إنّهُ النّدى في موضِعِ السَّيف

 


 

 

 


هل يعرف الجميع معنى ان يُقتاد شرطي في زيِّهِ الرسمي من ( النقطه ) التي يعمل بها اداءً لواجبه بواسطة قوّه مسلّحه يرتدي افرادها زيّاً رسميّاً ويُذهب به الى احد معسكراتها بعد ان اراد فرض القانون الأمر الذي تعارض مع مطلوبات تلك القوّه؟

هل يعرف الجميع معنى ان يُحَرّر مُتّهَم مقبوض عليه بتُهَم جنائيه خطيره بواسطة (عصابه) يتزيّا افرادها بزيٍّ رسمي ويقومون في هجومهم ذاك بتقييد أفراد قوّة الحراسه الشرطيين الثلاثه لذلك المتهم بالحبال ويأخُذون ( خِزَن ) الذخيره من اسلحتهم ويتركون الأسلحه والجنود المكتوفين ويأخذون متهمهم المُحَرّر ويتركون مكان الحادث الذي هو مستشفى الشرطه؟


هل يعلم الجميع معنى ان ( يُكَتَّف ) ضابط عظيم بالجيش السوداني ، وهو في زيّهِ الرسمي واثناء ادائهِ لواجبِهِ بواسطة قوّه أفرادها في زيّهم الرسمي ، أيضاً ، حضروا بأربعة تاتشرات واصطحبوهُ معهم الى مكانٍ مجهول بعد ان اشبعوهُ ضرباً وتصويراً وتبشيعاً ولم يتجاوبوا مع ( الإلتماسات ) الخجوله التي تلت اعتقاله؟

هل يعلم الجميع مدى خطورة إدخال قوات بكامل عتادها وتسليحها الى داخل الخرطوم بعضها قادمٌ من صحاري ليبيا وشاد وما خُفي كان اعظم ؟

هل يعلم الجميع ان هنالك رجلٌ استُشهِد في اقبيةِ تعذيبٍ ما ( بعد الثوره ) وان الشعب ( اجبر ) النائب العام على التدخّل وبعد ان تدخّل لم نسمع بانتهاء التحقيق او إكتمال التحريات وإحالة الأمر والمتهمين للمحاكمه مع ان الأمر بتلك البساطه وان الزمن الذي مضى يكفي ذلك ويزيد؟

وهل يعلم الجميع ان هناك ، الآن فقط ، أكثر من ثلاث مجموعات مسلّحه لكلٍّ منها زيّها الخاص بها واسلحتها ولا يُعرَف شيئ عن جنسيات افرادها او بعضهم على الاقل وأنّ بعض هذه المجموعات طغت الأخبار بأنها تقوم بتجنيدٍ جديد تكبيراً ( لكومِها ) وأنّ من بينِ مجنّديها معتادي إجرام وأنّ كتائب الظل وكتائب الطلاب والدفاع الشعبي والشرطه الشعبيه بكامل أسلحتهم طُلَقاء كخلايا نائمه لا يدري احدٌ متى ستستيقظ؟

هل يعلم الجميع ان حكومة الثوره التي صنعها ابناؤنا بدمائهم وارواحهم لم يخرج اي مسؤول فيها مدني كان او عسكري او شرطي او نائبِها العام او رئيس وزرائها ليتحدث إلينا ويشرح ما يحدث وماذا كان رد فعل الحكومه وهو نفس سلوك (الدغمسه ) والبعد عن الشفافيه والتجهيل الذي كان يحدث في زمن الإنقاذ؟

هل يعلم الجميع ان الأخ رئيس الوزراء قد اجتمع مع اجهزة الامن والمخابرات سليلة الإنقاذ مغتصبة ومُعذّبة ابناء الشعب وهم الذين حملت توقيعاتهم الرصاصات التي قتلت شهداء ثورة ديسمبر وهو الجهاز العقائدي الذي يطالب الجميع بحله وإحلال جهاز أمن بديل يحمل عنوان ثورة ديسمبر مكانَهُ؟


هل يعلم الجميع ان كل الضباط الذين شردتهم الانقاذ ذوو التأهيل العالي من الجيش والشرطه والأمن و هُم الذينَ ( رَكَزوا ) لعقودٍ ثلاثه وما انكسروا وقادوا ثورة ديسمبر مع الشعب يجلسون على ارصفة المجهول ما زالوا بينما تمتلئُ تلك الاجهزه بكل منسوبي النظام البائد ؟
هل يعلم الجميع ان الاخ رييس الوزراء رفض اصدار قرار سياسي باعادتهم للخدمه وهي سلطته حسب الوثيقه الدستوريه؟ بل ورفض الخروج اليهم ومخاطبة وقفاتهم امام مكتبهِ؟
وهل يعلم الجميع ان كل المداخل للقياده العامه يتم ( تتريسها ) في وجوه معاشييهم ببلوكات الاسمنت والاسلاك الشائكه عندما ينوون إستيفاءِ حقوقهم او تقديم طلباتهم للاعاده للخدمه؟ وهل يعلم الجميع أنّ مَن هم بالخدمه الان هم الذين شرّدوا معاشيي الآن تنفيذًا لسياسة التمكين التي قادتها الإنقاذ؟

قلت قبلاً ان ثورة ديسمبر قد سُرِقت. وقلت انني لا اعفي رئيس الوزراء من وِزر تلك السرقه او التواطؤ فيها. لا اتحدثُ عن ضعفٍ يقولُ بهِ البعض ولكني اتحدثُ عن مشاركه في تلك السرِقه. ( شكراً حمدوك ) تثيرُ في دواخلي الكثير من الإحباطات لأنني لا اتخيل ان يُشكرُ شخصٌ على كلّ هذا الأذى أوهذا الصمت على الأقل. يمكن أن اتأذّى من عسكريي تلك المِحنَه ولكن لا اتصور الاذى من رئيس وزراء الثوره ونائبٍ عام كثُرت الاقاويل حولَهُ ومازالَ يشغل ذلك المنصب وكانّ شيئاً لم يكن.
بتنا نتساءل أين الشّرَف العسكري والشرطي وأين الكرامه وهُمَا ما تُبنى عليهِما كرامة الوطن. شعور الإحباط والضآله لأفراد الشرطه والجيش (ليس) هو في وقوع الحوادث اعلاه ولكنه ، بصورةٍ رئيسيه ، في ما بعد الكارثه..
فهوَ يتمثّل في كيفَ تصرّفت ( القيادات )حيال ما حدثَ لافرادها بعد أحداثٍ هَزَمَت الروح المعنويه لكافة الافراد. الإنكسار ووضع الندى في موضع السيف بدعوى حفظ الامن ..إلخ لن يكونا الّا وبالاً على وطنٍ موعودٍ بمزيدٍ من التشظي.

melsayigh@gmail.com

 

آراء