ملامح من المجتمع السوداني
كلام الناس
مؤلف هذا الكتاب هو الراحل المقيم الصحافي والمعلم التربوي الباحث الإجتماعي الأستاذ حسن نجيلة الذي عرفته منذ أن كنت طالباً بجامعة القاهرة بالخرطوم وكان وقتها يشرف على صفحة "صور وألوان" في صحيفة الرأي العام.
كنت أترك ما أكتبه لدى موظف الإستقبال بالصحيفة كي يسلمه له .. عندما أصبحت رئيساً للتحرير في صحيفة الصحافة في وقت لاحق أصبح أستاذنا نجيلة يكتب بها عموه الصحافي الأشهر "خواطر" إلى أن رحل عن هذه الفانية بعد أن ترك لنا باقة من الكتابات الثرة من بينها هذا الكتاب.
من الصعب إستعراض هذا الكتاب في هذه المساحة لكنني كما عودتكم أتوقف معكم عند بعض المواقف التأريخية التي وثق لها.
إستعرض الكتاب مجموعة من المحطات التأريخية في الحياة المجتمعية السودانية مثل نشأة الصحافة ودورها في تغذية الحس القومي السوداني خاصة بعد أيلولة صحيفة "الرائد" عام 1920م إلى السادة علي الميرغني وعبدالرحمن المهدي والشريف يوسف الهندي، وتحولها إلى صحيفة سياسية.
تناول الكتاب أيضاً مراحل الخلاف وسط قادة الرأي العام السوداني بين من نادوا بالقومية السودانية المستقلة وبين الذين كانوا يربطون بين السودان ومصر أو السودان وإنجلترا.
وثق نجيلة لتأريخ النشاط السياسي السري المعادي للإستعمار ودور صحيفة "الحضارة" التي كان يرأس تحريرها الأستاذ حسين شريف التي تعرضت لأول محاكمة أمام القضاء تم فيها محاكمة الكاتب الضابط المناضل على عبداللطيف الذي كتب مقالاً لم ينشر بالسجن لفترة عامين.
إستعرض الكتاب جانباً من معركة تعليم المراة عام 1920م وكيف أن طلاب كلية غوردون قدموا في ذلك الوقت مسرحية عن تعليم الراة، وأورد حادثة "بئر دنقلا" التي شغلت الرأي العام حينها بعد ان راح ضحيتها عدد من المواطنين ليكتب الطالب إسماعيل الأزهري - الذي أصبح عقب إستقلال السودان أول رئيس للوزراء - في جريدة الحضارة موضحاً سبب وفاتهم هو وجود حمض الكربونيك في البئر المهجورة وإختناقهم نتيجة ذلك.
أورد نجيلة جانباً من من الحراك الوطني للمثقفين السودانيين وبداية قيام الحركة الوطنية وتكوين جمعية اللواء الأبيض التي قادت ثورة 1924م واستشهد فيها من استشهد وقُدم الباقون للمحاكمة.
إستعرض الكتاب جانباً من الخلافات التي بدأت وسط الخريجين وتشكل تيارين شهيرين هما الفيليين بقيادة احمد السيد الفيل والشوقيين بقيادة محد على شوقي، بعدها تبلور الخلاف الطائفي بين الختمية والأنصار وتأسيس حزبي الوطني الإتحادي وحزب الامة.
أورد المؤلف حادثةإضراب طلبة كلية غوردون عام 1930م، والمعركة التي قادها محمد عشري الصديق لتطوير التعليم، وقيام جماعة الصداقة الشمالية الجنوبية السرية التي تكونت انذاك في جوبا برئاسة الملازم بالجيش عبداللطيف مرسال، ثم عرج في ختام الجزء الثاني من الكتاب إلى الحديث عن نشأة مؤتمر الخريجين الذي كان نقطة إنطلاق الحركة الوطنية السودانية ضد الإستعمار.
هكذا قدم لنا الأستاذ حسن نجيلة صورة حية حافلة لنضال الشعب السوداني وقال أنه يهديها لشباب اليوم حتى لا ينسوا ما فعله الأولون حتى تحقق إستقلال السودان.