السودان: بين مواتر تسعة طويلة ومواتر إسعاف مصابي وشهداء الثورة

 


 

 

مقدمة .. للتذكير :
الترابي: لنافع المجرم إذهب لايران تلميذاً
الترابي: للبشير إذهب انت إلى القصر رئيساً
الترابي: للترابي سأذهب أنا للسجن حبيساً
الترابي: لنافع أرسلتك تلميذاً وعدت سيافاً
الترابي: لنافع اليوم سلمتني فاسقاً زنديقاً .
*المعني هنا الشهيد د/ علي فضل
***

وأعني بهذا العنوان الرمزي ، الهزائم والنكبات التي لحقت بشعب السودان في تاريخه الحديث ، حتى الأحدث منه .
إن مكامن الصراع في السودان ليس خفياً ، وليس جديداً ، إنه صراع طويل قادته فئات أو قل طبقات . تعمل لسودان يحقق لها طموحاتها في الإستئثار بالثروة والسلطة والنفوذ ( المحتمية دائماً في مسارها بتسعة طويلة باشكالها المختلفة ) وفئات أخري أو طبقة أخرى وهي الطبقة التي تسحقها أحلام وتطلعات الطبقة الأولى المستاثرة بكل شئ ، وهي طبقة الشعب ، بأغلبييته المسحوقة. (المحتمية في مسارها بمواتر إسعافها عند كل ضرورة وحاجة ).
ولم يقعِد بالسودان الإ هذا النزاع أو الصراع المتواصل ، وغير المتكافي . وإذا تابعناه بشكل مختصر وسريع ، وجعلناه مجرد سرد لخطوط عريضة ، حتى لاتتأذى العين ، ويتورم القلب ، وتنفقع المرارة . نجده قد بدأ منذ قيام الثورة المهدية التي إندلعت عام 1881م بقيادة محمد أحمد المهدي ، ونجحت لأنها كانت في حينها وأوانها وظرف زمانها ثورة كاملة الدسم ، في تحرير السودان من الإستعمار الثلاثي المصري التركي البريطاني ، وطرده من بلاد السودان ، ونجحت كذلك في تأسيس دولة كاملة الأركان ، ولكن قبل هزيمتها بيد المستعمر ، كانت قد هُزمت قبل ذلك بيد مواترها بقيادة تسعتها الطويلة ، بل ومن داخلها وبيد خليفة مهديها ،الذي حين بدأ أول ما بدأ ، بالإقصاء من داخلها ، باستبعاد بعض قادتها وصناعها وفاعليها ، ثم أعقبها بالحروب مع الجهات الأخرى "حربه مع الأشراف". التي لها رؤى أخرى في مسار الدولة ، ليس بالقبيلة والعشيرة وأهل الولاء وليس الكفاءة ، كل ذلك مع سوء ادارة الدولة ، حتى وصل شعبها إلى مجاعة سنة سته المشهورة (1889م- 1890 م) وهكذا الثورات تأكل بنيها ( إلا الإنقاذ اكلت أبيها - تخريمة ) ، وبذلك هُزمت الثورة المهدية في مهدها ، بفعل قادتها ، وإن جاهدت وهبٌَت مواتر الإسعاف الثورية من أبناء الشعب عموماً ، في موقعة كرري ، لإنقاذ الثورة ، من براثن الإستعمار ، فماتوا أبطالاً. واستشهد الآلاف . وتبعتها الهزيمة الأخيرة في معركة أم ديبكرات ، واستشهد فيها جُلَ قادة الثورة المهدية ، وعلى رأسهم الخليفة عبدالله ، وكانت الحصة وطن ، لهم الرحمة والمغفرة جميعهم ، وسجل التاريخ نهاية الثورة المهدية، التي لم يتبين قادتها ، صراع المواتر هذا ، لأنهم لم يستوعبوا هذا الصراع ، ولم يستصحبوا معهم ، أهداف ومرامي الثورة ، ووفروا للمستعمر ثغرات إحهاضها .
وهكذا حتى ثورة 24 . التي كان من الممكن أن تكون بذرة لسودان جديد متنوع ومتوحد . خرجت لها مواتر تسعة طويلة . وأجهضت مراميها بدواعي عنصرية متخلفة ضد قادتها الأفذاذ والذين كانوا يمثلون جموع أهل السودان ومشاربهم العرقية والإثنية . وتتواصل تسعة طويلة ، في إجهاض المسيرة والثورات ، لفتح كوة لسودان حديث .
نجدها تسعة طويلة تواصلت حتى مؤتمر الخريجين ،الذي تَكوَّن برؤى متقدمة ، ومستنيرة، أُعلنت قبرته ، حين خرجت البلاد بحصيلة حزبين طائفيين استأثرا ، بالنفوذ والسلطة والثروة والجاه ، وهرع إليه من هرع ، من المستنيرين من قيادات مؤتمر الخريجين ، ومنه تكونت نخبة أساسها الحزبين الطائفيين تماهت معهما بل أندمجت فيهما ، وأدمنت الفشل معهم وبهم ، نتاج خطأ تاريخي لازلنا نعاني منه حتى يوم الناس هذا ، وانداحت هذه الطبقة المستنيرة ، الطبقة الوسطى أو طبقة البرجوازية الصغيرة التي تكون منها حزب الوسط ، وهو حزب الوطني الإتحادي الذي ساهم قادته وقادوا قاعدته الجماهيرية في الإتجاه الصحيح، ذلك الزمان ، حتى نال السودان استقلاله ، ومن هذا النجاح ، شكل الحزب الوطني الإتحادي ، أول حكومة وطنية. ولكن جرثومة تسعة طويلة ، تدخلت ، وتحولت الحكومة بفعل فاعل صوب خطأ
تاريخي آخر . والتزمت بشعار تحرير لا تعمير ، واسقطوا رؤية التنمية ، من برامجهم ، واهتموا فقط بالصراع حول من يتسلط ، قبل الآخر المنافس. إلا أن تمكنت تسعة طويلة ، من تسليم السلطة و"الجمل بما حمل" إلى إنقلاب الجنرال عبود ، وانتظمت ، مواتر الإسعاف الثورية ، في عملها ، وبجميع مكونات الشعب ، حتى انتصرت في ثورة اكتوبر المجيدة ، وهنا ترعرعت وفرهدت وحضرت تسعة طويلة ، بكامل أسلحنها الفتاكة لإجهاض الثورة ، ونجحت هذه المرة نجاحاً منقطع النظير ، لدخول عنصر جديد قائداً لها ، نعترف له بحنكته ، وقدرته على التخطيط التآمري ، وهم بالطبع تنظيم الأخوان المسلمين ، الذين قادوا كل جهدهم لإجهاض الثورة تحت قيادتهم المستَترة بغطاء الحزبين الطائفيين ، والغطاء الديني ، وبقدرتهم المعروفة في استخدامهم لعنصر الدين والغاية تبرر الوسيلة ، ساعدهم في ذلك جهل قيادة الوسط ، التي إنصاعت لهم صاغرة .،وقادتهم بجماهيرها في هذا الإتجاه الملتوي ، وأدى إجهاض الثورة ، الى دفع اليسار ، إلى حين ، لمساندة إنقلاب نميري ، بعضهم نكاية في تحالف اليمين ، وبعضهم رغبة في إستعادة أشواق وأحلام شعارات اكتوبر ، إلا أن الإنقلاب إنقلب عليهم وأكلهم جميعأً يوم أَكلوا هم الثور الأبيض ، وجاء يومهم الأخير ، وعادت الكرة مرة أخرى ، يوم أكلهم جميعأً ، للمرة الثانية لغفلتهم ، حليفهم الإسلاموي الذي ساروا وراءه ، مغمضي الأعين ، جرياً وراء مصالحهم الذاتية والحزبية . وكان ذلك بداية عقدهم الخياني الذي وقعوه مع نظام مايو بمصالحته عام ٧٧م وما يلي ذلك معروف . فقد رتبوا أمورهم ، وساعدت مواتر تسعة طويلة داخل المجلس العسكري ، بعد ثورة ابريل 85 م وتسيدوا الساحة بعد أن أعانهم تساهل الراحل الصادق المهدى في ديمقراطيته الثالثة ، وإن لم يصل تسعة طويلة ، التي قادها بنفسه الإتجاه الإسلاموي حتى انقض على السلطة بكاملها وملأ بها الأرض جوراً وفجوراً وتخريباً، في إنقلاب يونيو 89م. المشؤوم والمكروه

حتى لحظة إنعتاق الشعب السوداني من قبضتهم بإندلاع الثورة العظيمة في ديسمبر المجيدة .
إلا أن عجلة مواتر تسعة طويلة لم تتوقف ، تقابلها هذه المرة بقوة اكثر وعزيمة خرافية وإصرار متين ، قاده الجيل الراكب راس ، صاحب المواتر الإسعافية ، لإسقاط إنقلاب 25 اكتوبر .
فياهؤلاء قادة جماهير أحزاب الوسط المستنير ، بكتابكم ومثقفيكم ، وصحفييكم ، هل ستواصلون أخطاءكم التاريخية وتقفون مع جماعة مواتر تسعة طويلة ، أم تساندون مواتر اسعاف جرحى وشهداء ثورة ديسمبر الخلاص والأمان ، وأنتم على يقين وتعرفون كجوع بطونكم ، وبطون شعبكم التي قضى عليها الجوع والمسغبة ، المتطاولة زماناً طويلاُ مغبونة وحزينة و مقهورة.
هل تعوون وتعلمون :
-أن الردة مستحيلة
-وأن الشعب أقوى وأبقى
-وأن الثورة مستمرة.
حافظوا على قواعدكم داخل ميادين الثورة فهم جزء أصيل منها ، حتى لا ينفضّوا من حولكم ، كونوا مع مواتر اسعافات الجرحى والقتلى الشهداء ، وخلاص السودان وأمنه وأمانه ، ونهائياً. من التاريخ الممتد لتسعة طويلة المشؤوم .
والنصر لمواتر إسعافات الجرحى والمصابين والشهداء الثورية.

omeralhiwaig441@gmail.com
//////////////////////

 

آراء