ماذا ينفع الإنسان إذا خسر نفسه
كلام الناس
يحتاج الإنسان بين فترة وأخرى لاسترجاع ذكرياته التي قد تعينه على تجاوز عثرات الحاضر وتساعده في الانطلاق لغد أفضل، كما يحتاج لإعادة قراءة بعض الكتب والروايات التي لاتخلو من دروس وعبر.
أكتب هذا بعد فراغي من قراءة كتاب "بيجماليون" الصادر من دار البحار ودار ومكتبة الهلال الذي ترجمه للعربية صادق التميمي.
كما عودتكم لن أسرد تفاصيل هذه المسرحية بقدر ما سأحاول قراءتها معكم من خلال رؤية إجتماعية وإنسانية ليست بعيدة عن الواقع المجتمعي الحالي.
لكن لابد من التوقف عند بعض الشخصيات والمواقف المفتاحية في المسرحية مثل بطلها بيجماليون هينغز الذي جسد شخصية بروفسير علم الأصوات الذي صادفته بائعة الزهور الفقيرة اليزا دولتيل وهي تستجديه كي يشتري منها بعض الزهور لحاجتها الماسة للمال.
اليزا إبنه جامع القمامة اللص الإنتهازي دولتيل الذي لم يتردد في التخلي عنها مقابل مبلغ بسيط من المال للمعلم البروفسير هينغزالذي لجات إليه اليزا ليعلمها كيف تصبح سيدة مجتمع.
بعد أن نجح هينغز في تحويله اليزا شكلاً إلى سيدة مجتمع من الطبقة الراقية، ونجح في إدخالها في عالم سيدات المجتمع المخملي - دون اهتمام بها كإنسانة - تمردت عليه بعد أن أحست بأنها فقدت ذاتها وقالت محتجة : ماذا تركت لي لأكون نافعة لنفسي معتمدة عليها؟.
بعد مواجهة حادة بين اليزا وهينغز قررت التخلص من الزي المخملي وحاجاته والهروب بنفسها من هذا المجتمع الغريب عنها، تلتقي بفريدريك هل الذي يبادرها قائلاً: عمتي مساء يا حبيبتي .. وقتها تغلق الباب خلفها بقوة مسدلة علاقتها بهذا العالم الغريب عنها.
هكذا دخلت اليزا في مشاعر متضاربة بين تعلقها "المرضي"بالمعلم هينغر الذي يكبرها بعشرين عاماً العازب الذي لايهتم بالنساء وبين الشاب الشهم المتانق حسن الهندام فريدريك الذي تختاره في نهاية المطاف.
هكذا تنتهي مسرحة بيجماليون بعد أن احدثت عصفاً ذهنياً مازال محتداً حول طبيعة المشاعر الإنسانية التي لاتقدر بثمن ، فماذا ينفع الإنسان إذا ربح العالم وخسر نفسه.