منذ اكثر من ستة أشهر تملكني شعور عميق بأنني سأفتقد طائفة من أعز الناس أو خاصة الخاصة، فعملت في البداية على تدريب قاس علي التأمل في فكرة الموت، و حالة الغياب و الشجن، مع استدعاء مرير للذكريات مع منْ أختار في الخاطر الفسيح ، قُمت بذلك وحدي و وسط عزلة موحشة، حتى وسط الناس أمتلكت قدرة على التأمل غير المحسوس.
قبل وقت قريب كنت لا أحتمل فكرة فراق الاشخاص، الامكنة و التحولات الكبرى في الحياة.
لا احتمل الفراق ابدا و ينعكس عليّ مرضا مرهقا على مرضي الأساس، و وهنا شديدا على وهني من مرضي المزمن المقيم، و أصعب من ذلك كله حالة التعرّي الداخلي من ضعف واضح في إيمان الفرد الشخصي، و هذا إمتحان لو تعلمون عسير، و لذا لجأت لهذه الحيلة البائسة.
المهم تدريب نفسيّ شاق و شرس علّه ينفع، فلا قدرة لي على الحزن و تداول الشجن الأليف.
سمعتُ برحيل المبدع الصديق "عماد الدين ابراهيم" الذي جمعتني به أيام ندية و زاهرة و عامرة فقد جاءنا زائرا في عمان الجميلة هو و زوجته الأولى "نادية أحمد بابكر" المترعه بالكثير من الإبداع و الشراسة الأنثوية الداجنة.
الراحل المبدع "عماد الدين ابراهيم" كان صالحا و رائعا و مدهشا.... كنت و مازلت حفيّا بقصيدته "الجلّادية" "لانك عندي كل الخير" و لقد تناولناها حرفا حرفا و ما تركته الا ان عرفت قصة القصيدة الزاهرة و حالة الجنون التي اخرجتها إبدعا مثيرا .
طيلة وجوده تحدثنا حديثا مبهرا شفافا صادقا يقع في حيز أسرار المجالس ... فالجلسات خارج السودان تُتيح للمرء افاق واسعة للحديث بدون حواجز فالزمن كله للشجن الاليم و فيما تطرقنا من احاديث شتى اخبرني عن الكاتب المسرحي " عادل ابراهيم محمد خير" الذي لا اعرفه في ذلك الوقت حيث يعتبره كاتبا مسرحيا فذا و كبيرا و هذه شهادة حق .
عماد الدين إبراهيم "كوكتيل من الابداع" أعماله كبيرة من قصائد و اغاني و مسرحيات عميقة و مؤثرة للغاية، فالراحل من الاهرامات الكبيرة في بلادنا و التي بدأت في التساقط واحدا تلو الاخر.
عُذرنا أن حواء السودان ودود ولود....
العزاء لكل اصدقائه و معارفه و تلاميذه و عارفي فضله و ابداعه
نسال الله الرحمة لعماد الدين و الفردوس مكانه برحمه الله تعالى