نحنا ناس السوق الأسود

 


 

 

 

ابتدر رئيس الوزراء السوداني الجديد، معتز موسى، عهده بتسليم سلطته الاقتصادية لهيئة مختارة من مصرفيين وتجار عملة خولها بتحديد سعر الصرف باستقلال عن الحكومة وكما هو متوقع هوى الحاجز بين سعر الصرف في سوق الحكومة وفي سوق الله أكبر ليبلغ سعر الدولار بأمر ”صناع السوق“ ٤٧ جنيه ونصف. احتفى اتحاد أصحاب الأعمال بقرار رئيس الوزراء ولما لا، فقد جهر بالأمر الواقع، أي أن الحكومة في الدولة الحديثة كما في تقدير ماركس سيد الإسم ”لجنة لإدارة شؤون الطبقات الحاكمة“.

نقلت أخبار الصحف عن معتز موسى قوله أن الخطوة التي قام بها لا تمثل ”تحريرا“ لسعر الصرف وإنما هي إقرار لسعر ”واقعي“، وهذا كما يعلم ليس سوى تنويع في المفردات لا جدوى منه. قال معتز أن قراره يسمح بالتسعير في الضوء بدلا أن تقرر قوى الظلام سعر الدولار، والحقيقة ألا ظلام ولا ضوء وإنما يد السوق الطويل امتدت حتى بلغت كل حلقوم. معتز موسى، المجاهد السابق، ماهر في الأكروبات السياسية، انتقل بمجلسه إلى ود مدني لمناقشة قضايا الموسم الزراعي ثم إلى الأبيض عل السياحة المكانية تلهم المجلس ”البصارة“ اتي عدمها في الخرطوم.

اكتملت فرحة رأس المال التجاري بقرار الحكومة الذي أعلنه محافظ بنك السودان العائد إلى منصبه محمد خير الزبير إلغاء كل حظر على الاستيراد، أي قائمة السلع المحظورة ورقابة بنك السودان على البنوك التجارية الذي كان يتم عبر طلبات الاستيراد. ألغى المحافظ كذلك احتكار بنك السودان لشراء الذهب ليعلن السماح للشركات صاحبة الإمتياز بتصدير ٧٠٪ من إنتاجها بينما يسعى بنك السودان لشراء النسبة المتبقية بسعر الصرف الذي يحدده ”صناع السوق“. عبر بنك السودان عن أمله في أن تحتفظ الشركات صاحبة الإمتياز بحصيلة صادرها، ال ٧٠٪، في حسابات خاصة داخل السودان حيث أصدر البنك منشورا حث فيه هذه الأطراف على عمل ”الخير“ هذا مقترحا من جهته أوجها شرعية للصرف!

كما تأمل الحكومة في زكاة شركات التعدين تأمل كذلك بعبارة رئيس الوزراء في ”إنتاج حقيقي“. قال معتز من الأبيض أن السياسات الاقتصادية الجديدة، يقصد الإجراءات التي قام بها لصالح رأس المال التجاري والمضاربين بالدولار، ”مسنودة بإنتاج حقيقي“ وزاد أنه يتطلع إلى المضي قدما في بناء اقتصاد قوامه المواطن والقطاع الخاص. من جهته، حذر شيخ ”التحرير الاقتصادي“، عبد الرحيم حمدي، من أن يبلغ سعر الدولار ٦٠ جنيها أو يزيد وعبر هو كذلك عن أمله في أن يعاود بعدها الهبوط، فما صعد شئ إلا هبط. قال حمدي الذي لم يستسيغ مغالطة معتز موسى الكلامية أن ما فعلت الحكومة بقراراتها الأخيرة هو عين التحرير لا شق لا طق وصدق.

أمل الحكومة لا ينقطع، قال محافظ بنك السودان أن أزمة السيولة إلى زوال وقد استعدل سعر الدولار بيد تجاره ثم أضاف في مغالطة ذاتية أن الأزمة ليست في السيولة النقدية على الإطلاق وإنما في الطباعة وهذه مقدور عليها. أعلن المحافظ عن أربعة شحنات من الأوراق النقدية المطبوعة لتوها في طريقها إلى السودان ستصل أولاها في ١١ أكتوبر الجاري فوق الطباعة المحلية، هذا كله لتحقيق وعد السيد رئيس الوزراء بحل مشكلة السيولة في أسابيع معدودة، سبعة إلى عشرة.

يعلم السيد محافظ بنك السودان كما يعلم السيد رئيس الوزراء ومن قبلهم الرئيس البشير، صاحب القفشات، أن الحكومة عدمت الدولار وبقراراتها هذه أطلقت يد رأس المال التجاري في سوق جامح وأن الترجمة المباشرة لهذه القرارات هي التصاعد المضطرد للأسعار في اتجاه الدولار الطائر الذي لا حاجز أمامه سوى الأمل وربما دعوات معتز موسى..آمين..آمين.

m.elgizouli@gmail.com
/////////////////

 

آراء