ضبطت السلطات أمس، شبكة إجرامية تنشط في تزوير رخص المركبات وشهادات البحث واستيكر المركبات، وقسيمة الزواج، والرقم الوطني. وكانت المضبوطات التي بحوزة الشبكة الإجرامية، عبارة عن 372 شهادة بحث مركبة 40 كرت رخص قيادة جديدة، إضافة إلى كاميرا ديجتال وماكينة تصوير ملون، و5 أجهزة لاب توب ماركات مختلفة، وماكينة تصوير، وجهاز كونكت وفلاش، بجانب 15 استيكر زجاجي جديد، و13 قسيمة زواج ورقم وطني. وهذه الشبكة ليست الأولى التي تم ضبطها، ولن تكون الأخيرة، والجميع يعرف أن شبكات التزوير تعمل في كل المجالات والأنشطة وتستخرج جميع الشهادات الرسمية وغير الرسمية، والكاش يقلل النقاش. والأخطر في هذه الشبكات، مقدراتها الفائقة على تزوير الشهادات طبق الأصل، يعني من المصدر مباشرة، وفي هذه الحالة يتم اختراق معلومات الجهة المستهدفة، وإضافة المعلومات لتصبح حقيقية، وبذلك تصبح الشهادة المزورة نافذة وسارية أمام الدوائر الحكومة والجهات المختصة، وكل شهادة لها ثمن حسب الطلب. هناك شهادات جامعية من الدبلوم وحتى الدكتوراه، للعمل في الخارج، وأخرى للعمل في الداخل، والأسعار حسب نوع الشهادة، وما ينطبق على الشهادات ينطبق على كل المستندات من قسيمة زواج، ورقم وطني، وشهادات ملكية، وبطاقات جامعية، وبطاقات عسكرية، وجوازات سفر، وتصل حتى إلى تزوير شهادات الميلاد. وفي تقديرنا، العقوبات الرادعة، لا يجب أن تطال فقط أفراد شبكات التزوير، بل يجب محاكمة كل مواطن يتعامل مع هذه الشبكات، وفتح كل الملفات التي بحوزة هذه الشبكات، وتدوين بلاغات تزوير ضد كل الأشخاص الذين ثبت تعاملهم مع الشبكة، وهنا لا فرق بين من يقوم بعملية التزوير ومن يدفع من أجل التزوير، وهنا "كلنا مجرمون". الداعم الأول لوجود هذه الشبكات الإجرامية، هو المجتمع، ولولا تعامل المجتمع مع هذه الشبكات، لما تمكنت من ممارسة هذه الأنشطة الي لا يتوقف ضررها فقط على الأشخاص، بل يتعدى ذلك إلى اقتصاد الدولة، وأخلاق المجتمع، ومخالفة تعاليم الدين، فمن غشنا ليس منا. بحثت عن إحصائيات رسمية عن عدد الشهادات الجامعية، والوثائق الرسمية المزورة التي تم ضبطها، لم أجد رقم معين، وقطعاً توجد هذه الإحصائية لدى الجهات القانونية المختصة، ومن خلالها يمكن أن نعرف أكثر القطاعات المستهدفة بالتزوير، وعمل دراسات علمية مختصة لمعرفة الأسباب التي تدفع أفراد المجتمع إلى هذا السلوك غير الأخلاقي. نتمنى بعد هذا التغيير العظيم الذي حدث على مستوى النظام السياسي، بعد ثورة ديسمبر المجيدة، أن تهتم الجهات المسؤولة بهذا السلوك الذي انتشر بصورة كبيرة في العهد البائد، وتورط عدد كبير من الموظفين في ممارسة التزوير بصورة واسعة، وننتظر التعامل بحزم مع كل المتورطين وكشفهم ومحاكمتهم، وعدم التهاون مع كل من يتعامل مع هذه الشبكات الإجرامية.. والثورة ليست فقط تغيير نظام سياسي، وحاكم بآخر، بل هي تغيير مفاهيم المجتمع، وكنس للفساد بكل أشكاله، وليس فقط فساد "التمكين".. حباً ووداً..