" *في ردي على أحد الاخوة يعتذر لي عن اكتشافه ان خبر ما ، نقله لي ، كان مكذوبا* ".
أخي انا خرجت من كل القروبات ما عدا اثنين او ثلاث بسبب هجمة التشويه والكذب والتضليل التي كادت ان تزلزل ثوابتنا... مع ان عندي مفرزة وقشارة حدث يابانية لا تخطء الغرض والمرض وتفرز بين السم في الدسم كما تفرز القشارة "البتاب".
كنت أقرأ وأعرف الكذب والنفاق والهدف والمرمي في النكات المختلفة التي تمس الدين ، وتلك التي تمس الاسرة والمجتمع وتلك التي تشين رموز معينة في هذا الدولة ، وتفتن بينهم وتفتت وحدتهم وعلى الرغم ان لي تحفظي بالطبع على البعض بما لاقيت من ظلم شخصي الا ان هذا لم يك ليمنعني من ان اعرف السم في الدسم ، وكنت والله اعرف اهداف النكات التي تروج للمخدرات ، مسطول قام ومسطول قعد ، وكنت اعرف ابعاد التهكم على الشعائر والمشاعر وتفخيم العلمانية ومواقف اليسار وتفخيم وتعظيم كل فنان وكل كاتب وكل رسام وكل ملحن وكل قاص وراوي طالما انه قصته او روايته او رسمه او فنه فخيم وحضاري وانساني وله قيمة ورسالة في الشعب على انه رسول علماني جديد ، واذا اباهم وبدى لهم ان فيه ذرة من خلق ودين وتربية ، تركوه ورموه في مزبلة التاريخ حتى لا تسمع له حسا ولا يعلو له صوتا.
التشويه والترويج يا اخي ، بدعوى محاربة النظام والكيزان ، وبدعوى محاربة "الكيزان" للمعارضة والشيوعية واليسار والعلمانية ، كان ولا يزال ضحيته الوطن والمجتمع والاقتصاد ، ونحن.
التشويه حطم المشاريع الكبرى التي تعتبر من مقدرات الوطن ومقدساته ، والتي هي حق للجميع ، يمنيهم ، ويسارهم وعامتهم، لكن اليمين واليسار في ظل عراكه ومعركته الشيطانية المستدامة ، لا يعرف وطن ولا دين ولا مجتمع ولا يعرف رب ، حتى ركع الوطن مرتين شهدتهما الاثنين معا للأسف ، مرة بعد ان اختلف نميري مع اليسار فحطم اليسار البنى التحتية وشهدنا فلنكات السكة حديد ترمى في البراري من عطبرة الى نيالا الى حلفا الجديدة ، باعتبار ان القائم عليها هم اليسار ، وحطموا المشاريع الزراعية ، " واخراج الانتاج الموية لمصنع سكر عسلاية ليس ببعيد" ، وتأميم المصانع في كل السودان وتحطيم منظومة التصنيع الى الابد جاثم الان للعيان ، وتحطيم البنى التحتية لمشروع الجزيرة وتصدير بذرته والصمغ العربي ومنصور خالد ليس ببعيد.
وشهدت دمار السودان الان في المعركة الشيطانية بين اليسار والحركة الاسلامية ، وتصدير الاناث للمواشي ليس ببعيد ورهن الوطن للخارج
وتجفيف السوق من الدولار ، وطباعة عملاته بالمليارات في الخارح ليس ببعيد ، وتدمير الاقتصاد وانتزاع البترول ، ورفع يد بعض الدول الصديقة عن الاستثمار نراه الان .
ورهن الوطن للخارج وتقسيم الوطن وجغرافيته بقسم الجنوب باعتبار محاربة الحكومة لمجرد انها مختلفة في الفكر والطرح ، وتجييش العالم واستعداءه لنا في دارفور، ومحكمة الجنايات واهانة رأس الدولة في جنوب افريقيا ومحاولة قبضه ، هذا الشيء وقفت عليه بنفسي لحظة بلحظه ، الشكوى والمطالبة ومن قدمها ومن وراءها من "بني جلدتنا من اليسار " ، وقفت على المحاكمة ساعة بساعة واعرف معناها ومرماها وما آلت اليه فكانت عندي مثالا على اننا شعب لا يعرف كيف يختلف والشعب الوحيد في العالم الذي يأكل من سنام وطنه ويعيش على ثديه ولا يهمه مستقبل ولا آن ولا تاريخ ، وعرفت كيف ان احدهم يمكن ان يبيع وطنه بالمجان وبلا مقابل حتى ليندهش منا الشاري ويعحب !!!.
ثم اني والله لا أقرأ المغالاة في الترويج لما يحدث الان في كسلا ، وغيرها ، وما يحدث في تحطيم السياحة ، والتاريخ الاثاري ، لنا ولحضارتنا ، وتحقيدنا على بعضنا وتفتيت هويتنا ، وتغفيلنا ، وما يحدث من حولنا في كل المنطقة تجاه السودان وبقاءه ونماءه ، لا أقرأ ذلك الا على انه جزء من منظومة تدمير شامل للسودان لمحوه من الخارطة "ان استطاعوا" ، واننا بغفلتنا وجهلنا و" *علي وعلى اعدائي"* التي يمارسها اصحاب الترويج والتشويه انفسهم ، لا أقرأ ذلك الا اننا اطفالا كبارا ومجانين ، لا نستحق مثل هذا البلد بخيراته الظاهرة والباطنة ، لا نستحق تاريخه وحضارته وموقعه ومعناه ومكانته بين أمم الدنيا ، ودوره الحضاري كأول بلد انتج الحضارة وصنع التاريخ ، علم الشعوب والامم معنى الحضارة بتقنيتها وزراعتها وتعدينها وقوانينها ، وعلم فضائها و جغرافيتها ، وأثر على الحضارة الرومانية والكلدانية والسومرية والاشورية والحضارة الليبية القديمة و الحضارة المصرية والفارسية ، وحضارة حضرموت والسبئين ، وأكسوم ، وتأثيره في حضارات السند والهند والأنكا ، وتأثيره في حضارات البانتو والابنتو وزيمبابوي العظمى ، وحضارات المابونقوبي والموجاجي ، وتأثيره في الديانات وارتباطه بها معنى و رسالة واثنية ، وبحثه عن الاله ، قبل التنزيل ، وتخيله لرع وللكارايزم وعبادة الشمس ، ثم اتباعه الرسل الربانية ومناصرته لهم وحربه لمنظومة الفرعنة والالحاد في العالم ، وعلاقته بالثقافات والتراث العالمي ، الاوروبي والعربي والفارسي والهندي والافريقي ومشاركته في القيم الانسانية وقيم التدين ، وما يظهر على اخلاقنا نتاج ذلك الزخم التاريخي والارث القيمي والفطرة الانسانية والتوجهات الربانية ، وما ندهش به العالم من تعاملات لا يعرفها العالم الان ، ولا من قبل عندما ضلت الأمم وانعدمت اخلاقها ، ويندهش منها الآن حتى العدو ، في حربنا وسلامنا وسمحتنا ، بما أثلنا الله واثل تلك الاخلاقيات بمواريث على عشرات الالاف ان لم تك مئاتها من التاريخ والعز والكرامة .
إلا اننا بالتشويه والتغييب الحادث لنا منذ أمد ، نكون اخر من يعلم ذواتنا ووطننا وتاريخنا ومعنانا في توازن الكون وإعمارهم بالاخلاق والمثل والسماحة التي يشهد بها الاخرون ويأفنها المروجون للسوء والمشوهون لإطارنا ومعنانا العام .
نحن يا اخي نركب للأسف موجة اجرام بهذا التشويه والترويج السالب في معركة المطاحنة الشيطانية بيننا ، موجة جارفة ، بلهاء وغبية تعمنا جميعا ، و نشترك فيها جميعا ، في حق الوطن والدين والمجتمع ، والترويج الكاذب وركوب موجته هذه ، يجعل العقول السليمة لا تعي ويجعل العلماء يصمتون كما نرى ، ويجعل العقلاء يختفون كما نشهد ، ويجعل الحلماء يتعففون ، والعلماء يصمتون صمت القبور ويجعل، الولاة والحكام يتشككون ويتفتتون والغريب انه ايضل يحعل المعارضة تذوب في سراب الغربة ، ويجفف الوطن ويخنق الحال ، ويجعل الوطن ينهار فوق رؤوس الجميع ، ويجعل ذوي الغرض من الخارج والداخل يفرحون وينفذون فينا ما يريدون.
*الله غالب*
اخوك الرفيع بشير الشفيع
rafeibashir@gmail.com
////////////////