د. حمدوك.. وجرثومة العقل العاطفي

 


 

مجدي إسحق
24 December, 2021

 

يؤكد علم النفس السياسي إن أكبر أفات قوى التغيير عندما تتخلى عن العقل المنطقي ويسيطر عليها العقل العاطفي.
العقل العاطفي ذاتي تؤثر عليه المشاعر المنفلته.. يبدأ بالنتائج ثم يبحث عن التفسير أو التبرير ليدعمها.. جامد لا يتزحزح من موقفه مهما تغيرت العوامل.. أحادي لايعرف الإحتمالات الأخرى ويرفض الإستماع إليها ومكابر لايقبل إلا الرأي الأولي متمترسا ومدافعا عنه ويرى في تجاوزه خيانة وإنهزام.
نجد إن جرثومة العقل العاطفي تسيطر على شرائح واسعة من قوى الثوره وهي تقرأ موقف د. حمدوك. حيث نجد إن الغضب والإحباط من موقفه إستنزفت الفكر وإستلبت الحوارات..وجعلت منه القضية الأهم فأصبح عدو الشعب الأول عند البعض وهدف سهامهم فأنطلقت الأسافير تدعم هذا الموقف تحكي عن علاقته بقوش تارة.. وعن أن دوره مسرحية أخرجها مع البرهان... وتقفز لتؤكد أنه الخائن وأنه عقبة في طريق الثوره.
إن العقل المنطقي هو عقل موضوعي يبدأ من الوقائع ثم يتلمس طريقه للوصول للنتائج...مرن في تفاعله يبحث عن الحقيقه لذا يحارب الجمود ويقبل كل واقع جديد ويعيد ترتيب النتائج يستند على منطقها ولا يؤتر عليه إحباط أو الغضب.
إن العقل المنطقي في نظرته للواقع سيؤكد لنا الآتي
أولا
إن الإتفاق قد أعطى الإنقلاب شرعية وأضعف خطى الثوره في تحقيق تغيير جذري في دروب التغيير.
ثانيا
إن تبرير موقف حمدوك بحقن الدماء والحفاظ على المكتسبات فإننا وإن إختلفنا معه على أهميتها وحجمها.. لكننا لانستطيع ان ننكر أن هناك إختلافا ولو بسيطا في مستوى العنف الواقع على الجماهير قد حدث.
ثالثا
إن حملات التخوين ومحاكمة النوايا ليست لها من الأدله سوى الروايات وأن الوقائع تعكس إن الإتفاق لم يكن خطوة أحاديه بل هو مشروع قدمته بعض رموز قوى الحرية والتغيير وعندما وافق عليه ورأت الغضب الشعبي إنسحبت ولم يفتح الله عليها بكلمة عن خطيئتها أو إعتذار عن دورها.
إن قراءة هذه الوقائع بموضوعية تتجاوز العقل العاطفي والمشاعر المنفلته تجعلنا نصل للآتي
أولا
ليس هناك من أدلة وقرائن تجعلنا نصف حمدوك بالخيانه.. ولكن حتما ليس هناك مايجعلنا ننساق بالتهليل والإحتفاء بذكائه الخارق وحنكته التي سيثبتها الزمن.بل تقول الوقائع أنه سياسي قد قرأ الوقائع وأتخذ من المواقف دون مشورة كافيه جعلته في الموقع الخطأ ضد إرادة شعبه وأحلامه.
ثالثا
إن عجلة التغيير تتحرك للإمام ولا يجب أن يعطلها أو يؤثر عليها وجود حمدوك فهو ليس هدفها في التغيير. إن مايؤثر على عجلة التغيير حقيقة.. أنه مازالت قوى الثوره تتراوح بدون قيادة متحده وبدون برنامج واضح وبدون خارطة تغيير لكيفية حدوث التغيير.
رابعا
إن عجلة التغيير من مصلحتها أن يكون حمدوك في موقعه فهو حتما خيرا من أن يكون هناك أحد خبرائهم الاستراتيجيين أوأصدقائهم المتأسلمين.... فالواقع يعكس محاولات حمدوك البطيئه في تفكيك أثار الإنقلاب وقطع الطريق أمام تمكين المتأسلمين على مفاصل الدوله.
إذن محصلة قراءة الوقع بأدوات العقل الموضوعي...تخبرنا بأن أزمتنا هي في ضعفنا نحن قوى الثوره وتشرذمنا وغياب رؤيتنا وعدم وجود قيادة... وأن د. حمدوك ليس عدوا للثوره وأنه وجوده في موقعه الآن هو خيار أفضل للثورة والثوار.... وأن مصلحة شعبنا في وجوده اليوم.. لأننا سنضمن عدم إستمرار برنامج الإنقلاب في التمكين وسيعطي قوى الثوره فرصة وزمنا هم في أشد الحوجة إليه لترتيب أدوارها وتنظيم أنفسها لقيادة التغيير...
أحبتي
فلنحارب جرثومة العقل العاطفي المتأرجحه بين هتافيه مات الملك وعاش الملك.... ولنركز على أزمة التشرذم بين قوى الثوره والإقصاء والتخوين حتى نتجاوز عنق أزمتنا ولو بعد حين(لا نعلم مداه) فمن الأفضل أن يكون على مجلس السلطة رجلا لا يزيد الوضع سؤا وتردي... وله وزن في العالم لا يستطيع العسكر تجاهله ويسعى بينهم ولو ببطء وعلى إستحياء في تفكيك أثار الإنقلاب.. او بالحد الأدنى إيقاف تمدده.
فياشعبنا أتركوا حمدوك .. ولانضيع جهدنا في الهتاف له او عليه أو البحث عن التفسير والتأويل لمواقفه..فلا نهدر فكرنا وطاقاتنا.... فلنضع طاقتنا في كيفية توحدنا.. ولنضع فكرنا في رسم رؤيتنا وإتفاقنا...وحتى نرتب دارنا.. فلنقم بدورنا في ذلك.. و
أتركوا حمدوك يقوم بدوره...فإن توحدنا فسيخرج من رحم الشعب الف حمدوك وأفضل... ولكن الان علينا الإهتمام بدورنا فهو الأهم وهو الحاسم في رسم خطى التغيير....
وقوموا لثورتكم يرحمكم الله

 

آراء