لقد كنت اقبل فرده حذاءك واضمها حتي انام
اسامه سراج
22 March, 2022
22 March, 2022
كنا في محطه اسمها (الحجيرات) ليس فيها من مظاهر الحياه حينئذ الا بيوت السكه حديد التي لاتتجاوز السته او السبعه بيوت كانت اقرب قريه منا تبعد عده كيلومترات هي (حله البرنو) كانت تقطعها حاجه عشه يوما واخر وتاتي لي بالحلوي كان عمري خمسه سنوات وكانت حاجه عشه صديقه لامي وكانت امي تهش لها وهي تنادي عليها فافرح بمجيها وهي تنادي يا اسامه قد اتيت لك بحلاوه (دربس) لم يكن يتحرك في الحجيرات شي الا ان يشق سكونها صوت القطار وغالبا لايتوقف فيها ماضيا الي سنار فسنار هي المدينه الاقرب الينا لست ادري ماالذي دفع بامي لان تترك اهلها وعشيرتها في شندي وتسكن في هذه القفار الموحشه وحين اكثرت لها السوال ردت هل تريدني ان ابقي بين اهلي هناك واترك ابيك لوحده في هذا الخلا ...الا تدري بان اباك يتيم لم اسالها بعد ذلك فقد كان ابي ناظر هذه المحطه الصغيره وقنعت بالوحشه وقنعت امي باقدارها...وذات يوم اصبت بداء الحصبه وتدهورت حالتي الصحيه وانزعجت امي واتت لها حاجه عشه من حله البرنو بالاعشاب والادويه البلديه فلم يكن هناك مستشفي ولا مركز صحي ولاطبيب في قريتها ولا عندنا وبقيت امي تساهر واسمعها تتلو علي ايات من القران وتصبح متقرحه العيون من فرط السهر الا ان حالتي ساءت مما استدعي ابي لنقلي الي مدينه سنار وكان مشهدا فيه من المعاناه مالايمكن تصوره كان عليه ايقاف القطار وتلك تستدعي اتصالات بالرياسه وبرتوكولات لاتنقضي في السكه حديد انذاك ووصلنا سنار وادخلت المستشفي وقررالطبيب ان ابقي في عنبر الاطفال لايام عديده ...وهو لايدري ان هناك ام في وسط الفيافي ليس معها احد الا طفلتها الصفيره ذات الشهور السته لايقطع صوت انينها الا فحيح الافاعي التي كانت تجوب الحجيرات في ظلام دامس فلا نور هناك الا من مصباح زيتي لايكاد يضي الا تجتمع العقارب من حوله وبالطبع ليس هناك اتصالات ولا تلفونات فتطمين قلبها الشفوق لا ادري مدي معاناتها ولا يعرف ذلك الا قلب ام ملتاع مثلها واليوم الثالث لي بالمستشفي جاء ابي مقطب الجبين وقال لي تعال وخرج من باب المستشفي ومن بعيد لمحت امي تحمل طفلتها تحت شجره تجلس القرفصاء وما ان راتني حتي علا صوتها بالبكاء ...كيف جاءت من الحجيرات لست ادري مدي الجهد الذي بذلته حتي تصل الي سنار ولم يسمح لها بدخول المستشفي لانها اتت في غير المواعيد المسموح بها للزياره ام لاني كنت في(عنبر الكرنتينه ) وهو للحالات الحرجه لست ادري غير ان صوت نشيجها يتردد لايزال في اذني وصوت ابي يلومها في المجي وعدم المكوث حتي اخرج بالسلامه وبكت وبكيت ولم يجد ابي بدا الا ان يشاركنا البكاء تحت تلك الشجره في سنار ..وبعدها اعادني الي العنبر ومضي بها ليعيدها الي الحجيرات عن طريق القطار ويرجع من جديد وتحسنت حالتي ربما لرويتها وحضنها الحنون الذي اذهب عني حراره الحمي ربما لدموعها التي بللتني بها ممزوجه بلوعه حرماني ...لم تمضي الا ايام قليله وبلغت العافيه بحمدلله وخرجت من المستشفي مشتاقا لمحطه الحجيرات محطه ست الحبايب ما ان و صلنا الا وهرولت الي محطه القطار واخذتني باحضانها وهي تبكي ايضا ان اقدارنا الدموع عند اللقاء وعند الوداع وجلست تسامرني وتحدثني عن مدي وحشتها في غيابي عن الليل الطويل وسهرها ودعايها الذي لايقطعه الا صراخ طفلتها الصغيره فسالتها اذا ماذا كنتي تفعلين يا امي لتنامي فاخرجت لي من تحت وسادتها فرده حزاء صغيره كانت وقعت من رجلي وابي يحملني الي المستشفي في سنار لقد خرجت في اثرنا لتلقي علي بنظره وداعها الباكيه فوقعت فردت حزايئ قرب القطار فالتقطتها ولم تتمكن من ان تلبسني اياها فان القطار تحرك مسرعا وتركها في لوعتها لوحدها في ظلمه الليل البهيم ....قالت( ياولدي لما كان النوم يطير مني بمسك فرده شبشبك دي بسلم عليها واشمها واحضنها عشان يجيني النوم) لقد كنت اقبل فرده حزاءك حتي انام ..اني اقبل يا امي الان ثري قبرك الطاهر ام اقبل في الخيال طيفك ام اجوس الديار فلا انام ..كان شفت الزمن يا يمه وداني بعيد خلاص دردرني يايمه وريني الخلاص....واشريري يافاطمه حاج سليمان