في فقه الوقاحة والاستهبال السياسي
الوقاحة هي المبالغة في الجرأة وعدم الحياء والخجل من التصرفات والسلوكيات المشينة والمعيبة ، وعدم مراعاة شعور الآخرين وكأنهم لا وجود لهم ولا لمشاعرهم . تعامل بعض قادة الحركة الاسلاموية في الفترة الأخيرة مع الشعب السوداني بوقاحة ظاهرة ولكنها ليست غريبة عليهم لأنهم لا يحترمون هذا الشعب فهم انقلبوا على حكومته المنتخبة شعبيا في 30 يونيو 1989م، وابتكرو الآليات المذلة والمرهبة لاسكات حيويته فكانت بيوت الأشباح، وكان الجهاد، وكان التطهير العرقي في دارفور وجبال النوبه والانقسنا، ثم عندما ثار الشعب عليهم تنصلوا من دويلتهم التي خططوا لها واداروها طوال العشرية السوداء (89-1989م ) ولحقوا بالثورة التي قامت ضدهم أي ضد أفكارهم واخوانهم الحكام وحاولوا أن يتصدروا المشهد ، يقدمون المبادرات ويخترحون الوزارة والمجالس معتمدين علي بعض عناصرهم داخل المجلس العسكري.
قبل ان يقترحوا ويبادروا الا يستحق هذا اعتذارا منهم وشجاعة بالاعتراف بالأخطاء التي ارتكبت في حق الشعب؟ فهذا من أخلاق الفرسان والنبلاء الذين يرتقون عن الخسة والاستهبال، ولكن أن يقفزوا على هذه المرحلة وكأنها لم تكن ومجرد فجوة في تاريخ الشعب السوداني إلى مرحلة أخرى ويقومون بعملية غسيل ذنوب وأخطاء كما يغسلون الأموال في البنوك فهذا هوعين الاستهبال السياسي والاستهانة بعقل الشعب السوداني . فهم يستغلون حقيقة أن الشعب السوداني متسامح وغير عنيف اودموي . خلال تسلطهم كان رجل الأمن يستدعيك ويمكن أن يعذبك ويهينك ثم يأتي اليك في اليوم التالي – مثلا – لكي يعزيك في وفاة والدك (وتشيل معاه الفاتحة وكأن شيئا لم يكن!) وهذا لايمكن أن يحدث في العراق أوسوريا او ايران أو فينزويلا ! فقط في السودان وهذا ما استفاد منه الكيزان في استهبالهم السياسي الذي كثر هذه الايام .
يستغل الكيزان والظلاميون عموما تسامح الشعب السوداني وسلمية الثورة لسرقتها نهارا .
في الثورة الفرنسية ابتكر الثوار – لأنهم عنيفون – المقصلة ولم تقم محاكم قانونية . وفي العراق بعد الانقلاب على عبد الكريم قاسم ظهرت ممارسات السحل لأعداء الثورة بلا محاكمات عادلة .
يريد ويخطط الطابور الخامس في المجلس العسكري لجرالبلاد الى الفتنة وسفك الدماء وهناك من يحاول تحويل الثورة الشعبية ضد الاستبداد والفساد الى صراع ديني بين رجال دين رسميين وبين علمانيين متوهمين، هذا ما ظهر في اجتماع المجلس العسكري مع أئمة الجوامع في لقاء لم يحضره الائمة اللذين عرفوا بانتقادهم لنظام الانقاذ . هذه فتنة دينية يريد ان يشعلها الطابور الخامس العسكري لذلك على الشباب الثوار تفويت هذه الفرصة .
الصراع بين الحرية والكرامة والديمقراطية وبين الاستبداد والفساد والحكم الجائر من جهة أخرى .
والدين لله والوطن للجميع