أضواء أكتوبر.. ومسطرة القياس !!

 


 

 


دعك من الإنقاذيين.. فهناك أيضاً كتابات وأصوات لمثقفين ومتعلمين تحاول أن تغمز من قناة ثورة أكتوبر ولكن أي محاولات لذم أكتوبر والتهوين من شأنها ما هي إلا فقاعات تذوب في الهواء الساخن.. فأكتوبر ثورة باسلة لها شهداؤها ومصابوها وفرسانها وشعراؤها ومؤرخوها ولها دوافعها وشعاراتها وتضحياتها ولها بهاؤها وجلالها.. والعارفون وضعوها في مكانها اللائق في الوجدان السوداني ودشّنوها تتويجاً لتراكمات النضالات السودانية.. بل قالوا إن أكتوبر (كان في أمتنا منذ الأزل..كان خلف الصبر والأحزان يحيا صامداً منتصراً).. وقالوا لأكتوبر:(اسمك الظافر ينمو في ضمير الشعب إيماناً وبشرى.. وعلى الغابة والصحراء يمتد وشاحا).. حتى أن (القيود انسدلت جدلة عُرسٍ في الأيادي).. وكان من أصدق نداءات أكتوبر التي تحقّقت في ديسمبر (ولسه بنقسم يا أكتوبر.. لما يطل في فجرنا ظالم)..! ومحاولة محو نضالات الأمم (صنعة بائسة) تصدر بين حين وحين في شتى البلاد عندما يحاول بعض الناس (القنزحة) بتفسيرات تحاول النيل من الهبات الوطنية بتخريجات متحذلقة مثلما كان يسخر بعض المصريين من (هبّة عرابي) ومواجهته لسطوة الخديوي ومن خلفه الانجليز ويسمونها (هوجة عرابي)..! كما حاولوا السخرية من نضالات سعد زغلول ورفيقيه علي شعراوي وعبد العزيز فهمي عندما ذهبوا إلى المعتمد البريطاني حينها الجنرال "ريجنالد ونجت" يطالبون بتقرير مصير الأمة فأشاع خصومهم أنهم ذهبوا يطلبون إعادة الإضاءة إلى بعض شوارع القاهرة..! وشهدنا مثل ذلك في الاستهانة بثورة على عبد اللطيف ومن جسارة ود حبوبة الذي كان طوال حياته لا يتوقف عن التحريض على الانجليز وإطلاق أهازيج المنافحة وحتى أمداحه كلها كانت عن المناجزة وعلى إيقاع الحربي (وليس الدقلاشي أو المخبوت)..وفي سطوة الاحتلال وسنواته الأولى قام بقتل المفتش الانجليزي "منكريف سكوت" والمأمور اليوزباشي محمد شريف..! لا بد من قياس الوقائع التاريخية بزمانها.. والشعب الذي لا يُحيي بطولات أبنائه وبناته يفقد كثيراً من حيوية الحاضر..ونحن كشعب تعترينا أحياناً حالة تبخيسية لرموزنا فلا نشعر بقيمة المبرّزين في ميادين البطولة والتضحية وفي ميادين الشعر والفنون والآداب والإدارة والطب والهندسة والعلوم والزراعة..الخ ونتجاهل نبوغ الأفراد وعبقرية المهنيين والميكانيكية و(البصارة الشعبية) والثراء الغنائي الموسيقى وهلمجرا.. مع أن فضائل السودانيين ونبوغهم مشهود به في دوائر العالم التي عرفتهم..ومنافحة السودانيين ورفضهم للقهر موجود في الأغاني الشعبية وأغاني البنات وأشعار الهمباته والمديح والدوبيت...الخ.. وهذه حكاية أخرى..!
أكتوبر من المعالم الوطنية وكانت أيامها ملاحم للوعي والتضحيات وكانت انفعالاً بوحدة الوطن واستشعاراً لمأساة الحرب في الجنوب ورفضاً للقهر العسكري.. والسودانيون في جملتهم لا يخرجون للشوارع (اعتباطاً) إنما يتناغم وجدانهم في أوان معلوم وكأنه اتفاق ترسمه الأقدار.. وهذا ما حدث في أكتوبر و(له البطولات الكبيرة والجراح الصادحه.. وله الحضور هنا بقلب العصر فوق طلوله المتناوحه).. وهي ذكرى عظيمة يجب أن يحتفي بها السودانيون كل عام وأوان.. وان شئت الاختصار فإن عظمة أكتوبر تؤكدها شهادة واحدة تعطيك (كل الزيت) وهي أن الإنقاذ كانت تعادي ثورة أكتوبر ولا تحتفل بها طوال سنواتها.. بل كانت تعاقب من يحتفلون بها وتُظلِم الشوارع في ذكراها ..(فمتى احتفلوا بأكتوبر حتى يخرجوا في ذكراه) ولو كانوا من العقلاء (حاشا لله) لما خرجوا..قالوا إنها مليونية فإذا بهم يكابسون في العشرية..!؟!
هل تريد يا صديقي شهادة اكبر على عظمة أكتوبر من كراهية الإنقاذيين لها وأنت تعلم إن الإنقاذ العقيمة لا تعادي شيئاً إلا إذا كان عظيماً جليلاً.. فهي تكره كل (مأثرة وطنية) وكل ممارسة شريفة وكل سيرة حميدة وكل (بقعة نظيفة).. وتعادي بفطرتها السقيمة كل أمرٍ يجُمع عليه السودانيون..!.. مرحباً أكتوبر الأخضر مرحى..!

murtadamore@gmail.com

 

آراء