الثورة لم تسرق

 


 

 


منصة حرة



لو تركت المؤسسة العسكرية مسائل السياسة والحكم للمختصين، لما شهدنا كل هذا التشابك في المهام، ولما وجدنا أنفسنا أمام وضع يحتاج إلى إعادة ترتيب، وأهدرنا الوقت والجهد في أمور المناصب والصلاحيات، بدلاً من البدء في حل المشاكل الاقتصادية والأزمات التي ورثناها من النظام البائد، ومنها على سبيل المثال، أزمات الخبز والوقود والكهرباء والمياه، وهي الأولويات التي يجب أن تعمل عليها الحكومة منذ اليوم الأول لتوليها المهام.
وعلينا أن لا ننسى، أن مستويات الحكم لم تكتمل حتى اليوم، وهذه المشكلة جاءت بسبب تمسك العسكريين بالمشاركة في الحكم، والإصرار على الجلوس في مفاوضات لتقاسم هذه المناصب والصلاحيات عبر اتفاق سياسي ودستوري، ومنذ تلك اللحظة لم تتشكل حكومة فعلية، فقط تم تعين وزراء اتحاديين، انشغلوا بتنظيف الوزرات وتهيئة الوضع الداخلي، وظلت باقي مستويات الحكم من مجلس تشريعي ووزراء دولة وغيرهم في رحم الغيب.
لا ندري متى ومن الذي سينجزها، وظلت الإدارة حتى اللحظة في يد الولاة الذين تم تكليفهم من قبل المجلس العسكري الذي تم حله، فكان من الطبيعي أن يطالبوا بسرعة تعيين ولاة جدد من المدنيين حتى يتفرغوا لمهامهم العسكرية.
وسط هذا الوضع المتشابك، كثر الحديث عن سرقة الثورة، وعن أياد خفية تحرك الأوضاع، إضافة إلى بث رسائل إلى المجتمع مفادها أن حكومة حمدوك فشلت في حل الأزمات الاقتصادية، مستشهدين بصفوف الخبز والبنزين ومشكلة المواصلات وغيرها من الأزمات الموروثة، والتي لن تحل في ليلة وضحاها، متجاهلين عن عمد أن سببها الأساسي فساد النظام المخلوع.
الثورة لم تسرق، والحكومة لم تفشل، وكل ما يحدث الآن، لم يخرج من نطاق ما توقعناه، وستظل أجهزة النظام المباد، تستغل نفوذها لهز الثقة بين الشارع وحكومة الثورة، وهذا بالضبط ما يقومون به الآن، وفشلت مخططاتهم بتماسك الشارع، والوعي المتقدم للشعب السوداني الذي فهم اللعبة القذرة، وفهم تحركات الثورة المضادة التي كانت متوقعة.
وحتى الآن لا نستطيع تقييم نجاح أو فشل الحكومة الانتقالية، وأمامها مهام "محددة" عليها إنجازها خلال الثلاث سنوات المقبلة، وقبل مرور عام لن نستطيع الحديث عن نجاح أو فشل، كما لا يمكن أن ننتظر إصلاحات، وما زالت 80 % من مستويات الحكم تدار عبر المكلفين من المجلس العسكري.

دمتم بود

الجريدة
//////////////

 

آراء