(خضر حمد) وفن الغناء السوداني

 


 

 

 

عن السيد" خضر حمد":

من مواليد 1910، تخرج من كلية غردون التذكارية- قسم الكتبة عام 1929. عمل موظفا بوزارة الخارجية إثر تخرجه، وهو من أعضاء جمعية أبي روف الأدبية البارزين. له كتابات في شئون متعددة في مجلتي "النهضة" و"الفجر". اشتهر بكتابة ( في الهدف) تحت توقيع ( طبجي). التحق بلجنة المدرسة الأهلية سنة 1930 عضوا، فمساعدا للسكرتير، فسكرتير حتى عام 1945. اشترك في مؤتمر الخريجين وصار سكرتيرا. التحق للعمل بالجامعة العربية ( 1948-1951). كان سكرتيرا عاما للحزب الوطني الاتحادي. عمل وزيرا للدولة ثم وزيرا للري والقوى الكهربائية. عضو مجلس السيادة منذ 1967 إلى ميعاد حله. توفى 1970.

(2)
صفحة 58 -62 من مذكراته التي كتبها ننقلها كاملة:
{ تطوير الغناء سنة 1935:
كنا كشبان نتذوق الأغاني ونسعى وراء حفلاتها ونحضر لياليها، وكان هذا دأبنا ونحن طلاب علم. كان يوم الخميس اليوم الذي نسرح فيه إلى أم درمان، وكنا نعلم سلفاً أين يغني سرور أو كرومة، وما نكاد نصل منازلنا حتى نستعد للهجرة لمكان الغناء، وقد تكون هجرة صحيحة لأننا أحياناً نسير من أبي روف إلى أطراف الموردة، ونعود ليلاً وفي ساعات متأخرة من الليل على أرجلنا نقطع تلك المسافة ونحن في نشوة الطرب.
وفي المدرسة كان التلاميذ يهتمون بالأغاني وكل منا نوتة يدون فيها أحدث ما ظهر من قصائد الشعراء، وكانت كلها قصائد تستحق التدوين ففيها أصالة وفيها إحساس وفيها فضيلة وفيها رجولة، فأغاني الحقيبة ما زال الناس يستطيبون سماعها، واستطاعت أن تبقى مع الزمن، رغم أن الأغاني الحديثة كثيرة ومتنوعة لكنها كانت أخلد منها وأصلب، جزلة المعاني غزيرة المادة فياضة الشعور.
نعم أغاني الحقيبة هي الأغاني التي كنا نعيشها ونستمتع بها، ولا يفوتنا منها مقطع أو بيت .وعندما خرجنا إلى الحياة العامة تطور ذوقنا، وأخذنا نسمع الأغاني المصرية ونقتني الأسطوانات العديدة لـ "عبد الوهاب" و" أم كلثوم"، وشعرنا بالفارق بين أغانينا والأغاني العربية عموماً، ومصر كان كل ما فيها يطغى على ما عندنا، فالصحافة والسياسة والأدب والفن وكل شيء في مصر انسحب تلقائيا إلى السودان، بل وإلى البلاد العربية جميعها، وهذا ما جعل أثر مصر ظاهراً على كل البلاد العربية والمسلمة. اتجهنا نحو الفن المصري، تغذينا الصحافة المصرية وأخيرا السينما المصرية، وهذا احساس بالفارق بين ما عندنا وما نسمعه جعلنا نفكر في كيف نطور الأغاني السودانية.
لقد كانت أغانينا مرتبطة بالرقص، ولذلك فهي تلحن على نوعين، أحدهما يناسب الرقص الثقيل والآخر الرقص الخفيف، ولا فكاك من هذين اللحنين، وقال العارفون إن الأغاني السودانية ينقصها التنويع، وحسبنا أن ذلك عُولج عن طريق الشعراء، فعملنا على أن يكون التنويع في القصيدة نفسها، في بحورها وقوافيها، فلعل ذلك يسوق الملحن إلى التنويع أيضا في الموسيقى، ولكن الملحن هو المغني جاهل لا يعرف من الفن إلا الإحساس به والحجرة التي أعجب بها السامعون. وثقافتنا في الفن ضعيفة، بل معدومة وفاقد الشيء لا يعطيه، فكيف نطور الأغاني واللحن ونحن لا نعرف الألحان ولا الموسيقى.
كان المرحوم البكباشي" محمد تميم" فنان حاذق، عشق الموسيقى وعاش معها ولها، تجده في كل وقت ممسكاً بعوده ويناجيه، ولكنه كان متأثرا بالأغاني المصرية، وكان لا يعالج الأغاني السودانية إلا نادرا. اتصلنا به وقامت بيننا صداقة، وأخذنا نزوره ويزورنا، وهو نادرا ما يخرج من داره، ولكنه إذا عرف أن أسطوانة جديدة عندك، لا يتردد في أن يزورك وأن ينتظرك إن لم يجدك.
كنت في مصر واتصلت برجل فاضل يمت إلى الأستاذ "محمد أمين حسين" بصلة القرابة، وتحدثت معه في موضوع الأغاني السودانية، وكيف يمكن تطويرها أو تلقيحها حتى تكون عربية ويتذوقها العربي أينما كان، أغانينا غنية بالمعاني ولكنها فقيرة في اللحن، وكان هذا الرجل الفاضل له صلة بمعهد فؤاد الأول للموسيقى الشرقية، الذي أصبح فيما بعد معهد الموسيقى الشرقي. واتفقنا على أن نكتب قصيدة سودانية على النوتة كما هي لا تغير فيها ولا تبدل، ثم نرسلها إلى المعهد، وهم بعد سماعها يحاولون تعديلها بما لا يخرج بها عن الذوق السوداني، وفي نفس الوقت يقربها من اللحن العربي، وحسبنا أننا بذلك نستطيع أن نطور أغانينا وأن نجعلها تخرج خارج حدود سواننا الصغير إلى العالم العربي الواسع، وتكون رسولا للسودان العربي في البلاد العربية. وفعلا اخترنا القصيدة ومطلعها:
يا غزال الروض فيك رايح بالي.. تفداك الروح أظهر لا تبالي
وكتبها البكباشي" تميم" بالنوتة وأرسلناها إلى المعهد، وهناك حلوا رموزها، ثم أدخلوا فيها ما استطاعوا إدخاله وردت إلينا. ولكن كان التغيير طفيفا جدا، وقال المسؤولون في المعهد أنهم لم يغيروا فيها كثيراً خوفا من أن تخرج عن الذوق السوداني، وما أدخلوه فيها ليس له أثر يذكر، ثم قالوا إن الوسيلة الوحيدة لتطوير أغاني السودان، هي إرسال شاب متعلم له هوايته وله علم بالأغاني، يتعلم في المعهد ثم يحاول تلقيح الأغاني السودانية وتقريبها إلى الذوق العربي. واشترطوا أن يكون تعليمه ثانويا على الأقل، لأنه بذلك يستطيع أن يقرأ كتب الموسيقى في الشرق والغرب ويفهما. وهنا وقف حمار الشيخ !! فمنْ من الشباب المتعلم في ذلك الوقت في ذلك الوقت في الثلاثينات، يرغب في أن يتعلم الموسيقى، وعجزنا تماما عن إيجاد الشبان أو الشاب الذي يمكن أن يستخدم في هذا الصدد.
وظهر" إسماعيل عبد المعين"، فيه رغبة وعنده علم وإلمام بالموسيقى، ولكنه لم ينل من العلم شيئا، ولكنه كان هاويا وكان يجيد إلى حد ما العزف على العود، فأخذنا نشجعه إلى أن رغب في الهجرة إلى مصر، ثم لحق به بعد سنوات " سيد خليفة"، ولكن كلا الشابين لم يخدم الغناء السوداني، إما عن عجز أو عن ضعف، وسبب الضعف هو بدلا من أن يرتفع بالجمهور، نزل هو إلى مستوى الجمهور، وهذه وضحت في " سيد خليفة " أكثر من" إسماعيل عبد المعين. كنا ننتظر من هؤلاء، أن يهضموا الموسيقى العربية والغربية، ثم يؤدوها موسيقى سودانية حية تستطيع أن ترك علمها في عالم الموسيقى. كنا ننتظر أن يكون كل منهما عبد الوهاب السودان، الذي استطاع من الموسيقى الغربية وأن يطوعها للذوق الشرقي، أو يدخل منها ما يستسيقه الشرقي وفي نفس الوقت لا يفسد عليه موسيقاه، بل يزيدها حلاوة ويكسبها ذيوعا وانتشارا في العالم.
و"إسماعيل" درس الموسيقى وتذوقها، لكنه بعُد عن الذوق السوداني لسببين، أولهما قلة محصوله من العلم الذي يكيف به الأوضاع التي هو فيها، وثانيا لأنه يصر على أن يؤدي ألحانه بنفسه، ولو أن صوته لا يساعده. وما زالت الأغاني السودانية لا شرقية و لا غربية، وإنما هي نسيج قائم بذاته، يميل أحياناً إلى الموسيقى الحبشية وأحيانا إلى الهندية.
ومما لا شك فيه أن الموسيقى تطورت كثيرا ،وبقدر ما تطورت الموسيقى، هوى مستوى الشعر والشعراء والمغنين، واستمعنا إلى أصوات لا هي للنساء تنسب ولا هي بالرجال تليق، مائعة ومتكسرة. وشهدنا الحركات المخنثة التي تأنف المرأة من أن تأتيها، وحسب المغنون أن الحسن في الخطأ، فتسمع المغني وأنت لا شك في أنك تسمع امرأة كبيرة لا تحسن نطق الكلمات الحديثة، أو إذا نطقها فكأنها تتشبه بالرجال ولذلك تنفر منها.
وكان المغني في عهدنا الماضي، مثال الفتوة والرجولة والمرح، غدا التمسته في لشدائد وجدته، وإن تلمسته في لحظات المرح والسرور، وجدته عف اللسان نظيف الثياب عالي الهمة ،لا يتناول من غنائه أجرا ولا طعاما أو شرابا، بل يجلس أمام البنات كأنه يجلس في حضرة ملك، ولذلك سماهن ( ستاتنا العزاز). ومن أظرف ما سمعت أن فتاة سئلت عما في التلفزيون، فقالت لا شيء غير يغني كالمرأة وامرأة تغني كالرجل. وهذا ما جعل الحقيبة دائما في الصدارة، أشعارها باقية على مر الأيام، بينما تموت القصائد الحديثة في مهدها.
ومحاولة تطوير الأغاني السودانية وتهذيبها لم تقف عند هذا، ولكننا أخذنا نضع القصائد ذات الاتجاه الخاص، وساهم كثير من الشعراء في تزويد المغنين بقصائد جيدة، لحن بعضها وذاع، وحال دون ذيوع بعضها عجز الملحنين، فكم من قصيدة جيدة، قال لك المغني وهو الملحن في نفس الوقت، قال لك أنها لا يمكن تلحينها!. ونعرف نحن السبب لأنه لا يستطيع أن يلحن إلا على نوعين إما الثقيل أو الخفيف، وإذا خرجت القصيدة عن ذلك أو عجز هو عن تطويعها لهذين اللحنين، قال لك نها لا يمكن تلحينها.
وكانت القصائد الموجهة هذه ترمي إلى غايتين، أولاهما محاولة الخروج من قيد اللحن المحلي المعروف، والثانية إدخال معان جديدة تخرج عن الوصف والغزل، وتهدف إلى آفاق بعيدة أدبية وسياسية ووطنية. ولا أريد هنا أن أعدد بعض هذه القصائد لأن أصحابها قد لا يريدون الاعتراف بها، أو إعلان صلتهم بها حتى لا يقال عنهم أنهم كانوا ( صيّاعا) على حد الوصف السابق للمغنين وعشاق الطرب ورواد الموسيقى.
هذا مجال من المجالات التي كنا نعمل فيها، فما كانت السياسة وحدها أو الشئون الوطنية وحدها هي التي تستحوذ على جهدنا وتفكيرنا، ولكننا كنا نعلم ان النهضة يجب أن تشمل جميع الاتجاهات، فالرياضة والموسيقى يجب أن تنال منا نصيبها والاهتمام بها مثل أنواع الحياة الأخرى.}

(3)
اعتمدنا على مؤلفات " معاوية حسن ياسين " الثلاث حول تاريخ الغناء والموسيقى في السودان ، إضافة لمشاهدات شخصية:
بدأ الحكم البريطاني المصري بإنشاء وحدة للموسيقى تحت قيادة الإنكليز والاسكتلنديين للجيش 1918 - 1925، ورسخت الألحان التراثية والجهوية. وحين اتخذ قرارا بإنشاء ( مدرسة الأورط ) في قشلاق عباس ( داخلية طلاب جامعة الخرطوم لاحقا). أنشأت الموسيقى بواسطة الصولات في المدارس الثانوية إلى تعليم الموسيقى. أتاح إضراب المغنيين عام 1951 فرصة ذهبية للموسيقيين العسكريين لتغطية الفراغ الذي خلفه الاضراب. وساعد الموسيقيون العسكريون في إنشاء الفرق الموسيقية الخاصة ببلديات الخرطوم وبورتسودان والأبيض وعطبرة، التي ضمت لاحقاً إلى الشرطة.
إنشاء سلاح الموسيقى التابع للقوات المسلحة عام 1969 كان البكباشى" حسن فضل المولى" قائداً له، وخلفه البكباشى"أحمد مرجان"وساهمت في إسماع السيمفونيات والكونشرتات والأوبريتات. وكذلك الفريق "جعفر فضل المولى" واللواء "عثمان بركات " والمقدم "عوض محمود" والمقدم "عبدالقادر عبد الرحمن" والنقيب" محمد إسماعيل بادئ "والملازم "موسى محمد إبراهيم" . أنشأ الموسيقار "جمعة جابر" مدرسة لتعليم الموسيقى عام 1960 بالأبيض.
وأنشأ البكباشي "أحمد مرجان " معهدا للموسيقى في منزله بحي الضباط بأم درمان عام 1964

(4)
قد يستغرب المرء لماذا لم تستفد الأغنية الشعبية التي نشأت في منطقة وسط السودان، من تطور التعليم الموسيقي للقوات النظامية من عسكرية أو قوات البوليس، رغم أنها تكونت في العهد التركي ثم الحكم الثنائي ( 1918 – 1925)!. ولم تستفد الموسيقى الشعبية من الدراسة العلمية للموسيقى، التي كانت تسمى أغنية الحقيبة، إلا بعد إضراب الغنائيين والموسيقيين عام 1951. ربما هو الانتماء للمستعمر ما منع عامة المشتغلين بالحركة الموسيقية والغنائية السودانية، من الإفادة من تعليم الموسيقى من القوات النظامية، وربما هو الفواصل بين الحياة المدنية والحياة العسكرية.
رغم أن أغنية وسط السودان قد تطورت ببطء، مقارنة بدراسة النوتة الموسيقية عام 1947 على يد الأستاذ "مصطفى كامل"، الذي أنشأ فصلا صغيرا في الإذاعة السودانية، وتعلم فيه " العاقب محمد حسن" و " التاج مصطفى " وغيرهم، وتطور " العاقب محمد حسن" ودرس الموسيقى بمصر، أما " التاج مصطفى " فلم يدرس خارج السودان. وكان الاثنان يقودان ما يطلق عليه بالاتجاه العربي للموسيقى السودانية.

(5)
السيد " خضر حمد " من خريجي كلية غردون التذكارية عام 1929، وصادف في ذات العام الذي تخرج فيه " خليل فرح " من كلية غردون. وكانا يفترقان في التخصص، ولكن " خليل فرح" كان من رواد مرحلة ما تسمى بحقيبة الفن، وقد كان من جيل " محمد أحمد سرور " و كرومة" وتجمعهما بهما صداقة، ولكنه لم يغن في الحفلات العامة، بل كان يكتفي بالجلسات الخاصة، يلحن فيها بآلة العود وله من الشعر العربي الفصيح وعامية وسط السودان وأجادهما، وله من القصائد الوطنية الكثير. سجل أغنية "عزة " ذائعة الصيت وأنشد قصيدة " يا عبدة"، في أسطوانة بمصر صدفة، إذ وعد مجهز الأسطوانات بأن يجهّز الخامة لأن أصدقائه" سرور" وكرومة سيزورونه، لأنه كان طريح مستشفى القصر العيني بالقاهرة، واكتشف تعاقد الفنانين مع أحد المتعهدين، وعندما حضر متعهد التسجيل، سجل له "عزة" وإنشاد " يا عبدة"، رغم أنه كان مريضا. ولولا ذلك ما سمعنا صوت " خليل فرح".
كان خليل فرح مشتركاً في جمعية اللواء الأبيض، فأين كان " خضر حمد"؟
ربما كانت تعابيره التي أوردها في مذكراته (الأصالة - الفضيلة - الفتوة- الرجولة ) هي مفتاح لدراسة الشخصيات في الزمن الغابر بالمقارنة بالمجتمع الذي كان يعيش فيه، وقد نجد لذلك مبرر.

( 6)
لم يتعرف " خضر حمد " على الغناء السوداني، ولا علاقة له بفن الغناء والموسيقى بوسط السودان على أقل تقدير، ولا بغناء وموسيقى التنوع الثقافي المنتشرة في السودان، شماله وغربه وشرقه وجنوبه. كانت مذكراته تكشف انتمائه للغناء والموسيقى المصرية محض إعجاب. وقد انتمى " خضر " للحزب الوطني الاتحادي، وهو الحزب الذي كونّه اللواء " محمد نجيب " في القاهرة، فهو مصري قلباً وقالبا. وكان من الطبيعي أن يكون الغناء والموسيقى المصرية والعربية، هي منظاره الذي يرى به فن الغناء والموسيقى، وأن يرى أنه يتعين أن نتبعه في مستقبل تطوير فن الغناء والموسيقى. وأشاد " خضر" بفن البكباشي " محمد تميم " ، لأن الأخير يغني أغنيات للمغنين المصريين.

(7)
"إسماعيل عبد المعين" ولد عام 1916، مارس العزف على آلة العود، وكان يعزف على العود مع " محمد أحمد سرور" في أول ظهور الإذاعة السودانية في مطلع أربعينات القرن العشرين. درس الموسيقى في مصر وفي فرنسا، وعاد للسودان في ستينات القرن العشرين، ودرّس عدد من الموسيقيين في مباني الإذاعة السودانية. كوّن فرقة " البساتين" وقام بتدريسها علم الموسيقى عدة سنوات. ابتكر موسيقى ( الزنجران )، الذي يخلط الفن الشرقي بالموسيقى الزنجية الأفريقية. لم يجد " عبدالمعين "اهتماماً خلال حياته، وذلك جزء من استهجان مجتمع الوسط لمن هم ينحدرون من أجناس المنبتين.
لم يكن " عبدالمعين " جاهلاً كما وصفه "خضر حمد" في مذكراته، بل كان أول المهاجرين من وطنهم طلبا لعلوم الموسيقى. حاول إظهار موسيقى وغناء المناطق الريفية البعيدة، وتطويرها وتقديمها في إطار علمي. لحّن مجموعة من الأغاني والأناشيد الوطنية، ومنها قصائد وطنية للشاعر "محمود أبوبكر" وغيره من الشعراء. غيبه الموت عام 1984.

(8)
أما " المطرب سيد خليفة" فقد صدق " خضر حمد "، فرغم دراسته للموسيقى فلم يسهم بتطوير فن الغناء والموسيقى، فقد قدم أعمالا ونهجاً يماثل من لم يدرس فن الموسيقى، بل سلك مسلك الذهاب مع التيار. فقد انتهى من دراسته بمصر عام 1952، وقدم غناء وموسيقى مشابهة لغيره من المغنيين، رغم أن كان زميلا للمطرب المصري (عبدالحليم حافظ). ورغم ثراء ألحانه للشعراء من أمثال: "علي شبيكة"، "عبد المنعم عبد الحي"،" إسماعيل خورشيد"،" حسين عثمان منصور"،" إبراهيم رجب "، "سيف الدين الدسوقي "،" إدريس محمد جماع"، "حسن عوض أبو العلا"، "صاوي عبد الكافي"،" سليمان عبد الجليل"، "الصادق ألياس"،" إسماعيل حسن"،" محمد يوسف موسى "، "عمر البنا"، "محي الدين فارس "، "محمد ود الرضي"، "إسحاق الحلنقي"، "محمد قلندر"، "محمد غريب"، "محمد الفيتوري"، "الطيب عبد الحميد"، "عمر الحسين"، "محمد الطيب عربي"، "التجاني يوسف بشير"، وغيرهم، إلا أنه شارك غيره من المغنين في نهضة أغنية وسط السودان، وذهب مع التيار السائد، ذات السلم الخماسي وبدون إدخال الهارموني. رحل عام 2001.

عبدالله الشقليني

2 يناير 2020

alshiglini@gmail.com

 

آراء