يتعجب المرء من دعوة قادة الأحزاب الطائفية في بلاد السودان إلى (مؤتمر دستوري)!، ومعروف أن حزب الأمة الطائفي والحزب الاتحادي الديمقراطي الطائفي، وخلال ائتلافهما طيلة ثلاث سنوات قبل انقلاب الحركة الإسلامية 1989، لم يستطيعا أن يلغيا شريعة نميري الذي أمر بها ونفذها بقرار فردي!!
ومنْ لا يتذكر تصريح زعماء الحزبين الطائفيين عام 2010، عندما صرحا في أمر الفتاة التي جلدها رجال البوليس في قارعة الطريق(قدو قدو):( إننا لا نعترض على شرع الله!!)، بل ولا يزالان يردّدان ( نعم للدولة المدنية) في مواجهة ضد الدولة التي تدعو لفصل الدين عن السياسة وطرق حكم الناس. لأن نعيمهم ورزقهم في خلط أوراق العقيدة بأوراق الحياة. * ونذّكر عملهما الشاذ غير الديمقراطي عام 1965، حين طردا ممثلي الحزب الشيوعي من البرلمان، وحلا الحزب الشيوعي ووقفا ضد قرار المحكمة العليا، مما اضطر رئيس القضاء للاستقالة.
(2) في دستور 1956 الانتقالي، فإن أهلية عضوية مجلس النواب هو بلوغ العضو (30) سنة وعضوية مجلس الشيوخ هو بلوغه (40) سنة. وتلك عيوب في الأهلية فلا يوجد خلو من صحيفة الجرائم الأخلاقية للعضو أو حصوله على درجة المعرفة العلمية. ربما يكون العضو أمّياً!!. * في دستور 1985: كل أهليّة أعضاء مجلس النواب وأعضاء مجلس السيادة هو بلوغ (30) سنة. وتلك عيوب في الأهلية فلا يوجد خلو من صحيفة الجرائم الأخلاقية للعضو أو درجة المعرفة العلمية. ربما يكون العضو أمّياً!!. * في دستور 2005: لا يجوز توقيع عقوبة الإعدام إلا قصاصاً أو حداً أو جزاءً على الجرائم بالغة الخطورة، بموجب القانون. ولا يجوز توقيع عقوبة الإعدام على من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، أو من بلـغ السبعين من عمـره في غير القصاص والحدود.
أما أهلية رئيس الجمهورية فيجب أن يكون سودانياً بالميلاد، و أن يكون سليم العقل، و ألا يقل عمره عن أربعين عاماً، و أن يكون ملمّاً بالقراءة والكتابة!!. وكل ذلك مناف لقوانين حقوق الإنسان. * أما في دستور 2005 فإن الايجابيات نذكر منها: فإن حرية العقيدة لكل إنسان الحق في حرية العقيدة الدينية والعبادة، وله الحق في إعلان دينه أو عقيدته أو التعبير عنهما عن طريق العبادة والتعليم والممارسة أو أداء الشعائر أو الاحتفالات، وذلك وفقاً لما يتطلّبه القانون والنظام العام، ولا يُكره أحد على اعتناق دين لا يؤمن به أو ممارسة طقوس أو شعائر لا يقبل بها طواعية. وكذلك جميع الأشخاص في السودان أحرار ومتساوون أمام القانون. ولا يحرم أي سوداني من حقوقه بسبب المولد أو الدين أو العنصر أو النوع فيما يتعلق بتقلد المناصب العامة أو بالاستخدام الخاص أو بقبوله في أية وظيفة أو حرفة أو عمل أو مهنة أو بمزاولتها. * و يتمتع جميع الأشخاص بحرية الاعتقاد وبالحق في أداء شعائرهم الدينية بحرية بشرط ألا يتنافى ذلك مع الآداب أو النظام العام أو الصحة كما يقتضيها القانون. كما أن لجميع الأشخاص الحق في حرية التعبير عن آراءهم والحق في تأليف الجمعيات والاتحادات في حدود القانون.
(3) كتب دكتور منصور خالد في كتابه حوار مع الصفوة: {ودستور 1956 في جوهره، بل في نصوصه الغالبة هو دستور الحكم الذاتي، الذي أعده القاضي "ستانلي بيكر" ولجنته المعروفة. والذي حدث بعد أن حلّت بالبلاد نعمة الاستقلال، أن فوّضت الأحزاب لجنة ضمّت ثلاثة أعضاء، أن تعدّل دستور القاضي الإفرنجي كيما يتمشّى مع روح السودان المستقل. فاجتمعت اللجنة يوما وبضع يوم لتخرج على الناس بالدستور المؤقت، بعد أن أجرت عليه تعديلات ثلاثة بجانب التعديلات الشكلية كاستبدال الحاكم العام ولجنته بمجلس السيادة وإحالة سلطاتها إلى رئيس الوزراء أو مجلس السيادة أو رئيس القضاء، حسب مقتضيات الحال. والتعديلات الثلاثة فيها واحد تناول أمر الجنوب وهو النص المعني بدراسة موضوع ( الفدريشن) عند وضع الدستور النهائي للسودان، وهذا التعديل لم يكن لأحزاب شمال السودان من فضل فيه، إذ أنه وُضع تحقيقا لرغبة حزب الأحرار الجنوبي. أما التعديلان الثانيان فأولهما يتعلق بإلغاء النص القاضي بتجريم العمل بالمحاماة لقضاة المحاكم العليا. وثانيهما هو إلغاء النص القاضي بالحاق مسجل الأراضي العام بالهيئة القضائية. ولا فضل في هذين التعديلين على أحزاب شمال السودان، إذ أن أمرهما يتعلق بصراع القوى بين الهيئة القضائية ووزارة العدل الناشئة، وكان النائب العام وقتها أحد الأعضاء الثلاثة الذين اشتركوا في تعديل الدستور.}
(4) الرجال الذين اخترعوا الدستور الأمريكي: إن حكاية الدّستور قصة مشوّقة، يحملنا كتاب صيف 1787 إلى القاعة ذات الحرارة الحانقة، حيث جاهد المندوب طيلة أربعة أشهر، لإنتاج الوثيقة التي ستحدد هوية الأمة آنذاك والآن، كانت الغرفة مكتظة بشخصيات متنوعة ومتحمّسة. بعضهم معروف: الإسكندر هاملتون، الحاكم موريس أدموند راندلوف، وآخرون طواهم النسيان إلى حد بعيد. إنه أمر شيق في بلد يجادل باستمرار حول المقصد الأصلي من الوثيقة، أن نشاهد هذه الشخصيات القوية تكافح للوصول إلى إجماع لكتابة وثيقة بوسعها أن تنمو مع الأمة. قصة آسرة .. بفضل دافيد استيوارت، نملك الآن فهما مبتكرا لنقاط القوة في دستورنا وأسباب الثغرات الكامنة فيه ( ونملك أيضا ادراكا متجددا لشخصية الرجال الذين كتبوه وتصميمهم) توقيع : مايرون أ. مارتي . سانت لويس بوست ديسباتش.
(5) قبل أكثر من 233 عاما، صنع الدستور الأمريكي رجال أغلبهم محامون متمرّسون، مندوبون يمثلون ولايات أمريكية في ذلك التاريخ السحيق: فرجنيا ، ديلاوار، نيوهمشاير، بنسلفانيا ماساتشوسيس، كونكتوكت، نيويورك، نيو جرسي. لحقتهم الولايات . ديباجة الدستور الأمريكي عام 1787: نحن، شعب الولايات المتحدة، سعينا معا إلى إنشاء اتحادا أكثر كمالا، وإرساء العدالة، وضمان الاستقرار الداخلي، وتوفير أسباب الدفاع المشترك، وتنمية الرفاه العام، وتأمين نغم الحرية لنا ولذريتنا، نقدر هذا الدستور ونضعه للولايات المتحدة الأمريكية. ** التعديل الأول يحظر على مجلس الكونغرس تشريع أي قانون يؤدي إلى دعم ممارسة أي دين أو تشريع أي قانون يؤدي إلى تعطيل حرية الكلام أو النشر الصحفي أو حق الناس في إقامة تجمعات سلمية أو إرسالهم عرائض إلى الحكومة تطالبها برفع الظلم. ** أين نحن من صانعي الدستور الأمريكي الذي تمّ منذ حوالى 233 عاما، ونحن عام 2019 نصنع وثيقة دستورية ونمزقها بفعل المكوّن العسكري من المعادلة!! ولدينا وزارة الشؤون الدينية لا تخدم إلا دين واحد، ولدينا حكم القتل للارتداد عن العقيدة!!