المصانع الحربية داخل الأحياء.. قنبلة موقوتة
منصة حرة
لن ننسى تلك الليلة التي قصفت فيها الطائرات الأمريكية مباني "التصنيع الحربي"، الذي طالبنا وقتها بنقله إلى خارج المناطق السكنية، وكان رد قادتها حينها للرأي العام، أن الانفجارات كانت بسبب "ماس كهربائي"، وضحكنا ليلتها حتى أدمعت أعيننا رغم الخوف والهلع الذي أصابنا وأطفالنا، وظهرت الحقائق مع طلوع الشمس عندما أعلنت أمريكا عن مسؤوليتها.
واليوم تتكرر ذات المشكلة بانفجار مصنع داخل سلاح الذخيرة جنوب الشجرة، ويتعرض المواطنين للهلع والخوف، وكان بالإمكان وقوع خسائر بشرية وتدمير للمنازل والممتلكات في الأحياء القريبة من مصنع الذخيرة، ولكن جات سليمة هذه المرة الحمدلله، ولكن لن تسلم الجرة كل مرة، لذلك نطالب بنقل كل الوحدات العسكرية التي تقع داخل الأحياء السكنية إلى خارج المدن والاكتفاء بنقاط حماية صغيرة لبسط الأمن وحماية المواطنين، وبذلك نحمل المسؤولية كاملة لقيادة الجيش في حال حدوث أي انفجار آخر، وحينها لن نقف موقف المتفرجين حتى نفقد المزيد من الأرواح الغالية.
ولأن الشئ بالشئ يذكر، كنا قد نبهنا قبل أشهر بضرورة تفكيك منظومة الصناعات الدفاعية (التصنيع الحربي)، التي ظلت وما زالت "كمباوند" مغلق بنسبة 100 في المائة لكوادر الإخوان المسلمين الملتزمين والمتشددين وأبنائهم وأقاربهم، إذ جاء الرد حينها بإعلان الجيش إعادة هيكلة "التصنيع الحربي" تحقيقاً لأهداف ثورة ديسمبر المجيدة، وتطهير هذا الجهاز من عناصر الإخوان وفلول المخلوع عمر البشير.
الهيكلة التي قضت بإنهاء خدمة 25 قياديا، بينهم ضباط ومهندسين وإداريين في التصنيع الحربي محسوبون على النظام البائد، لا ترقى إلى تطلعاتنا، فنحن نتحدث عن أكثر من 4000 موظف في هذا الجهاز، تم تعيينهم عبر الولاء التنظيمي والايدلوجي الصرف، ولا علاقة للأمر بالكفاءة والقدرة على الإبتكار والنهوض بهذا القطاع، فالمنظومة الدفاعية لم تتقدم ولم تتطور في العهد البائد، وتم استخدامها في استيراد أسلحة قديمة ومتهالكة، لا تستطيع حتى مجرد الرصد للطائرات التي تخترق مجالنا الجوي، فهذه المنظومة منهارة تماما، ومعروفة في مجالس السودانيين بمنظومة "الدفاع بالنظر"، ومجرد إعادة هيكلتها لن يحل هذه الأزمة، الأمر يحتاج إلى قانون خاص يصدر لإعادة بناء هذه المنظومة بكفاءات وطنية حقيقية، تعمل من أجل تسليح قوات قومية تحمي سيادة الدولة فعليا، وليس حماية تنظيم سياسي.
منذ العام 1993 تاريخ تأسيس التصنيع الحربي، لم نشهد تطورا في القوات المسلحة، ولا زيادة في قدرات الجندي السوداني، بل كان العكس تماما، اكتشفنا وجود خطة محكمة لتصفية القوات المسلحة لصالح تسليح المجاهدين والمليشيات التابعة لتنظيم الإخوان، ويحق لنا أن نسأل ماذا قدمت "صافات للطائرات" للجيش، بل ماذا قدمت "جياد للسيارات" وغيرها من شركات هذه المنظومة للقوات المسلحة، لم تقدم شيء للأسف، وظلت مجرد بؤر لتمكين عناصر الحركة الإسلامية بكافة أجنحتها في الداخل والخارج، وظل كل دولار يخرج من هذه المنظومة مشروعا لطلقة تستقر في قلب أو رأس مواطن سوداني، ولا حل إلا عبر إعادة البناء وفق أسس جديدة وقانون جديد وأهداف وطنية تتوافق مع أهداف ثورتنا العظيمة.. دمتم بود
الجريدة
نورالدين عثمان
manasathuraa@gmail.com