ميراث “أولاد فطيس” بين معكوفتين: القانون المصري أنصفهم وننتظر السوداني!!
ركن نقاش
* التعبير السوداني العُرفي "أولاد فَطِيسْ" رغم مرارته يحمل في دواخله احتقاناً يحتاج لتفريغ!..
"أولاد فطيس" ماذا يعني؟!:
* الابن أو الابنة المتوفين قبل وفاة والدهم، ولهم أبناء من أصلابهم، هؤلاء الأحفاد لا يرثون جدهم لأبيهم أو لأمهم، مع أنه - ربما – كان الابن أو الابنة في حياتيهما (خاصة وأن المجال انفتح للنساء بعد التعلم لكسب الرزق طبيبة كانت أو مهندسة أو معلمة إلى آخر صنوف العمل الممكنة) مِنْ مَنْ شاركا أو ساهما في بناء الثروة التي تركها الميت (الجد)، أكثر من ذلك فان الجد يرث ابنه المتوفى أو ابنته المتوفاة قبله، ولا يرث الأحفاد الجد، ومن هنا احتل التعبير (أولا فطيس) مكانه في وطننا السودان!، تعبيراً وتكييفاً لهذه المسألة..
القانون المصري لسنة 1943 أنصف الحالة:
* حفظ هذا القانون في باب "الوصية الواجبة بالقانون" حق هؤلاء الحفدة الذين يموت آباؤهم أو أمهاتهم، في حياة أبيهم أو أمهم، وكانوا لا يرثون شيئاً بعد موت جدهم أو جدتهم، لوجود من يحجبهم عن الميراث. (تفاصيل أوفى لاحقاً)..
التوريث بين الجاهلية والاسلام:
* "كان العرب في الجاهلية لا يورثون البنات، ولا الزوجات، ولا الأمهات، ولا غيرهن من النساء، وإنما يرث الميت الأخ الأكبر، أو ابن العم، أو ابنه إذا كان بالغاً؛ لأن سبب الإرث عندهم القدرة على حمل السيف، وحماية العشيرة، والذود عن القبيلة، ومقاتلة العدو، لهذا كانوا يقصرون الميراث على الذكور الكبار (أحمد الغندور دكتور – الميراث في الاسلام والقانون – على ما عليه العمل في الجمهورية العربية المتحدة والسودان - الطبعة الثالثة 1387 هـ 1967 م – صفحة 3)"..
* "كما كانوا يورثون بسبب الحلف والتبني (المصدر السابق)"..
* "...ولما أعلنت الدعوة الاسلامية تركهم الله برهة من الدهر على على نظامهم في التوريث، ثم شرع بعد ذلك نظاماً مؤقتاً، وجعل سببه الهجرة والمؤاخاة. (المصدر السابق)"..
* "وبعد ذلك نزل قوله تعالى: "وما جعل أدعياءكم أبناءكم، ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل، أدعوهم لآبائهم هو أقسطعند الله، فإن لم تعلموا آباءهم، فاخوانكم في الدين ومواليكم (4 – 5: الأحزاب)" فبطل بهذا النص التبني والإرث به، كما نزل قول الله تعالى، "وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله" مبطلاً بذلك الثوارث بالهجرة والمؤاخاة. (11: النساء)"..
ميراث الحفدة (الفطيس) بين مصر والسودان:
* حفظ القانون المصري في "الوصية الواجبة بالقانون" حق الحفدة – كما ذكرنا سابقاً - الذين يموت آباؤهم أو أمهاتهم، في حياة أبيهم أو أمهم، وكانوا لا يرثون شيئاً بعد موت جدهم أو جدتهم، (يطلق السودانيون على هذه الحالة "أولاد فطيس")، لوجود من يحجبهم عن الميراث، مع أن آباءهم قد يكونون من من شاركوا في بناء الثروة التي تركها الميت، وقد يكونون في عياله، وأحب شيئ إلى نفسه أن يوصي لهمبشيئ من ماله، ولكن المنية عاجلتهفلم يفعل شيئاً، أو حالت بينه وبين ذلك مؤثرات وقتية. (المصدر السابق ص 229).
* يقول دكتور أحمد الغندور عن الوصية الواجبة بالقانون: "لقد أتى قانون الوصية في مصر بحكم خالف فيه رأي المذاهب الفقهية المشهورة، وهو أن الوصية تكون واجبة بحكم القانون، سواء أراد المورِّث أم لم يرد، وعدل عما كان العمل قبل صدور القانون، (المصدر السابق ص 229)"..
* كتب د. غندور: "لقد صدر في مصر قانون رقم 77 في سنة 1943 ... مشتملاً على المسائل المتعلقة بالمواريث، وأما السودان فلم يأخذ بكثير من التغييرات التي أوجدها قانون الميراث، الصادر في مصر...ومن المصلحة أن يأخذ السودان بهذا القانون..."، (المصدر السابق – الميراث قانوناً في مصر والسودان - ص 11)..
مواد القانون المصري في الوصية الواجبة:
* مادة (76): "إذا لم يوص الميت لفرع ولده الذي مات في حياته، أو مات معه ولو حكماً، بمثل ما كان يستحقه هذا الولد ميراثاً في تركته لو كان حياً عند موته، وجبت للفرع في التركة وصية في حدود الثلث..."..
* مادة (77): "إذا أوصى الميت لمن وجبت له الوصية بأكثر من نصيبه كانت الزيادة وصية اختيارية..."..
* مادة (78): "الوصية الواجبة مقدمة على غيرها من الوصايا..."..
مادة (79): "في جميع الأحوال المبينة في المادتين السابقتين يقسم ما بقي من الوصية الاختيارية بين مستحقيها بالمحاصَّة، مع مراعاة أحكام الوصية الاختيارية"، "..." (المصدر السابق ص 229 و230)..
مناشدة لوزير عدل ثورة ديسمبر:
* إنني أناشد السيد وزير عدل ثورة ديسمبر المجيدة رغم أولوياته المحشودة لانجاز مهام المرحلة العاجلة في الاصلاح القانوني المنشود بعد الاطاحة بالنظام المباد، أن يكوِّن لجنة مِنْ مَنْ يتولون أمر هذا المجال ليرفعوا لسيادته مذكرة بدراسة مقارنة بين القانون في مصر والسودان المعالج لهذه الظاهرة، وأن يضمِّنوها رأيهم واقتراحاتهم لازالة هذا الغبن الساري في صمت بين مواطنينا في السودان..
eisay1947@gmail.com