نساء الحركة الإسلامية: د. لبابة الفضل نموذجاً

 


 

 

 

alshiglini@gmail.com


لا ينطبق تعبير " الفشل" في أصدق معانيه على الأخوت المسلمات، والمنتمين للتنظيم فحسب ، بل ليس هنالك أشد إخصاء من حب التعذيب البذي ابتُلي به الأخوات المسلمات. فقد تقلبت شرائح من المرأة في تاريخها في حب التعذيب كذلك، وما "الخفاض الفرعوني" إلا ممارسة سلبية تقودها المرأة في تاريخ حياتها المعذبة. وبلغت نسبتها الحاضرة 65% وفق جمعية محاربة الختان التي تقودها جامعة الأحفاد. وقبلها كانت "الشلوخ" و تشويه الوجه و"دقّ الشلّوفة" التي تتسبب في قتل الأعصاب في شفاه الأنثى، ممارسة تقودها المرأة. لقد مارست قديما دور القيّمات على مؤسسة إعداد المرأة للزواج، عبر أسلوب جهنمي، وتعذيب مريع. قصص بئيسة تصيب منْ يوردها باكتئاب فظيع.


(1)
قلنا أنه لا يعنينا من أمر السياسة المباشرة كثير شيء، ولكن للهوى مهاوٍ أوسع من كل السواقط. قرأت مثل غيري نص حوار " عبد الفتاح عرمان "بالقيادية الإسلامية " دكتورة لبابة الفضل" بعنوان :(د. لبابة الفضل .. من ظهر حمار إلى ظهر الحركة الإسلامية..) عام 2008 في صحيفة ألوان.

وقد أعيتني أزقّة الكهوف التي ينزوي فيها تفكير الإسلاميين في كل شكلٍ ونوع، وغرائب تفسيرهم للأحداث الجسام التي نفذوها ولم يرمِش لهم جَفن، ومفكروهم يمرون بيد ناعمة على تاريخ دموي شرِس، نفّر المعتقدين في جدوى الدين السياسي، والبُسطاء المعتقدين بدولة تشرئب إلى القرن الحادي والعشرين ينظرون بريب، لمن سرقوا الماضي من حجارة مقبرته، وأتونا بالوحشي من اللغة والتوحش ضد الآخر، والتمتُع بالغنى بلا حق ولا جُهد .


(2)
تحليل خطاب الدكتورة لبابة الفضل:
كانت المجاعة عام 1306 هجرية في فترة حكم الخليفة عبد الله ود تورشين، ولم تكن عام 1906 ميلادية كما ذكرت الدكتورة في ردها في المقابلة. وتحدثت أيضاً عن حياة الشعب الدينية التي عاشتها في سنوات طفولتها، وهي تختلف عن تنظيم الإخوان المسلمين الذي انتمت إليه، و الذي هو تنظيم تحكمه آليّات ونظم و انضباط أشبه بالمافيا، و ليس من بينها الحياة الدينية السمحة التي جلّها الدين المعاملة، نظرية كانت أم عملية. بل تنظيم إيديولوجي حمل لافتة العقيدة و أيقونة الدعوة الإسلامية، ليبتني من خلالها تنظيماً لا يعترف بشركاء الوطن وتنوع ثقافاته. عرفنا الآن كيف صعد التنظيم الجهنمي إلى حكم السودان، ولم يحكمه بالمريدين أو بالفكر الإسلامي، بل بالمكر الإيديولوجي الاستئصالي .
تحدثت الدكتورة عن أنه كان لها تصوّف عقلاني في مراحل صباها الأول، وأنها اختارت " عالم الغيب " دون الشهادة، وتلك معضلة كل المنتمين للحركات الإسلامية، حيث يطفون على المفاهيم الفكرية في العقيدة دون تبحُر، ويتحدثون عن الفكر وهم عراة من كل معرفة و منطق، فهم يبتعدون كل البعد عنه، والعقلانية تُجافي الحياة التنظيمية التي تعيشها الحركة الإسلامية بكل مسمياتها، لأن مبدأها الولوج عبر الفكر ومؤسسة التدبّر، لا العاطفة .
لم تتحدث الدكتورة عن التنظيم وتاريخ الانتماء إليه، فهو شبكة تبدأ من قبل الثانويات وسكن الداخليات المجانية، حيث يبدأ التجنيد، ومن ثم الالتزام بضبط التنظيم. فليس من المعقول أن تتخرج الدكتورة من جامعة القاهرة ، ثم تلتحق بالتنظيم المدني للحزب :" رائدات النهضة "، ومشاريع " الزواج الجماعي " أو " فضل الظهر " التي يعرف الجميع مآل خيباتها !، دون أن يكون لها دوراً تنظيمياً


(3)
عندما سألها المحرر" عبد الفتاح عرمان " عن قصة " رقصة العجكو " المشهورة في أواخر ستينات القرن الماضي، والتي تم تقديمها في قاعة امتحانات جامعة الخرطوم تهاية ستينات القرن العشرين. وكانت صورة من صور عرض الفلكلور الشعبي في الثقافة السودانية، فما كان من الإخوان المسلمين في الجامعة، إلا أن هاجمت العرض بعنف وتسببت في قتل طالب جامعي، وبعد كل ذلك تقول الدكتورة إن العنف لم يكن من طبائع الحركة الإسلامية !. لقد كان العنف هو الأيديولوجية السائدة في الإسلام السياسي منذ تاريخ قديم، اتخذته الحركة نهجاً ومسلكاً، غير متصالح مع المجتمع أو ثقافاته المتنوعة، لذا كان الهجوم والعنف البدني، وهو منهاج الإسلام السياسي منذ أواخر الستينات، وعرفناه من بعد انقلاب 1989 م، وصار منهاجاً ضد الآخر المُختلِف. ولم يكن اتجاهاً عاطفياً لفئة كما تدعي الدكتورة " لبابة "، بل كان الاستئصال سمة من سمات الإسلام السياسي الذي هاجر لوطننا، ولم يستطع زراعة الدّين التكفيري في الوطن، فأدخل الوطن وشعوبه في أزمة حقيقية أدت لانفصال الجنوب، وتُبشّر بانفصال أجزاء كثيرة من لُحمة السودان، وإثبات أن الدين السياسي غير متصالح مع الشعوب السودانية أو الثقافات المتنوعة لشعوبه بطول البلاد وعرضها .


(4)
عندما سئلت الدكتورة " لبابة "عن استخدام العنف في الانقلاب، بررت ذلك بأن الحركة الإسلامية هي مثل جميع الأحزاب قامت بانقلابات ضد الدولة، وكل الأحزاب عند استخدام القوة لم يدُم الأمر كثيراً، ولكن الحركة الإسلامية الإيديولوجية قامت بانقلاب ضد الحكم الديمقراطي ولم تزل، وبمدة ثلاثين عاماً و قاربت 40% من مدة الحكم منذ خروج المستعمر إلى تاريخه، وقد أدّعت الجبهة الإسلامية القومية أن انقلابها قامت به القوات المسلحة، حتى انكشف سرّ الانقلاب، وتستّرت الجبهة على انقلابها لمدة سنة ونصف، قبل أن تعلن برنامجها الأيديولوجي. وصادرت الحياة العامة وصادرت الحريات وحق الآخرين في التعبير الديمقراطي، وأحتكر مجلس انقلابها سلطة التشريع والتنفيذ ورئاسة سلطة القضاء، وصارت حكماً دكتاتورياً صمداً في دولة كانت بها الحياة الديمقراطية منذ العام 1954 م، أي قبل الاستقلال، وكلنا نعرف تاريخ الاغتصاب والتعذيب في بيوت الأشباح والقتل والاختفاء القسري.


(5)
تحدثت الدكتورة " لبابة " عن اتفاقية" سيداو"، وقالت إنها مع اتفاقية لحماية حقوق المرأة، والنص الأساس في تعريف التمييز ضد المرأة هو الآتي:

{تتكون الاتفاقية من 5 أجزاء تحوي في مجملها 30 بنداً. وتعرّف الاتفاقية مصطلح التمييز ضد المرأة بما يلي: أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من إثاره أو أغراضه توهين أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان، والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان آخر، أو توهين أو إحباط تمتعها بهذه الحقوق أو ممارستها لها، بصرف النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل}

هنالك الكثير من التناقض بين حقوق المرأة وبين توفر تلك الحقوق في البرنامج السلفي لتأويل العقيدة، أو نصوص الشريعة التي ترزح تحت النصوص الخاصة بحقوق المرأة ومتعلقة بحقوق المناصب، وحقوق المساواة في الشهادة أو الميراث، أو التفاصيل الخاصة بالسفر وعقود الزواج، وسلطة الأزواج المطلقة، وهي جميعاً تتعارض مع اتفاقية " سيداو "، فكيف تتحدث الدكتورة عن خصوصية النصوص، والتأويل الديني الذي يصب في التمييز ضد المرأة ؟!


(6)
لم تحلّ الحركة الإسلامية أو الجبهة القومية الإسلامية ( الإخوان المسلمين ) نفسها بعد انقلاب 1989 م، كما ذكرت الدكتورة " لبابة الفضل ". وفي مقابلة الجزيرة الفضائية أعلن الدكتور الترابي عام 2007 م في لقائه بقناة الجزيرة التلفزيونية، أوضح أن الحركة التي كان يقودها هي التي قررت انقلاب 1989 م، وأن أمين عام الحركة ذهب للاعتقال مثل غيره من رؤساء الأحزاب. وأنهم في التنظيم لم يعلنوا الشريعة إلا بعد عام ونصف العام. وذلك اعتراف بأن التنظيم الحربائي الذي تغير من " الإخوان المسلمين " ثم " جبهة الميثاق الإسلامي " ثم " الجبهة القومية الإسلامية " ثم أخيراً " حزب المؤتمر الوطني ": تعددت الأسماء، ولكن بقي أصحاب المشروع هم قلب تنظيم الإخوان المسلمين الأصل، الذين بقوا في ظل كل تلك التغيرات وحافظوا على قوة تنظيمهم وسريّته ولولبية خادعة، عند استقطابهم مجموعات انتهازية خلال مسيرتهم، استخدموهم مرحلياً لإنجاز مرحلة من مراحل مشروعهم. لم يكن الاستيلاء على السلطة عام 1989م وفق قدرتهم كتنظيم سوداني، بل هو التنظيم العالمي الذي جلب رجالاته المدربين للقيام بتأمين حركة الانقلاب من الساعة السادسة مساء إلى السادسة من صباح كل يوم، خلال أشهر من بعد انقلاب الإخوان المسلمين .وقد كتب " المحبوب عبد السلام" في كتابه عن عشرية الإنقاذ الأولى، أن الهدف من الانقلاب عام 1989هو تأمين مسارات الحركة الإسلامية!.
بل هو تأمين إقصاء الآخرين فحسب.


(7)
تحدثت الدكتورة " لبابة " حول أنهم يرغبون دولة إسلامية تحت نظام فيدرالي، للجميع حرياتهم لممارستها، ولكن ما حدث هو قيام حكم بأيديولوجية الإسلام السياسي للإخوان المسلمين، وتم إعداد بناءً على اتفاقية "نيفاشا"، تضمين قانون ما يسمى " بالشريعة " لشمال السودان، وقانون لا ديني لمناطق جنوب السودان، وذلك القانون حسب دستور 2005 الذي وقعته الإنقاذ مع الحركة الشعبية وبدون مشورة أهل السودان، لم يُعنى بالمسيحيين في الشمال ولا الأديان العرفية في مناطق ما تسمى بالشمال. فطبقت الأيديولوجية برنامجاً للشريعة على المختلفين عن الحركة الإسلامية والتوجه الديني، وكان النظام الفيدرالي شكلاً، ولكنه مركزياً دكتاتورياً مارس القسوة في تطبيق المركزية، وأحال الدولة الأرض والثروات إلى ملك خاص للتنظيم، ولا يمارس العمل العام إلا المصطفين من التنظيم، وتم استغلال مال الدولة والثروات الناتجة عن التعدين والبترول إلى ثروات تم استثمارها خارج السودان، كما ذكر "علي الحاج " بأن مال البترول لم يدخل السودان ". فأين هي الدولة السودانية وأين الوطنية وأين حقوق السودانيين ؟!!!


(8)
ذكرت الدكتورة أن اتفاقية" نيفاشا "وفّرت السلام. ونعلم الآن أن الاتفاقية قامت بها الحركة الإسلامية الحاكمة والحركة الشعبية، دون مشورة الشعوب السودانية. كان اتفاقاً أعده الأمريكيين وقدمه " دانفورث " عام 2004 م باسم "برتوكول مشاكوس "، وكان نصاً غريباً على جميع الاتفاقات التي تمت من قبل. تضمنت حكماً دينياً وفق تأويل الإنقاذ وحكماً ليس له علاقة بالدين لجنوب السودان. وقرر الاتفاق " تقرير المصير" لأبناء جنوب السودان، بل حدد الاتفاق من له حق التصويت من أبناء الجنوب !!!
ثم عرّج الاتفاق على التغول على الشمال، وتم تغيير " أبيي " من منطقة تتبع لجنوب كردفان منذ 1905، إلى منطقة يقرر مصيرها " دينكا نقوق " وتم إخراج الرُحل من حقهم، بل تم قفل الطريق عن المناطق التي يذهب فيها الرعاة شتاء إلى بحر العرب للسقاية، بعد أن تم فصل أكثر من 2000 كيلو متر طولي عبر أراضي المستنقعات، بل وقد قام الاتفاق بتحديد ما أطلق عليه " المشورة الشعبية " لجبال النوبة ولجنوب كردفان. ويستغرب المرء، ما دخل تلك المناطق الثلاث بدولة الجنوب !!
هذا الاتفاق قد أعده الأمريكيون وهو يحمل كماً هائلاً من الألغام، فقد انفجرت الأرض جميعاً حروباً وليس الجنوب وحده، فكيف تطلق الدكتورة " لبابة " مثل هذا الاتفاق الشائه أنه حقق أو يحقق السلام .!!


(9)
هذا مقتطف من رد الدكتورة " لبابة " :
{ انا بفتكر بان الخير داخل الشخصية السودانية بمختلف تكويناتها و أيديولوجياتها واذا انا حجبت نفسى عنهم فانا اكون قد حجبت خير ممكن يأتينى منهم. عبرهم ربما اكتشف فهم علمي أو عبرهم، ربما اكتشف سنّة من سنن الله، وأنا مؤمنة بأن الآخر بإمكانه إفادتك كثيراً، وانا أحب الربط ما بين عالم الغيب و الشهادة وأحب عالم الغيب من عالم الشهادة لأنى أحب عالم البرزخ لأنى (بديت) حياتي الدينية كمتصوفة من الابتدائية، ثم بربر الثانوية فكنت وقتها أقرب للتصوف ولكن تصوف عقلاني، ولم يكن شاطح أو تصوف سني. ولكن عالم الغيب يضيف لديك الأبعاد المفقودة في داخل لأنك مكون من بُعدين. وهما بعد مادى جسدي عايش في عالم الشهادة وبعد آخر و هو البعد الروحي وهى منفوخة من الحق عزّ وجل وهذا هو عالم الغيب.}
*
أوضحت الدكتورة مما اقتطفناه من ردودها أنها تُحب عالم البرزخ. ويبدو أنها كانت تقصد عالم الغيب، فالبرزخ ليس هو عالم الغيب، ويعني في الآية " البرزخ " الحاجب أو الفاصل، وكذلك ذات المعنى في سورة المؤمنون الآية 100، وسورة الفرقان آية 53. ويبدو أن الدكتورة " لبابة " قد خرجت علينا بمعنى يخالف المعاني الواردة في النصوص القرآنية، وهي تنسب نفسها لحركة أيديولوجية إسلامية المرجع وتخطئ في معنى أصيل في المصطلحات الدينية !!!
*
مقتطف من حوار الدكتورة " لبابة ":
{وبُعد آخر و هو البعد الروحي وهى منفوخة من الحق عز وجل وهذا هو عالم الغيب.}

أترك التعبير الوارد أعلاه، ليوضح لنا معرفة الدكتورة باللغة والمعاني الدينية، فسريعاً ما تكشف ضحالة اللغة التي تُعبر بها عن آرائها الدينية، وقراءة لما وراء النصوص التي وردت عن الدكتورة " لبابة "، فتكتشف أن المعرفة الدينية لديها ضعيفة، مما يفسر أن قيادات حركات الإسلام السياسي لا يهمها معرفة أبجديات العقيدة، فهي أيديولوجية لا ترتكز على نصوص العقيدة، اتخذت الدين مطيّة لسرقة أحلام العامة في أنهم قادمون بعدالة الدين !!


(10)
{و الله نحنا قلنا نريد أن نقيم دولة إسلامية في إطار فيدرالي فيه حريه للجميع، أنا اشتغل وغيري يشتغل وحتى لو كان يحمل أفكاراً ضدي أفكاري، أعطيه الحرية ليعمل لدرجة أن الذي يريد الدعوة للمسيحية أو اللا دينية، يدخل المساجد ويدعو لها ويتيح لي نفس الحرية لأدخل دوره و مؤسساته لأدعو لعقيدتي وبعد ذلك (الحشاش يملا شبكته)...}

ونتعجب أين هي هذه الحرية !!!، لقد تم إلغاء عطلة أعياد الميلاد، بعد أن تم فصل الجنوب. أين هي الحريات المسيحية، أكل الشمال صار دينياً مسلماً !!؟؟
أكانت الدولة وأجهزتها وأمنها إلا أن تنفذ الزي الذي تراه للمرأة، ورأينا الجلد والسجن، أهذه هي الحريات !؟ وجاءت الحياة الدينية المشاعة لكل الأحزاب الدينية التكفيرية التي وجدت من السودان أرضاً خصبة، فصار السودان ملجأ كالقساة الذين يقتلون بدم بارد، ودخل التكفيريون والقتلة أثناء تجمعات (المؤتمر الإسلامي الشعبي ) الذي تبناه كبيرهم الذي علمهم السحر، واغتيل أحد زعماء الشيعة في فندق هلتون الخرطوم ونبت التكفيريين الذين اغتالوا المصلين في مسجد الثورة بأم درمان في منتصف التسعينات. وما تم أيضاً في العقد الأول من القرن العشرين مسجد" الجرّافة" من قتل للمصلين بدعوى التكفير .هي حرية مبسوطة للتكفيريين.
أين هي حرية العقيدة التي انتشرت في السودان ،وأين هي رحابة الصدور على الخلاف في الرأي !؟. وليس ببعيد وجود منْ يحرق المزارات، ويكفّر من يشاء بلا حساب .والدولة وأجهزتها تغض النظر.
هذا المسلك الغريب لم نشهده إلا عندما احتلت الجبهة القومية الإسلامية الحكم ، وتسلم قيادتها السرية الإخوان المسلمين التنظيم .


(11):
تحدثت الدكتورة " لبابة " في حديثها مع ألوان :
{أنا موجودة في الساحة السياسية القومية الجامعة التي تجمع كل السودانيين وهذا من الأساس.. ولكن في غياب الاستراتيجيات وانحراف المبادئ واتجاهها نحو الاتجاه الشخصي، لذلك لا أستطيع أن أقول الآن أنا قومية. وأضم صوتي الى المستضعفين في المناطق المهمّشة، لكني أقرب الى حركة العدل والمساواة وحركة الأنقسنا }
من هذه الرد نلحظ فيه التغيير الذي بدأ في خطاب الدكتورة، بدأت تتحدث عن غياب الاستراتيجيات وانحراف المبادئ واتجاها نحو الشخصي
لقد حكمت الجبهة القومية الإسلامية بجميع مسمياتها السودان لمدة 40% من تاريخ السودان منذ الاستقلال إلى حاضرنا، ولم تزل تتحدث عن فشل الحكومات السابقة وأن الجبهة التي تنتمي إليها جاءت بالسلام والحل لمشكلة الجنوب، وها هي الحرب اتقدت في جميع أرجاء البلاد، وما كان الحل سوى الانفصال، وصارت الدولة الوليدة من ألد أعدائها، ولم تُفكك معظم الألغام التي وضعها " دان فورث " في وثيقة "مشاكوس ". أدخل " أبيي" التي ضمها المستعمر عام 1905 لكردفان ، ونزعتها الاتفاقية ليكون مصيرها الاستفتاء !!! . ونزعت جنوب النيل الأزرق وجبال النوبة بمسميات : " الجيوش المشتركة " و " المشورة الشعبية " كأن أقاليم السودان قد سادتها مشورة شعبية!! ، فقد جاءت الإنقاذ بانقلابها ودانت السلطة والثروة للجبهة القومية الإسلامية، ولم تترك شيئاً لأحد، حتى المقربين منها ومن صلب الحركة في الأقاليم باتوا يشتكون من مظالم الدكتاتورية .
وها هي الدكتورة تتحدث عن غياب الاستراتيجيات وبدأت تتحول الدولة إلى " مصالح أشخاص " !!! . لقد علمت الدكتورة الآن، بعد أكثر من اثنين وعشرين عاماً ، فقد كانت في عينيها غشاوة السلطان، ولم تكن تعرف عن الشعوب السودانية المقهورة كثير شيء !!


(12)
لقد فاجأتنا كثيراً ردود الدكتورة " لبابة " في مقابلة صحيفة " ألوان " فبدأت تتحدث عن المظالم في الأرياف، وبدأت الحديث عن حركة العدل والمساواة وأنها من أقرب التنظيمات لانتمائها !! . يبدو أن الدكتورة قد تزلزلت قيمها !!!
ونتعجب ما الذي حدث للسيدة الحديدية التي حملت أيديولوجية الإسلام السياسي، وبدأت تتحدث عن الفساد، وعن غياب الاستراتيجيات. يبدو أن الدكتورة قد بدأت متأخرة جداً في غسل يديها من أعمال التنظيم السياسي، بل وختمت حديثها في عبرة مصير " القذافي " للذين فوق العشرين عاماً في السودان !!!

نص المقابلة في الرابط الخاص بسودانيزأونلاين:
http://www.sudaneseonline.com/ar/article_20369.shtml

عبدالله الشقليني
12 يناير2019

*

 

آراء