يظل الدين في حياتنا ركيزة نفسية هامة تقينا عثرات النفس اللوامة ، وتساعدنا بنور من الله العزيز الحكيم على محو خطايانا وردم عثراتنا بالقول والفعل الحسن. المجتمعات التي وازنت بين أهمية الدين وضرورات السياسة ، هي في تقديري تلك المجتمعات التي تعالج أمر الدين بالحكمة والموعظة الحسنة فلا تجعله منطقة للتوتر أو التجاذب ، أو تحوله دونما ضرورة إلى نقطة جدالية ساخنة تذهب بروحانيته وتجعله في مصاف القضايا الدنيوية التي لا تعرف طريقا الى الروح أو القلب.إن النظرة الى الدين كضرورة حياتية بعيدة عن الشحن والاستغلال ، هو في تقديري الطريق الى الاحساس بنعمة الدين في حياتنا اتكالا على الله وسعيا نحو تعميق وممارسة قيم الخير والعمل الصالح بنية حسنة وسلوك متميز. خاطرتي هنا عن شيخين أولهما الشيخ محمد أحمد حسن الذي ارتحل الى جوار ربه حاملا معه وجدان كل أهل السودان حيث أفلح فيما قشل فيه الساسة فجعل الدين أمرا يسعى بحكمة وهدوء بين الناس دون أن تجرفه مصطلحات الساسة الى أودية سحيقة تلقي بالأمة سبعين خريفا في نار جهنم. الدين الشعبي الذي مارسه الشيخ الراحل الجليل هو من الطرق التي تدعم شعبية الدين بين الأمم وتحوله من طور الغرابة التي أشار اليها المصطفى عليه أفضل السلام في آخر الزمان ، الى طور المألوف والمطلوب. هذه هي في تقديري طريقة الحكمة والموعظة الحسنة التي حينما تطرق أبواب الناس ، تجدها مفتوحة يمر بها ومن خلالها نسم الدين العابر الى قلوب وعقول الناس. شيخ آخر أو هكذا يريد أن يسوق نفسه إلى الناس يدعى محمد مصطفى يتسلى الناس بمقاطع خطبه لهوا ولعبا على الأسافير. وبينما ينص الحديث الشريق بأن المؤمن ليس بطعان ولا لعان ، يختم هذا الشيخ العجيب خطبه أو يطرزها بعبارة " تفو" التي أصبحت نشازا ينتظره الضاحكون في الأسافير. لا حكمة ولا موعظة حسنة ولكن "تفو". إنني أرجو من المعنيين بأمر الدعوة في بلادنا ، إسداء النصح لمثل هؤلاء الشيوخ الجهلة ففضاءات العالم في ظل جائحة الكرونا الرهيبة تحتاج إلى مدد روحي ينتقل بالعالم إلى طلب مرضاة رب العالمين من خلال نفوس زكية سواها الخالق جل وعلا وألأهمها فجورها وتقواها. إن هواء العالم الآن يحتاج الى ناثر عبير كالشيخ محمد أحمد حسن لا ناثر كرونا عبر رذاذ الجهل وتوخي إضحاك الناس على الأسافير. التحلي بمكارم الأخلاق: كالصدق، والأمانة، والحلم، العفة، وسعة الصدر، والتواضع واختيار المفردة الملهمة الموحية ، ولين الجانب، وفهم رسالة الداعية الى الله تعالى بنهج سليم واسلوب محترم وعدم الانتصار للنفس، وحُسن معاشرة الناس، والرفق بهم واجتناب السقيم من الأقوال والأفعال، هي في تقديري مقومات هامة لمن يتصدرون أمر الدعوة فلا ـأتي بأرجوزات يضحكون الناس باحثين عن بريق لا يجدونه في أنفسهم لا علما ولا ذوقا ولا أدبا. شيخان مختلفان أحدهما ناثر عبير والآخر نافخ كير في زمن الموت والحزن والمسغبة التي حولت مسارح العالم الى مشارح!!