من حق كل سوداني التعبير عن موقفه من الاتفاق الثنائي لتجاوز المأزق السوداني، وكل حل توافقي هو مشروع تنازل وتراجع ما، ولكن تفرضه حقيقية موازين القوة، وليس تمنيات وأحلام الثوار الرائعة والنبيلة .
وصلت البلاد إلى معسكرين : معسكر قوى الحرية والتغيير، أي معسكر الثورة ويرفع شعار سلمية، وقوته في الشعب والشارع الأعزل من السلاح المادي، ويملك فقط روح الثورة والمستقبل، يقابله المعسكر المدجج بالسلاح والقوة الغاشمة ورغم أن الثوار لم يختاروا المواجهة والصدام كانت مجزرة فض اعتصام القيادة ولم يتمكن الثوار من الدفاع عن أنفسهم بسبب السلمية .
نحن لا نرفض الرأي الآخر ونحترمه، ولكن ندين ونحتقر المزايدات الجوفاء التي ما قتلت ذبابة. هذا وقد عانت المعارضة السودانية من المزايدات والحنجورية . فقد رفع البعض شعار الانتفاضة المحمية بالسلاح وانطلقت في أسمرا موضة العمل المسلح، فكان جيش الفتح وجيش الأمة والأسود الحرة وقوات التحالف .ولم تطلق رصاصة واحدة داخل الخرطوم واستمرت بيوت الاشباح دون ردع ثوري يوقفها ويخيفها . وظلت اذاعة المعارضة تكرر الحديث عن معارك في قرورة ومديسيسه وكأننا نسمع عن أفلام الحرب العالمية الثانية .
تركت الحركات المسلحة بما فيها الحركة الشعبية الشعب السوداني أعزلا ويتيما استفرد به جندرمة البشير والترابي وأمنجية نافع وصلاح قوش وعطا.
أرجو أن تعفينا الجبهة الثورية من نضال القنوات الفضائية والمؤتمرات الصحفية في العواصم المريحة وأن ينخرطوا مع الثوار في تصعيد نضالهم السلمي والعمل على تعديل شروط الاتفاق من أجل تحقيق كل أهداف الثورة واسترداد حقوق الشعب السوداني من خلال محاكمات سريعة للفساد وتقويض النظام الدستوري وتخذيل الثورة …
يحتاج شباب الثورة إلى المساندة والمناصحة والنقد البناء والدعم المعنوي وتقديم البرامج والسياسات البديلة التي يمكن أن تسرع في رفع معاناة الشعب السوداني وتحسين أوضاعه المعيشية والشروع في بناء السودان الجديد ليكون حقيقة وواقعا وليس مجرد شعار للاستهلاك السياسي.