسمى هلامي ( تحكيم شرع الله). أما الاقتصاد والتخطيط والهندسة والصناعة وكافة أمور الناس ، فهي ألغاز ليس لديهم بها معرفة. فقد هجروا الدنيا في تاريخهم القديم، وجهلوا وسائل الحياة التي يحياها الناس، ولديهم تاريخ حافل بالجهالة.
إذن فكيف يحكمون ؟
كل أعمالهم فيما يجهلون خبط عشواء. ينجّمون ولديهم صيغة تخوّل لهم عمل أي شيء يرونه مناسباً. فالتفويض هو سبيلهم لخلق جزر تنفيذية معزولة، يفعلون فيها ما يشاءون. وإن اجتهدوا وخابوا، فلديهم وفق ما يرونه أجر المحاولة، وإن أصابوا فلهم الأجر مُضاعفاً !
لذلك كان التعذيب والقتل، هو جزاء المنافقين، فكل منْ خالفهم فهو منافق، ويوم القيامة هو في الدرك الأسفل من النار. ولكنهم يستعجلون الحساب في الدنيا. ويلبسون لباس النبيين المقدسين ، ويفعلون ما يشاءون بديلاً عن الرب في توقيع العقوبة!.
(2)
كانت العصبة من ذوي البأس، أيام كانوا في عهد الطلب، يلجئون للمساجد والمصليات، ليعقدوا عهدهم للعصبة. ينتهزون فرصة توفر الطعام المجاني للطلاب في الجامعات. فيسكنون الداخليات ، ويقيمون الاجتماعات للخلايا الإخوانية. لا يذهب معظمهم للأهل، بل يتمرغون " الميري " الحكومي. وعندما جاءت سلطتهم بالانقلاب، حرموا جميع الطلاب والطالبات السكن والطعام المجاني. فقد استنفدوا أغراضهم، وصعدوا للسطة، يتمرغون بالتمكّين الذي شرعه لهم " الشاطر " الإخواني المصري، وهم نفذوه بحذافيره. فما حاجتهم للرأفة مع المنافقين!.
(3)
يقولون هي حكومة التحالف، ولكنها في الحقيقة حكومة الإخوان المسلمين. وغيرهم هم وزراء لا يحكمون شيئاً، بل حتى مُدراء مكاتبهم الذين يتحكمون في كل شيء،هم من مؤسسة الأمن الإخوانية. لأن الحكم يتحكم فيه فئة قليلة، هم قلب الحركة الإسلامية، وشرارتها المتقدة. يحدّدون من يتخفّي عن العمل العام، ليعمل في التنظيم بأجر مع كافة الصلاحيات، كأنه وزير!.
*
إن الحكم اللا مركزي، الذي هو تميمة، لا يعرف الإخوان المسلمين فك شفرتها بعد. هو الآن حكمهم مركزي غليظ المركزية. وحكومات الأقاليم كثيرة، تُدفع لها المرتّبات والمزايا فقط، ولا تباشر أعمالها إلا من خلال المركز. ولتعويض الخسائر من تكدّس الوظائف، فقد شرّعت الدولة لهم الصرف من الجبايات التي ينهبونها عبر القادمين لولاياتهم. فصارت حدود الأقاليم نقاط للجبايات والضرائب. كما انتشرت الضرائب على المزارع وتجارة الماشية والشركات التجارية ،حتى تأزّم الصادر، وانكمشت حصيلته. ووقف حمار الشيخ في العقبة.
(4)
ليسأل أحدٌ ما معنى (حركة إسلامية كامل الدسم )؟.
فذلك له معنى واحد: إن الصراع على السلطة بين الإسلاميين والتنظيم الإسلامي بالقوات المسلحة، قد وصل حدوده، وأن الغلبة للحركة الإسلامية الأم. وإن المراهنة على الشريعة نظاماً، هو صراع إخواني إخواني داخلي، بين من يرون تخطي العقبات لترشيح رئيس الدولة لولاية جديدة عام 2020، وبين منْ يرون أن يكون الحاكم آخر من الحركة. وليست دعوة للهبوط الناعم، لأن كثيرين من الإخوانيين تنتظرهم ملاحقة جنائية. ولم يتفوهوا بكلمة عُبّاد الله ( إن شاء الله ) سنرشحه للرئاسة القادمة!
(5)
ليسأل أحد ما معنى ( حكومة رشيقة )؟.
ماذا يعرف الإخوان المسلمين في تاريخهم عن الرشاقة ؟.
نبدأ منذ مكتب القائد العام بالقيادة العامة. فقد كان مكاناً خطيراً بالدولة قبل أن يرث الإخوان المسلمين الحُكم، يهابه حتى قادة القوات المسلحة. أصبح بعد انقلاب الإخوان المسلمين، مائدة لأفطار "سمك البُلطي " وتوابل البصل والشطة على ورق الصُحف المفروش!.
ماذا يعرفون عن " الرشاقة "؟
ترى " الكروش " بادية للعيان، رغم الجلابيب الفضفاضة. والإسلاميات، "ما شاء الله " دبابات آدمية، تزخر بالشحم وبالدهون من تحت الحُجب الشرّعية. ورغم كل ذلك يتحدثون عن ( حكومة رشيقة )! . لقد اكتنزوا الذهب والفضة وأوراق العملة المحلية، التي هي في حوزة المتأسلمين وحدهم، وحُرموا منها بقية الناس. أما العملة الأجنبية أو "دولار الاستكبار "، فقد أودعوه حسابات في بنوك أجنبية بأسماء البنين والبنات.
(6)
بقي المنتظرون .
قال أحد قيادة الإخوان المسلمين ( حنسلمها لعيسى ). ففي بيوتهم الأسلحة التي يدافعون بها عن أنفسهم. وهنالك من يواليهم في الحُكم، ويأخذ الأموال نظير السكوت، بل وفيهم من يمجدون الدولة العنصرية الوحيدة في العالم. لماذا؟ فقد سهّلت لهم الدولة العنصرية فك الحصار الأمريكي عنهم!.
*
لكل ذلك حد، والتغيير قادم إن لم يصدِّق الإخوان المسلمين. فالموعد غداً إن شاء الله، فلا ينفع " عفا الله عما سلف "، فتلك مقولة في غير محلها، وردت في هدي الحج، ولم ترد فيمنْ سرقوا وعذّبوا واعتقلوا واغتصبوا وقتلوا. الثورة عمل استثنائي، غير قابل بالتنبؤ به، وغير قابل للتقدير . ووسائله غير معروفة لإعمال التقيّة. وإن الأمر لقريب بإذن الله. تظنونه بعيد التحقيق، ولكنه إن جاء الطوفان، فلن يجد المُسرفون مُلتجأ أبداً.
عبدالله الشقليني
15 سبتمبر2018