حميدتي ومليشيات الجنجويد (الدعم السريع) ما بين الأمر الرباني وليلة بدر 

 


 

فيصل بسمة
22 April, 2022

 

بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.


جآء في سيرة محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي أنه قد نشأ راعياً للأبل بينما ذكرت روايات أخرى أنه كان تاجراً للحمير ، و مع إندلاع الحرب الأهلية في دارفور أصبح حميدتي مقاتلاً مدفوع الأجر ضمن مليشيات تعمل لصالح الحكومة ضد المتمردين المسلحين ، و قد ذكرت الروايات أن حميدتي قد أبلى بلآءً حسناً في القتل و المعارك فلمع نجمه و ترقى حتى أصبح قآئداً لمليشيات الجنجويد (الدعم السريع) ، و نتيجة لقتاله و شراسته و إطاعته للأوامر خُلِعَت عليه الألقاب العسكرية الرفيعة جزافاً...

و هكذا ترعرع حميدتي و ذاع صيته مقاتلاً مأجوراً يخدم مصالح الجماعة (الكيزان) و نظام الإنقاذ في الحرب الأهلية في إقليم دارفور و أيضاً في النزاعات المسلحة و الإحتجاجات المدنية في بقاع أخرى في بلاد السودان...

و لما تطور أمر مليشيات الجنجويد و أُسبِغَ عليها إسم الدعم السريع إمتدت عملياتها القتالية إلى خارج حدود السودان  فكان إشتراكها في حروب الوكالة المدفوعة الأجر (الإرتزاق) كما حدث في حرب اليمن حيث حاربت مليشيات الجنجويد نيابة عن المملكة العربية السعودية و حلفآءها من دول الخليج الفارسي ضد اليمنيين و جماعة الحوثيين...

و نتيجة لخدمته و طاعته للجماعة و الرئيس المخلوع البشير أطلق عليه الأخير لقب (حمايتي) بدلاً عن حميدتي ، و هنالك تسجيل مشهور للمخلوع يتحدث فيه على شاشة تلڨزيون جمهورية السودان من محلية مرشينج في جنوب دارفور عن (مخزونه الإستراتيجي من الرجال) أطرى فيه الرئيس المخلوع كثيراً على حميدتي و شكره على إمداده بالرجال و بإكثر مما إحتاج و طلب!!!...

و إلى جانب توفير الحماية القانونية و عدم المسآءلة و التمويل و التسليح سهل النظام و الجماعة (الكيزان) لحميدتي و مليشياته النهل و الغرف من مخزون الدجل الديني الكيزاني و أساليب و طرق الإتجار بالدين من أجل الكسب المادي و السياسي من غير الطرق المشروعة ، و نتيجة لذلك توسع و تمدد النفوذ الأمني و السياسي و الإقتصادي لحميدتي و أسرة دقلو و مليشيات الجنجويد (الدعم السريع)...

و ظل حميدتي يعمل في خدمة البشير و نظام الإنقاذ و الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) بإخلاص و تفاني حتى لحظة خلع البشير ، و قد إنخرط حميدتي مؤخراً و حالياً في أمور السياسة و إدارة بلاد السودان...

الدجل الديني و الإتجار بالدين من أجل الكسب الدنيوي و حصد التأييد أمر قديم قدم ألاعيب السياسة ، و ليس من المستغرب أن يلجأ حميدتي و آخرون لمثل هذه الأساليب من أجل المكاسب السياسية أو من أجل طلب العفو و السماح بغرض الإفلات من العقاب كما في حالة حميدتي...

و يبدوا أن حميدتي ما زال أسير الوهم بأن ما يقوم به مع مليشيات الجنجويد (الدعم السريع) من إرتزاق و قتل و نهب و سلب و إغتصاب و فساد و نشاطات أخرى هو ”أمر رباني“...

و على المهتم بأمر حميدتي ”الرباني“ الرجوع إلى ڨيديو يعود تاريخه إلى ليلة في أواخر شهر رمضان ١٤٤٠ هجرية ، ليلة ما قبل مجزرة فض إعتصام القيادة العامة ، يظهر فيه حميدتي و هو يتحدث إلى جماعته من جنود الجنجويد (الدعم السريع) بعد أدآء صلاة الجماعة و غالباً ما تكون صلاة التراويح (يُنَوِّرُهم قبل عملية الفض) و يحدثهم عن أن:

الظلم ظلمات...

البِتسُو فيهو ده هو الصاح...

مهمة الدعم السريع ”حاجة ربانية“ تطلع البلد إلى بر الأمان...

الناس ديل (يقصد الثوار) البقولو فيهو ده غلط... و بضايقو المواطن... و ما بعرفوا صليحهم من عدوهم...

و كذلك الڨيديو الآخر المسرب خلال الفترة الإنتقالية لجندي يتحدث أمام إجتماع لمليشيات الجنجويد (الدعم السريع) عن حلم و رؤيا رأى فيها الجندي القآئد حميدتي المنصور بإذن الله في الجنة و هو يلتهم البيض المسلوق!!!...

و في ڨيديو حديث متناول بتاريخ الثامن عشر (١٨) من أبريل ٢٠٢٢ ميلادية يظهر حميدتي و هو يخاطب جمعاً ، و يبدوا أن الجمع لجماعة من الصوفية ، و في محاولاته المستمرة و المستميتة في عالم الدجل و التمثيل الديني من أجل إستمالة الجماعات الصوفية و كسب عطف البسطآء و إكتساب الشرعية و صرف الأنظار عن نشاطات مليشياته و إنتهاكاتها المتعددة ذكر أن:

الطرق الصوفية هي صمام الأمان...

الطرق الصوفية حارسة السودان...

السودان محروس بالدعآء...

الدعم السريع (مليشيات الجنجويد) توأم للقوات المسلحة...

و كأن حميدتي قآئد المليشيات ”التوأم“ يدعو شيوخ الصوفية إلى الدعآء له و حراسته هو شخصياً و مليشياته بحكم أنه و مليشياته ”التوأم“ يمثلون الآن السلطة و بلاد السودان و أنه شخصياً يلعب دور المنقذ الحريص على وحدة البلاد و أمن العباد...

و إمعاناً في الدجل و التمثيل الديني و بصورة تثير الغثيان و تدعو إلى التقيوء الفوري ذكر حميدتي أن قوات الدعم السريع (مليشيات الجنجويد) قد أنشأت داخل مسجد ، و لم يكتفي بذلك بل أضاف أن التكوين كان في ذكرى ليلة معركة بدر في السابع عشر من شهر رمضان!!!...و يالها من نشأة و ياله من موقع و يالها من ليلة ، و كاد حميدتي أن يصرح بأن ليلة التكوين كانت صافية السمآء و باردة العليل و تفوح فيها روآئح المسك و محضورة بسيدنا جبريل و كتآئب من الملآئكة و جوقة من أرواح الصحابة و التابعين و حشد من أنفس الصالحين و شيوخ الطرق الصوفية من أصحاب الأبنية و القباب ، هذا إلى جانب أرواح الشهدآء و القرود الدَّبَّابَة و ربما غزالة إسحاق فضل الله!!!...

و فات على حميدتي أن يخبرنا أنه ، و كعادته مع حلفآءه و شركآءه و كما فعل مع حمدوك ، قد طلب من البشير ساعة التكوين أن يحلف معه في مصحف يخصه خُطَّ باليد مع القسم بأن:

الخآئن... الله يخونو...

و يبدوا أن حميدتي لا يعلم بأن الله سبحانه و تعالى متنزهٌ عن كل نقيصة ، و أنه عز و جل لا يخون...

هذه النشأة الطاهرة و ذلك التكوين السامي و تلك الليلة المباركة المحضورة و كل تلك القداسة الدينية لم تمنع مليشيات الجنجويد ”البدرية“!!! ”توأم“ القوات المسلحة و لا قياداتها ”الربانية“ عن إرتكاب الإنتهاكات و المجازر و القتل و سفك الدمآء السودانية و اليمنية و دمآء ذات جنسيات أخرى في حروب الإرتزاق هذا غير الدمار و الحرآئق و إغتصاب الإناث و الأراضي و نهب موارد الدولة السودانية و أنواع أخرى عديدة من الإنتهاكات و الفساد...

ختاماً:

المؤكد أن تحركات حميدتي الأخيرة هي فرفرة المذبوح و حشرجة ما قبل خروج النفس...

و يبدوا أن بلاد السودان موعودة بصيف سياسي قآئظ شديد الحرارة...

صيف الثورة الظافرة و ليالي السكاكين المشحوذة!!!...

و الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.


فيصل بسمة

fbasama@gmail.com

 

آراء