فيروس كورونا الحالة رقم واحد هل السودان مستعد ؟

 


 

محمد بدوي
15 March, 2020

 

 

(1)

أجدني استلف العنوان أعلاه من مقال سابق جمعني بكل تقدير مع الدكتور سليمان علي بلدو كان قد نشر في 16 نوفمبر 2014 حمل عنوان الإيبولا الحالة رقم (1) : هل السودان مُستعد ، ما دفعني إلى اقتباسة هو الراهن الذي يشير إلى تشابه الازمات بالتالي الارتباط بجوهر المقال المستند علي انتشار حالات إصابات بفيروس كورونا في بعض دول الجوار مثل دولة مصر العربية وحالة تحت الفحص يجري التاكد منها في دولة كينيا الأمر الذي يجعل السودان في محيط الانتشار ، التطور الآخر هو إعلان السلطات الرسمية ممثلة في وزارة الصحة الاتحادية عن وفاة اول ضحايا فيروس الكرونا بالسودان " الف رحمة ونور " لسوداني ذكر بالعاصمة السودانية الخرطوم في الثاني عشر من مارس 2020 ، وفقا للتصريح الرسمي الصادر اليوم الثالث عشر من مارس 2020 فإن المصاب كان قد قدم من دولة الإمارات العربية المتحدة قبل زهاء الأسبوعين .

(2)
قبل الخوض لابد من الإشارة إلى المعلومات المتاحة عن خلفية الفيروس انه تم التبليغ عن أول حالة في 31 ديسمبر 2019 بمدينة ووهان الصينية وفقا للراجح من المعلومات أن مصدره حيواني مخاطره تكمن في كونه قاتل و ينتشر بسرعة كبيرة بالإضافة إلى قابليتة في التحور هذا فضلا عن عدم اكتشاف مصل حتي لحظة كتابة المقال ، بلغ عدد المصابين في العالم " 115.800 " توفي منهم 4200" شخص بالإضافة وصول الفيروس الي حوالي 102 دولة في العالم ، عدم الوصول إلى مصل للتعافي او وقائي جعل الجهود تتركز حول عمليات العزل الطبي ، الإرشادات لتقليل الاصابة و الكشف عن المعلومات المتعلقة بالفيروس بشكل دوري وتحديثها ، بالاضافة الي تطوير بروتوكولات طبية اعلامية للتعامل مع الحالات .
الراهن الذي يشهده السودان يعتبر مركبا من حيث التطورات السياسية التي قادت إلى التغيير وفك الارتباط بين الحقل الصحي و السياسات العقيمة للنظام السابق و هنا لابد من الاشادة بالدور الذي ظلت تقوم به وزارة الصحة تحت إشراف الوزير الدكتور اكرم علي التوم في محاولة إعادة تأهيل القطاع الصحي لكنها لا تزال في مراحلها الاولى وتأهيلها للقيام بدورها الاولي في تقديم الخدمات الاساسية ليس اكثر ، اذن هذا هو الواقع الذي نحن فيه فماذا نحن فاعلون ؟

(3)
اولى الخطوات ترتبط بكيفية ادارة الازمة من مرحلة التخطيط الى الاعلان عن الخارطة المرتبطة بحالة الفايروس ، هذا يتطلب جهد واسع ومنظم يبدا من الهرم الي القاعدة ، يعتمد علي توفير الادوات الطبية واللوجستية والاتصال و الاتصالات سواء بين الجمهور و غرفة إدارة الأزمة او الجهات الاخرى كمنظمة الصحة العالمية و الاعلام ، اود التنبيه الى ان الراهن الاقتصادي و السياسي قد يتطلب إطلاق مبادرة عبر وزارة الصحة او مجلس الوزراء لطلب مساعدات مالية عاجلة من الدول الصديقة يمكن ذلك من خلال سفارتها بالخرطوم بالإضافة إلى استنفار طاقات المنظمات الدولية والاقليمية والمحلية والقطاع الخاص بكافة مكوناته بالضرورة الطبي منها ، من أجل الحث علي المساهمة المادية والتقنية لمقابلة متطلبات الاستعداد الوقائي .

(4)
باعتبار ان الواقع اثبت اصابة الحالة رقم 1 لابد من القيام بتتبعها من لحظة وصولها بدءا من رقم مقعد الطائرة للوصول إلى الراكب او المسافرين الذين كانوا علي مقربة منه ، ثم تقصي خارطة حركته خلال فترة الوصول الى الوفاة "التي يجدر التعامل معها منذ الآن بالتاريخ والتوقيت الفعلي " وليس بالجملة علي نسق اسبوعين ، الامر يدفع بسؤال عن مستوى الاستعداد للكشف عبر المنافذ الجوية والبرية بالسودان ولا سيما نحن علي حدود مفتوحة وشبه مفتوحة مع عده دول ، التنسيق بين المعابر الجوية والبرية و البحرية وربطها بغرفة العمليات يساهم في الحد من الانتشار ، اتخاذ تدابير اضافية في الحدود مع الدول التي تشهد نزاعات مسلحة مثل ليبيا ، مع الاخذ في الاعتبار ان اغلب دول الجوار باستثناء مصر و أثيوبيا يحتلون ترتيب متدني في تقديم الخدمات الصحية كنتيجة لضعف البنية الصحية

(5)
من المطلوبات المهمة لادارة الازمة تصميم قاعدة بيانات مصحوبة باستمارات طبية موحدة توزع علي جميع المرافق الصحية بالقطر مع ضرورة توفر خرط للمرافق الصحية المختلفة تعيين غرفة الطوارئ في الإحداثيات ، وهنا يمكن الاستعانة بمنظمة الصحة العالمية في انجاز ذلك ، ضرورة التحديث التقريبي للإحصاء السكاني بالدولة لمعرفة دقيقة بعدد النسمة و توزيعها و تركيز النوع والاعمار .إعداد استراتيجية اعلامية تشمل دور الإعلام الحكومي والقطاع الخاص و الاعلام البديل للتعامل مع الأمر في مراحله المختلفة من المعلومات عن الفيروس الي اخره ، كما يمكن تطويرها لتصبح موجها أو برتكول للنشر في وسائل التواصل الاجتماعي للاستفادة من جهودها و الحد من الاشارات السلبية المرتبطة بخلق حالة الهلع النفسي.

(6)
علي وزارة الصحة عند تكوين غرفة الطوارئ الانتباه إلى الكفاءات السودانية المرتبطة بمهارات إدارة الأزمات و المتطوعين مع توفير بيانات حديثة تمكن من التواصل معهم بسهولة وسرعة ويسر ، مع الأخذ في الاعتبار وضع خطة التدريب بشكل أولي بشكل مترابط مع الخطة الكلية والموجهات الصادرة من منظمة الصحة العالمية وهنا اشير الى القوى النظامية المختلفة ولجان المقاومة علي امتداد السودان .
الكثير من المعلومات الأولية حول الفيروس التي ظلت تحفل بها أجهزة الإعلام ترحج ارتفاع الإصابة لدي عند كبار السن نسبة لانخفاض المقاومة لديهم ، وانخفاض الحالات وسط الأطفال لكونهم أعلى مقاومة من الفئة الاولي لكن مع ذلك فقد تم التنبيه الي بعض الاعتقادات غير العلمية بنفي العلاقة بين تناول الكحول و الثوم و الوقاية من الفيروس ، الاهم في تقديري هو الالتزام بالموجهات المتعلقة بالحد من التجمعات في الوقت الراهن و كذلك المصافحة و الالتزام بعملية غسل اليدين ، مجمل هذه الخطوات تعمل علي الحد من الانتشار و ليس منعه بشكل تام ، الالتزام بها سيسهم في ادارة ناجحة الازمة وهنا تلابد من الاشارة الى الصين التي استطاعت السيطرة مع الأخذ في الاعتبار بأن عدد سكانها حوالي المليار ونصف نسمة

(7)
اخيرا: بالرغم من خطورة الفيروس لكن تاريخنا المرتبط بإنجاز التغيير حمل العديد من نقاط القوة الايجابية التي تجعلنا نفكر في كيفية التخطيط السليم والخلاق بالامكانيات المتاحة مثل التحضير لخرط لمحطات الخدمية البترولية مع التفكير في كيف يمكنها تقديم الخدمات بشكل افضل ، و كذلك فيما يرتبط بالمخابز يكمن الاقتراح بهل يمكن فتح نقاط توزيع الخبز بمساهمة لجان المقاومة في اكثر من موقع لتفادي الزحام والصفوف ؟ وفوق ذلك كله هو دور الجمهور في التعامل بحرص مع المنافذ المزدحمة و الالتزام بالارشادات دون تهاون ، في تقديري ان هناك الكثير من المقترحات العملية المبدعة يمكن الركون اليها ، فقط يجدر أن نتذكر أننا جميعا شركاء في الأزمة وادارتها وأن عدونا الان هو فيروس كورونا ، فلنعمل متحدين دون هلع مرددين كورونا تسقط بس

badawi0050@gmail.com

 

آراء