يهتف الثوار والثائرات: يسقط بس .. مجلس كيزان يسقط بس ..مجلس وسخان يسقط بس ..المجلس كلو يا ثورة مدنية... يا صابِّنها
(1) لم تزل مفاصل السلطة في يد تنظيم الإخوان المسلمين والصامتون في القوات النظامية والجيش والأمن. وهؤلاء الصامتون قليلي العدد، رغم سقوط البشير في 11 أبريل 2019. لقد أنجز انقلاب 1989 مع التنظيم الإخوان نفرٌ من العرب الأفغان الذين حاربوا في أفغانستان بدعم أمريكي. واليوم تبحث الإدارة الأمريكية في وضع تنظيم الإخوان المسلمين في قائمة الارهاب ،لعلها تذكرت متأخرة قصة بن لادن مع أمريكا. قام التنظيم الأسود بتمكين أبناءه وبناته منذ أول أيام الانقلاب، معتمداً على الملفات القديمة التي خزّنها التنظيم في الحاسب الإلكتروني في العام 1985، والتي أسهمت في تصنيف السودانيين، وهي ملفات تم تجميعها وإدخالها في جهاز الحاسب الإلكتروني الأرشيفي للتنظيم. وقد أعلن الأمين العام للتنظيم الأسود عام 1986، إثر فوزه بعدد خمسين مقعداً في مؤتمر صحفي( أنهم قد خاضوا الانتخابات اعتماداً على الحاسوب الآلي). كان في ذلك العام تكنولوجيا يفخر بها الإخوان المسلمين في السودان.
(2) طردوا الكفاءات، وأحلّوا التفويض بلا ضوابط لأهل التنظيم وشاع الفساد وسيلة للمغنم. نحن حزينين لأننا فقدنا شهداء من جميع أطراف السودان، هم أكرم منا وهموا تيجان متلألئة فوق رؤوسنا. لقد أثبتوا أن الثورة تأتي بغتة كهبة إعصار، دون سابق تجهيز. عاصفة هوجاء أطاحت بالذي يسمونه الرئيس، وسقط المهرج الكبير من علياه، وانتهت مهزلة تنظيم الإخوان المسلمين، رغم أن رموز التنظيم لم تزل تحكم مفاصل التنفيذ فعلياً. قبل سنوات تقرر أن تكون الخرطوم مركزاً لجهاز الاستخبارات الأمريكية في إفريقية. وتم استقدام قوش للولايات المتحدة. لقد تم ترحيل كل العناصر الأجنبية من الخرطوم بطائرات إلى سجن غوانتنامو المؤجرة لأمريكا من كوبا، لتفعل بهم الاستخبارات ما هي عاجزة على تنفيذه في الأراضي الأمريكية. جزء من محاولة تخفيف العقوبات والفرار من المحكمة الجنائية الدولية. تلك عينة من أسباب تباطؤ رأي الادارة الأمريكي حول قرار إسقاط نظام البشير، لأن مصالحها الآنية وقفت ضد مصالح الشعب السوداني.
(3) أورد القيادي في التنظيم" المحبوب عبدالسلام" في كتابه حول العشرية الأولى من تجربة الإنقاذ عن نائب الأمين العام "علي عثمان محمد طه" ص 107: { لكن مهما تكن حركة الأعضاء المُلتزمين أو عمل لجان مجلس الثورة ، فإن قلب الانقلاب الذي يُفترض له سلطة نظم العمل في وجوهه المتكاثرة وتوجيهها وضبطها وتنسيقها، يكمن هناك في مقر غير بعيد من وسط الخرطوم ولكنه محاط بأقصى إجراءات السرية والكتمان، حيث يجلس نائب الأمين العام للحركة الإسلامية، بعد أن ضم المعتقل الكوبري ( سجن كوبر) الأمين العام وأكبر مسؤول سابق عن العمل العسكري الخاص} وفي ص 107 – 108: { من المقر الذي يشبه مسرح الرجل الواحد، تعثرت أولى خطى الثورة، إذ تأخر إعلان قائمة مجلس الوزراء لأسابيع، لا تشبه وقع الثورة المتسارع، وعبر تلك القائمة الوزارية ارتكب المكتب القائد المفوض خطأه الأول الظاهر، إذ ضمت الوزارة أسماء مغمورة، ولكنها مشهورة بالتزامها في صف الحركة الإسلامية وسط السودانيين في مهاجر الاغتراب، حيث عملوا هناك وعاشوا لعقود} وفي ص 110: { فالمقر الذي أقام فيه نائب الأمين العام، يغشاه ليلاً قادة أجهزة التأمين من الرسميين الجدد والشعبيين القدامى، وتصدر عنه نهاراً القرارات الموصولة بقنوات مؤمنة إلى الجهات الرسمية الملتزمة، التي تتولى إصدارها الرسمي وإعلانها إن كانت تقتضي الإذاعة والإشهار. وترد إليه شفاهة ليلاً تقارير الأمن والخوف في مسيرة تأمين الثورة وتمكين النظام، كما يصل إليه يومياً غالب عمل الحكومة الرسمي وتقاريرها وقراراتها، وعلى الرغم من أن الحركة الإسلامية السودانية ظلت تعرف التنظيم المحجوب الموازي للتنظيم السياسي المعلن منذ جبهة الميثاق ومنظماتها ، وإلى الجبهة الإسلامية وواجهاتها، فإن تمحور كل حراك الحركة والدولة حول نواة مركزية مستورة، يقوم عليها نائب الأمين العام، بدت تجربة جديدة، كانت مستساغة لأول الأمر بحجج الطوارئ والتأمين } ص 118: { بالطبع تركزت التعينات العليا في بؤرة القيادة المستترة عند نائب الأمين العام، فبعد مجلس الوزراء، عين الوكلاء ومديري المؤسسات ورؤساء مجالس الإدارة وتعيينات القوات المسلحة ومدير الإذاعة ومدير التلفزيون ورؤساء الصحف والسفراء، وهي سنة اتصلت لسنوات في عهد الإنقاذ. تركيز الوظائف العليا بيد القيادة الخاصة للحركة الإسلامية ...، ولكن في مرحلة الثورة الأولى كان نائب الأمين العام يستدعي خبرته وذاكرته مُجسداً سمات الحاكم المطلق دون معايير واضحة ولأفق غير منظور}. كان نائب الأمين العام للتنظيم هو " علي عثمان محمد طه".
(4) علي عثمان محمد طه : من قيادات التنظيم البارزة: حول " علي عثمان محمد طه " ننقل ترجمة لمقال كتبه "هاشم بدر الدين" من لندن عند ذلك التاريخ: في عام 2006، طار "علي عثمان محمد طه "، الرجل الثاني في التسلسل الهرمي للديكتاتورية في السودان، في نوبة من الغضب إلى تركيا وبقي هناك عدة أسابيع في نصف منفى اختياريا، ولكن الوسطاء تمكنوا من دفن الأحقاد وجلبوه عائداً. مرِض في العامين الماضيين، ولكن المرض وحده لم يقرر رحيله وغيبته الثانية التي امتدت بلا حدود. في العقد الأخير، كان عقل النظام المُدبر، وحكمَ بالوكالة. انتظم الجميع كما أراد لهم أن يُصبحوا. على أية حال ككل مستعملي الإسلام السياسي، ليس لطموحه حدود، ولكنها نهايتها محزنة. في معظم الثقافات، توجد لبعض الأشخاص آمال، ولكنها تصطدم بحائط الواقع. تتخير المناسبين لترتقي على أكتافهم، كما تصعد المُتسلقات الشجر. المضغ ثم ومنها إلى البصق والنفاية. في حياته المُبكرة، التقى الترابي وصار يجلّه، وذاك رجل يعرف كيف يعتقل اللحظة ويعرف كيف يصل إلى ضوء الشهرة. قانوني تحول إلى سياسي. تزوج بنسب يقود إلى منصة السلطة. احتاج الترابي لأتباعٍ صغار السن، خامة حواريين يعبدونه. كان علي طالب قانون يصلُح ليكون ونموذجا. صار حواره وتابعه، أو كما كان يظن الترابي. تعلم من مدرسة الترابي طرائق الإخوان المسلمين. السياسة بوابة مفتوحة على كل شيء. الصدق هو الحماقة الكُبرى، والكذب استراتيجية أكثر فعالية لخدمة الأهداف. بدأ " علي " كحلقة وصل بين " الترابي " و " البشير ". قاد ثلاثتهم الدمار في أرجاء الكون. تمدد شيطانهم من أمريكا إلى أفغانستان، الجزائر، تونس، والفلبين والعراق والكويت والصومال وإرتيريا وأثيوبيا وتشاد وكينيا ومصر وأوغندا ، إضافة لجرائمهم على شعوبهم في الداخل، من الجنوب إلى جبال النوبة والنيل الأزرق. قمع القوات المسلحة والعصيان المدني، والفظائع التي ارتُكبت في دار فور ..........
(5) حسب كتاب "المحبوب عبد السلام " فإن " علي عثمان محمد طه " كان من ضمن الستة المخططين للانقلاب. و الذين أقسموا مغلظاً على القرآن بان يظل أمر الانقلاب سرياً مهما كثرت الابتلاءات. مارس الرجل سلطة الدكتاتور الأوحد، منذ التخطيط للانقلاب ويمارس التنفيذ بسرية مشددة طوال عهد الانقلاب الأولى، ولم يظهر للعلن إلا بعد تعيينه وزيراً للشؤون الاجتماعية. وهو الذي أطال مكوث الأمين العام داخل السجن لغرض في نفسه. وهو الذي أجاز إعدام (28) ضابطاً في رمضان عام 1990، بينما تم ترحيل " عمر البشير " للاختفاء في مزرعة بمدينة " العيلفون" بشرق النيل. وهو الذي وقّع على وثائق "نيفاشا "وانفصال الجنوب لا حقاً .هو الذي ذهب إلى جوبا لإقناع "سلفا كير" بسحب مرشحي الجيش الشعبي لانتخابات الشمال وسحب " ياسر عرمان" من الترشيح لرئاسة الجمهورية عام 2010، ليتم ترك الشمال للتنظيم والجنوب للحركة الشعبية، وموافقة التنظيم على فصل الجنوب. وهو الذي عندما نشبت حروب الحدود مع دولة الجنوب الوليدة، ذكر في برلمان التنظيم العبارة: ( SHOOT TO KILL ) في مواجهة أهل الجنوب. ويعترف بكتائب الظل التي هدد بها لمواجهة المتظاهرين السلميين!، عندما كان النظام يلفظ أنفاسه الأخيرة. نفدت من شره الصحافية " لبنى أحمد حسين " زوجة الصحافي الراحل " عبد الرحمن مختار"، حين كتبت مقالاً تتناول فيه أن أحد قادة الإخوان المسلمين، من عاش من اللحوم التي تعطى لوحوش حديقة حيوانات الخرطوم، وكانت تشير بإيهام نائب الأمين العام للتنظيم، فقرر" علي عثمان محمد طه" أن يلاحقها جهاز النظام العام، ففرت من السودان إلى فرنسا ومنحها الرئيس حينها " ساركوزي" لجئوا في فرنسا.
(6) لا نعرف في تاريخنا رجلاً دموياً كهذا الشخص. ربما تفضي سيرته الشخصية عن كثير من الغموض إن استرسلنا في الحديث، فهو مشهور بأنه يلسع كالثعبان، صبور عند الأهوال، قليل الحديث، ناري الفعل. يترك آثار رهيبة على أجساد معارضيه. لن نحسن الحديث عن سيرته، فقد اختاره الأمين العام، وهو ضمن السهام المسمومة التي رمى بها الأمين العام الشعب السوداني، كأنه يطلب الشعب في ثارات قديمة لا تنتهي. وقد قدم السودان الحياة لأبناء وبنات التنظيم، اختار لهم التعليم المجاني، والوظيفة التي انتشلتهم من الفقر، فران حقدهم مختبئاً، إلى أن ظهر حسدهم على كل جميل من مزايا الشعب بعد تسلمهم السلطة بليل، وأوقدوا النار في كل البيوت، ولم ترضيهم إلا إحراق أكثر من 2000 قرية في دارفور بسكانها ومواشيها ودجاجها، في مجازر لا سابق لها في التاريخ السوداني. لذا يجب أن تطالهم العدالة الشفافة وتحق فيهم الحق.